سجلت منطقة الخليج العربي خلال الأيام الماضية ارتفاعاً ملحوظاً في درجات الحرارة، لامست حاجز ال50 درجة مئوية خلال الأيام القليلة الماضية. فيما سجلت مدينة القيصومة – بحسب خبير فلكي «أعلى درجة حرارة على مستوى العالم، إذ بلغت 49 درجة مئوية». وشهدت الكويت والمنطقة الشرقية من السعودية درجات حرارة مماثلة، إذ سجلت الأحساءوالكويت قبل أيام 51 درجة مئوية، ما جعل التنقل في النهار متعباً ومرهقاً، زاده بِلة ارتفاع ملحوظ في نسب الرطوبة في المناطق الساحلية، لم تستثن حتى محافظة حفر الباطن، التي تبعد أقرب نقطة فيها عن البحر مئتي كيلومتر. غير أن التوقعات ترجح أن «تنكسر موجة الحر خلال الأيام المقبلة، خصوصاً في الليل»، بحسب عدد من الفلكين. وقال رئيس مرصد «الزعاق للدراسات الفلكية والجيوفيزيائية» الباحث الفلكي خالد الزعاق: «إن اليوم (أمس الثلثاء) آخر موسم «مرخيات القلايد»، ويوم غد (اليوم الأربعاء) أول موسم «سهيل»، وبانتهاء «المرخيات» ينتهي الصيف اللاهب، وترتخي قبضته». وذكر أن هذا الموسم اكتسب اسمه من «القلادة، وهي الشمالة أو الخرقة التي توضع على ثدي الناقة، فكانت النوق تشرب الماء قبل غدوها ثم تشد القلادة، وفي أول النهار ترتخي، لأن بطنها يصغر حجمه من شدة العطش». وأوضح الزعاف أن مدة «سهيل» 53 يوماً، وهو أول مواسم السنة السهيلية، وهي سنة شمسية عدد أيامها 365 يوماً، موزعة على فصول ومواسم السنة، وبدخول «سهيل» ينكمش منخفض الهند الموسمي، ويقل تأثيره على بلدان الخليج وبخاصة السعودية، وتضعف الرياح الشمالية، وتنهض الجنوبية التي تمر على مسطحات الخليج المائية، وتحمل معها الرطوبة، فتتفشى. وتوقع الباحث الفلكي أن «تشتد الرطوبة خلال الأيام المقبلة، فترتفع درجات الحرارة المحسوسة جسمياً، ونشعر بالسأم والملل، وبخاصة إذا توقفت حركة الرياح»، لافتاً إلى أن ظهوره «بداية التغير الفصلي وانتهاء ريح السموم، ودليل على اعتدال الجو وكسر حدة الحرارة، إذ تتحسن الأجواء ويبرد الماء مساءً، ويطول الليل والظل ويقصر النهار، وأحياناً تهب فيه الرياح الشمالية الباردة، التي تخفف من رياح السموم على صحاري نجد». وعزا الزعاق السبب الرئيس لتغير الطقس إلى الأفضل «زيادة ميلان أشعة الشمس كثيراً في موسم سهيل، وليس للنجم ذاته»، لافتاً إلى أن الشمس في هذا الوقت «تميل نحو الجنوب، ويزداد اقترابها من خط الأفق يوماً بعد آخر، إذ يكون ارتفاعها عن الأفق 71 درجة عند طلوع سهيل، مقارنة ب84 درجة في منتصف حزيران (يونيو)، ما يجعل أشعتها أقل حرارة، ويكون متوسط درجات الحرارة العظمى 45 درجة مئوية والصغرى 25». وأضاف: «يقول العامة: «إذا طلع سهيل لا تأمن السيل، وتلمس التمر بالليل، ويبرد آخر الليل». ويعني ذلك بداية سقوط الأمطار ولكنها بشكل نادر جداً، وبداية لكثرة الرطب وتلطف الجو»، مردفاً أن «ظهور سهيل يستدل به الصقارون على بدء موسم الصيد، ويهتم به عرب البادية، لأنهم سكان صحراء قاحلة وجافة، فبطلوعه بداية للانفتاح الفصلي بعد معاناتهم الشديدة من أشعة الشمس، ولفح الهواء الساخن، إذ تبدأ عملية التحول التدريجي في المناخ، وتأخذ درجة الحرارة في الانخفاض تدريجياً. ويصاحب ذلك تغييرات طبيعية، إذ يلاحظ اخضرار النباتات الصحراوية وانخفاض درجة حرارة المياه الجوفية». ويقترن ظهور «سهيل» في حوادث فصلية، أبرزها – بحسب الزعاق – «يفيء الظل بعد أن كان معدوماً خلال فصل الصيف، ويبدأ طول الليل وقصر النهار، فيبرد آخر الليل، وتهب ريح الجنوب الرطبة، فتخفف من لهيب الهواء الساخن، وتميل الشمس ناحية الجنوب بعد أن كانت عمودية في فصل الصيف، وبداية موسم الرطب الجديد وانتهاء ادخار التمر، وتحس المواشي بالراحة فتدر اللبن، وتختلط فيه جميع الطيور المهاجرة». وعدد مقاييس كبار السن لظهور «سهيل»، مثل قولهم: «إذا قمت تصلي الفجر ولمست الماء ووجدت درجة برودته تختلف عن درجة برودته يوم أمس، فاعرف أن سهيلاً ظهر»، ومن مقاييسهم كذلك على دخوله أن الأشجار الكبيرة والصغيرة تخضر من ناحية الجنوب»، مستدركاً بأن «موسم سهيل مخيف للمزارعين، وبخاصة أصحاب النخيل، لأنه من المحتمل أن تسقط فيه الأمطار، التي تعد في هذا الوقت مؤثرة سلباً على التمر فتفسده، لذا يقولون: «إذا دخل سهيل لا تأمن السيل».