تجد الولاياتالمتحدة نفسها أمام خيار استراتيجي وحيد لا يزال متاحاً أمامها بعد الفيتو الروسي - الصيني في مجلس الأمن بشأن سورية، ويتمثل بتعزيز دعمها لمسلحي المعارضة لكن خارج إطار الأممالمتحدة، وفق بعض الخبراء الذين لا يستبعدون تدخلاً عسكرياً أميركياً. وعلى رغم تصاعد حدة النزاع في سورية، استخدمت روسيا والصين الخميس حقهما في النقض للمرة الثالثة لعرقلة صدور قرار في مجلس الأمن يهدد دمشق بعقوبات. وتعبيراً عن استيائها، وعدت واشنطن بالتحرك «خارج» إطار الأممالمتحدة لدعم قوات المعارضة المسلحة ومحاولة وضع حد للحرب الأهلية. واعتبر الباحث المتخصص في الملف السوري في «مركز بروكينغز للأبحاث» سلمان شيخ أن على الولاياتالمتحدة «اتخاذ قرار واضح الآن: هل تدعمون (المعارضة المسلحة) أم أنكم ستسمحون بهزيمتها؟». وأوضح الخبير «أننا في مرحلة فائقة الخطورة: النظام سيستخدم كل قوته النارية، خصوصاً في دمشق وحلب، وثمة معركة طويلة ترتسم»، معتبراً أن «على الولاياتالمتحدة ودول رئيسية أخرى (في مجموعة «أصدقاء الشعب السوري») تكثيف دعمها للمعارضة». وأبدت واشنطن مراراً معارضتها لتسليح المعارضين السوريين ولأي تدخل عسكري أحادي. وفي المقابل، تحصل المعارضة المسلحة على أسلحة خفيفة من بلدان عربية خصوصاً السعودية وقطر. وبذلك، يقول شيخ إن «الولاياتالمتحدة لن تقحم نفسها ربما في نقل شحنات أسلحة (للمعارضة) إلا أنها تستطيع القيام بالكثير للمساعدة، مع معدات للاتصال وللنشاط الاستخباري». ورداً على سؤال بشأن الاستراتيجية الأميركية في سورية بعد الفشل في الأممالمتحدة، اعلن المتحدث باسم الخارجية الأميركية باتريك فنتريل أن الولاياتالمتحدة «ستواصل دعمها (للمعارضة) من خلال مساعدة غير قاتلة، إنسانية، مع وسائل للاتصال والتنظيم». وتحدثت وسائل إعلام أميركية عن تورط وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية التي تتأكد من أن أسلحة خفيفة تعبر عبر الدول المجاورة لسورية تصل إلى المعارضة لا إلى مجموعات متطرفة. وعلى الصعيد الديبلوماسي، انتقدت السفيرة الأميركية في الأممالمتحدة سوزان رايس «الفشل الكامل» لمجلس الأمن وتعهدت «تكثيف جهودنا مع مختلف الشركاء، خارج مجلس الأمن، للضغط على نظام الأسد وتقديم المساعدة للذين هم بحاجة إليها». وذكرت الخارجية الأميركية بأن «الأممالمتحدة ليست إلا جزءاً من استراتيجيتنا» بشأن سورية. وبرأي ريتشارد هاس رئيس «مجلس العلاقات الخارجية» فإن على الولاياتالمتحدة والحكومات التي تشاطرها الرأي ألا يبحثوا عن «استنساخ تعددية الأممالمتحدة». وكتب هاس في مقال صادر عن مجلسه «عليهم على العكس إظهار ائتلاف دول من الحلف الأطلسي وبعض الدول العربية لتشديد العقوبات على سورية (...) تعزيز المعارضة وبرمجة غارات على مخازن الأسلحة الكيماوية والتحضير لمرحلة ما بعد الأسد». وحذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أن أي مبادرة للعمل خارج مجلس الأمن ستكون «غير فعالة». وفي مطلق الأحوال، فإن رئيس لجنة التحقيق الدولية التابعة للأمم المتحدة حول انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا باولو بينيرو أكد انه «لا يؤمن بمبادرة خارج إطار الأممالمتحدة من الحلف الأطلسي أو أي بلد كان». وقبل ثلاثة اشهر ونصف الشهر من الانتخابات الرئاسية الأميركية، قال هذا الديبلوماسي البرازيلي «لا اعتقد أن الرئيس (باراك) أوباما يرغب في تعزيز المعارضة عسكرياً»، معتبراً أن «أي تدخل عسكري اجنبي سيكون بمثابة كارثة على سورية وجيرانها».