نشطت حركات التمرد في دارفور، وهاجمت مواقع عدة، كما عزلت بعض المدن الرئيسية بقطع الطرق، ما أدى إلى خنقها اقتصادياً وشح المحروقات وارتفاع أسعار السلع. وأعلن الجيش السوداني، أمس، أنه رصد سيارات تنقل جرحى من متمردي «حركة العدل والمساواة» المسلحة باتجاه أراضي دولة جنوب السودان بعد قتال بين عناصره ومقاتلي الحركة أوقع عشرات الضحايا. وقال مسؤول كبير في السلطة الإقليمية في دارفور ل «الحياة» أمس إن حركات التمرد نشطت أخيراً وباتت تتحرك في مساحات واسعة. ورجّح أنها تلقت دعماً عسكرياً كبيراً من جهات أجنبية بعد رصد مئات السيارات المسلحة ودخول أنواع جديدة من الأسلحة. وذكر أن الطرق الرئيسية بين مدينتي الفاشر ونيالا، أكبر مدينتين في الإقليم، مغلقة منذ نحو شهرين بسبب تراجع الأوضاع الأمنية، ما أدى إلى توقف حركة السير. كما تتحرك الشاحنات على هذه الطريق ولكن تحت حراسة الشرطة. وأضاف المسؤول الذي طلب عدم كشف هويته أن مقاتلي «حركة تحرير السودان» فصيل مساعد الرئيس السابق مني أركو مناوي، و«حركة تحرير السودان» فصيل عبد الواحد نور، تتحركان في ولاية شمال دارفور، وأن الأمن خارج مدينة الفاشر عاصمة الولاية في تراجع مستمر. وتابع أن متمردي «حركة العدل والمساواة» ينشطون في ولايتي جنوب وشرق دارفور وولاية جنوب كردفان المجاورة، مشيراً إلى أن فصيلاً جديداً يقوده «كاربينو» المنشق عن «حركة العدالة» بزعامة رئيس السلطة الإقليمية في دارفور التجاني السيسي، له وجود مؤثر في منطقة جبل مون. وأفاد المسؤول ذاته بأن تصاعد نشاط المتمردين شلّ حركة التجارة وضاعف من معاناة المواطنين بارتفاع الأسعار نتيجة شح السلع ومنع تحرك الشاحنات والحافلات التي تنقل المواطنين بين المدن، لافتاً إلى طوابير من السيارات أمام محطات الخدمة في الفاشر ونيالا ونقص توليد الطاقة الكهربائية. وأعلن الناطق باسم الجيش السوداني العقيد الصوارمي خالد سعد أن القوات المسلحة تصدّت عصر الاثنين إلى متمردي «حركة العدل والمساواة» في معركتين في منطقتي كركدة وأم شويكة في ولاية شرق دارفور. وقال إن «فلول المتمردين» فرت هاربة، وإنها كرد فعل انتقامي هاجمت مدينة التبون وقصفتها بأسلحتها المختلفة، موضحاً أن القوات المسلحة تصدت لهم وكبدتهم خسائر فادحة شملت تدمير 25 سيارة مسلحة وقتل أكثر من خمسين متمرداً إضافة إلى عدد كبير من الجرحى، مضيفاً أنه تم رصد عربات كبيرة تحمل الجرحى جنوباً لتلقي العناية الصحية في دولة جنوب السودان. وأضاف أن القوات المسلحة استولت على أعداد كبيرة من الأسلحة والذخائر وفقدت عدداً من القتلى والجرحى، مؤكداً أن قوات الجيش ستواصل مطاردتها للمتمردين لتدميرهم و«منعهم من تحقيق أهدافهم أو أي أهداف تُملى عليهم من جهات خارجية». وكشفت مصادر حكومية ل «الحياة» أن مقاتلي «حركة العدل المساواة» الذين كانوا على متن 58 سيارة تحركوا منذ يومين من مقر الفرقة الثالثة في ولاية شمال بحر الغزال في جنوب السودان قبل أن يهاجموا منطقة أم عجاجة ويدخلوا منطقة أم شييكة شمال حقول النفط في أبو جابرة. وأضافت أن المتمردين هاجموا منطقة كركدى قبل مهاجمة منطقة التبون. وقالت إن المتمردين يستهدفون على ما يبدو حقل شارف للنفط وضرب مدينتي المجلد وبابنوسة في طريقهم إلى شمال دارفور مروراً بمنطقتي عديلة واللعيت. لكنها أضافت أن الجيش السوداني تصدى لهم و«أحبط مخططهم». غير أن الناطق باسم «حركة العدل والمساواة» جبريل آدم بلال نفى ذلك، وقال إن قواتهم سيطرت على قاعدة للجيش في منطقة كركدي وحقل تبلدي النفطي ومنطقة التبون واستولت على 36 سيارة عسكرية محملة بالأسلحة والذخائر وعشر شاحنات محملة بالوقود. إلى ذلك، رفض حزب المؤتمر الشعبي المعارض بزعامة حسن الترابي أي حوار أو تفاوض مع حزب المؤتمر الوطني الحاكم. وأكد في بيان أمس العمل مع تحالف المعارضة وقوى الثورة الأخرى لإطاحة حكم الرئيس عمر البشير. وأضاف الحزب أن لا حل لمشكلات البلاد «إلا بذهاب النظام وتكوين حكومة انتقالية وفق ميثاق قوى الإجماع الوطني». ووجه رسالة إلى نظام الحكم، قائلاً «إن محاولات بث الفرقة والخلاف داخل صفوف قوى الإجماع الوطني لن تبلغ مرادها». ووصف نظام البشير بأنه متهالك وفاسد، وقال: «بدلاً من الرجوع إلى الحق والإقرار بفشله في إدارة شؤون البلاد، والحفاظ على وحدتها وكرامتها وإرجاع السلطة للشعب، يمارس (النظام) هوايته المفضلة بالهروب للأمام بإطلاق الأكاذيب والإشاعات». وشدد المسؤول السياسي للحزب بالوكالة الأمين عبدالرازق خلال مؤتمر صحافي على «أن المبادئ التي فصلت بين المؤتمر الوطني والمؤتمر الشعبي واعتقلنا وسجنا واستشهد بعضنا بسببها لا تزال ماثلة». ودعا الشعب السوداني إلى مواصلة الثورة لاقتلاع «النظام الغاشم العاجز عن تحقيق أدنى تطلعات الحياة كالأمن والاستقرار». وقلل من الحديث عن وسطاء من ليبيا ومصر وتونس يعملون لرأب صدع الحركة الإسلامية السودانية، بالتوسط بين الترابي والرئيس البشير وحزبيهما الحاكم والمعارض. ووزع الحزب لائحة تحوى أسماء 54 من أنصاره المعتقلين في سجون الحكومة منذ بداية الاحتجاجات على «خطة التقشف» منتصف الشهر الماضي.