قال نازحون من الموصل الى بغداد إن «الدولة الإسلامية» يقيم حواجز ثابتة ويسير دوريات ل «قضاة الحسبة» المرتبطين ب «خليفة الدولة الإسلامية». ويضيقون على الحريات، ويجمعون الأموال باسم الزكاة، ويعتقلون المخالفين والممتنعين عن الدفع في أقفاص حديد تحملها شاحنات متوسطة الحجم. وأكد أحد طلاب المدرسة الدينية أن التنظيم حولها الى حظيرة للمواشي التي ينهبها من المناهضين له. وكانت مجموعات سنية وعلمانية مسلحة، بالتنسيق مع «الدولة الإسلامية»، فرضت سيطرتها على الموصل في 10 حزيران (يونيو) الماضي، بعد انسحاب القوات الأمنية المحلية والاتحادية والشرطة منها، وتركت معسكراتها من دون قتال. وسرعان ما انقلب التنظيم على الشركاء ووضعهم أمام خيارين، إما مبايعته على الطاعة أو الخروج من المدينة. وقال عبدالكريم الخزرجي (55 عاماً)، وهو عسكري متقاعد وصل إلى بغداد أول من أمس عبر مطار السليمانية، إن «الأوضاع المعيشية في الموصل تتراجع يوماً بعد يوم مع استمرار فرض الأحكام الظلامية على الناس هناك». وأضاف أن «عناصر من داعش يعملون في ديوان الحسبة توزعوا في أرجاء المدينة على شكل حواجز ثابتة تعتدي على كل امرأة لا ترتدي النقاب، وفي حال وجود رجل يرافقها يتم اعتقاله أيضاً للذهاب بهما الى قاضي الحسبة الذي يحكم عليهما بالجلد، وأخرى عبارة عن مفارز متنقلة تردع النساء اللاتي لا يرتدين النقاب ويتم ضربهن أمام الناس». وزاد: «مساء الخميس الماضي تعرضوا (أي عناصر داعش) لطبيبة نسائية معروفة في الموصل اسمها لمى، وتسكن في حي الجوسق في الجانب الأيمن من الموصل، واعتدوا عليها بالضرب بالعصي على رأسها حتى أدميت أمام مدخل مستشفى الجمهورية لأنها لم تكن ترتدي النقاب». وتابع: «قبل يوم من ذلك اعتدوا على امرأة وزوجها أثناء تجولهما في حي النور، في الجانب الأيسر، وهو حي مختلط من مسلمين ومسيحيين، لأنها من دون نقاب، ما أثار غضب الأهالي الذين هاجموا هؤلاء بالعصي والحجارة وطردوهم من المنطقة». وعن طبيعة المناطق التي ينتشر فيها عناصر»الحسبة»، قال الخزرجي: «توزعت حواجزهم ومفارزهم في مداخل الاسواق التجارية التي تشتهر بكثرة متاجر بيع الألبسة ومخارجها، والمركز التجاري في حي الجامعة، والشوارع الرئيسية في حي الزهور الراقي، وسوق النبي يونس». وأكد زهير الجلبي، وهو رئيس مجلس إسناد أم الربيعين (الموصل)، أن «الأنباء الواردة اليوم (أمس) من المدينة تؤكد أن مسلحي داعش انتشروا بشكل غير مسبوق في الأسواق لجمع الزكاة ترافقهم شاحنات تحمل أقفاصاً حديداً يعتقلون فيها من يمتنع عن الدفع». وأشار إلى «مجموعات تحسب نسبة الأرباح وفقاً للوارد اليومي وأخرى تفرضه على رأس المال الموجود في المتجر». وشكا صلاح البدران، وهو تاجر أدوات منزلية في اتصال مع «الحياة»، حالة الكساد التي تضرب أسواق الموصل، مشيراً إلى أنه «بسبب نقص السيولة لدى الناس لعدم وجود تبادل مع مدن ومحافظات أخرى وتوقف صرف رواتب الموظفين، نبيع بضائعنا بأسعار بخسة تقل عن أسعار كلفتها بحثاً عن السيولة لتتسنى لنا إعالة أسرنا». وزاد أن «الأهالي بعد نفاد مدخراتهم المالية وعدم وجود بنوك لاستغلال أرصدتهم شرعوا في عرض مقتنياتهم للبيع لإطعام أبنائهم». وكشف أحمد الجبوري، وهو طالب في مدرسة الروضة المحمدية الدينية في الموصل وفرّ إلى بغداد حديثاً، في تصريح إلى «الحياة» وبلهجة مؤلمة، عن أن «داعش حوَّل المدرسة بعد طرد إدارتها وطلبتها وإغلاقها، الى حظيرة للمواشي التي ينهبونها من طوائف مسلمة وديانات أخرى». وتقع المدرسة المحمدية في حي الرفاق في الجانب الأيسر من الموصل وتضم مسجداً يحمل الاسم نفسه، وسبق أن دهمتها مجموعات تابعة ل «داعش»، واختطفت 20 طالباً منها ثم أطلقتهم بعد مفاوضات مع زعماء قبليين.