ضمك يحقق الفوز على القادسية في دوري روشن    النصر يتفوق على الخلود بثلاثية    فيديو.. غضب رونالدو بسبب استبداله أمام الخلود    رونالدو يبتعد عن حمدالله في صدارة هدافي «دوري روشن»    الاثنين القادم .. قرعة الأدوار النهائية لدوري أبطال آسيا للنخبة    القبض على باكستانيين في الشرقية لترويجهما الشبو والحشيش    المملكة توزّع 250 سلة غذائية في قريتين بمحافظة حماة في سوريا    إفطار رمضاني يجمع صحافيي مكة على إطلالة البيت العتيق    بدر ليلة ال 15 من رمضان يضيء سماء المملكة    طويق جازان في مبادرة إفطار مرابط بالحد الجنوبي    وزير الشؤون الاجتماعية الصيني يعلن ارتفاع معدلات الشيخوخة في الصين    البطيخ يزيّن موائد رمضان بإنتاج يتجاوز (613) ألف طن ونسبة الاكتفاء الذاتي (98%)    زيلينسكي يقر بأن جيش أوكرانيا يعاني «وضعا صعبا جدا» في كورسك    20 جولة تبخير وتطييب للمسجد الحرام يوميًا خلال رمضان    ارتفاع أسعار الذهب    محاريب المسجد النبوي لمسات معمارية إسلامية ميزتها النقوش والزخارف البديعة    السفير المناور يرفع الشكر للقيادة بمناسبة تعيينه سفيرًا لدى المكسيك    منتدى منافع الثالث يعزز الاستدامة والاستثمار في خدمة ضيوف الرحمن    الكشافة يقدمون خدماتهم لزوار المسجد النبوي    جمعية حفظ النعمة تحفظ فائض وجبات الإفطار في المسجد النبوي الشريف    تحقيق أممي: الاحتلال يرتكب جرائم إبادة جماعية بحق الفلسطينيين    المملكة ترحب باتفاق ترسيم الحدود بين جمهوريتي طاجيكستان وقرغيزستان    إطلاق 16 كائنًا فطريًا في محميات العلا    أمير منطقة المدينة المنورة يطلق حملة "جسر الأمل"    الفتح يتغلب على الرائد بثلاثية    ولي العهد‬⁩ والرئيس الروسي يستعرضان هاتفيا جهود حل الأزمة الأوكرانية    وفاة الأميرة نورة بنت بندر آل سعود    اكثر من 100 معاملة يتم إنجازها يومياً بالمنطقة عبر مبادرة الفرع الافتراضي    أمانة القصيم تُعلن جاهزيتها لانطلاق مبادرة "بسطة خير السعودية"    جمعية العناية بالمساجد " إعمار " تنفذ برنامج " سقيا المصلين "    قطاع ومستشفى بلّحمر يُنفّذ حملة "صُم بصحة"    قطاع وادي بن هشبل الصحي يُفعّل حملة "صُم بصحة"    جامعة الملك عبدالعزيز تحتفل بيوم العلم السعودي بسباق "راية العز"    جامعة أمِّ القُرى تحتفي بيوم العَلَم    نائب أمير منطقة مكة يرأس اجتماع لجنة الحج المركزية    نائب أمير منطقة مكة يستقبل رئيس المحكمة الجزائية بجدة    محافظ الطائف يناقش تقرير لجنة الأسواق الشعبية    "بسطة خير السعودية" تنطلق لدعم 80 بائعًا متجولًا بالشرقية    نيابة عن خادم الحرمين الشريفين وأمام سمو ولي العهد.. السفراء المعينون حديثًا لدى عدد من الدول الشقيقة والصديقة يؤدون القسم    عَلَم التوحيد    لا منتصر بحرب الرسوم    النفوذ الصيني في أعالي البحار يهدد الأمن القومي الأميركي    مكة في عهد يزيد بن عبدالملك بن مروان.. استقرار إداري رغم التحديات السياسية    طيبة الطيبة.. مأرز الإيمان    العلا.. تضاريس ساحرة ونخل باسق    في معنى التأمل    المشي في رمضان.. رياضة وصحة    نصائح لمرضى الكلى في رمضان.. يجب الالتزام بأساليب التغذية السليمة    بريد القراء    تزامنًا مع يوم العلم السعودي.. "بِر جازان" تطلق مبادرة "حراس الأمن في عيوننا"    خناقة بمسجد!    افضل تجربة تصوير هاتف في فئته بالعالم: سلسلة CAMON 40 من TECNO    مباحثات جدة الإيجابية "اختراق كبير" في الأزمة الروسية الأوكرانية    فرع هيئة الصحفيين بجازان يحتفي بيوم العلم السعودي بالتعاون مع فندق جازان ان    تعهد بملاحقة مرتكبي انتهاكات بحق وافدين.. العراق يعيد مواطنيه من «الهول» ويرمم «علاقات الجوار»    مشروع الأمير محمد بن سلمان يحافظ على هوية مسجد الجامع في ضباء    ارتفاع الفائض التجاري للمملكة خليجياً    سعوديات يدرن مركز الترميم بمكتبة المؤسس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مؤتمر حزب «النهضة»: سنتان أخريان من الموقت
نشر في الحياة يوم 22 - 07 - 2012

مؤتمر حزب «النهضة» التونسي المعقود أخيراً كان ناجحاً بمقاييس الحزب، بمعنى أنه سمح لمناضليه بأن يلتقوا على مدى خمسة أيام ويخوضوا نقاشاً عميقاً وصريحاً في قضايا الماضي والحاضر والمستقبل، فيعاتب بعضهم بعضاً ويعرضون الاختلافات بينهم ثم يخرجون بحلول وسطى تضمن وحدة الحزب وتآلف أفراده ومتانة تنظيمه. أما بالنسبة إلى المراقبين، فالأرجح أن أعمال هذا المؤتمر لم تضف لهم شيئاً كثيراً عن توجهات الحزب ونياته الحقيقية تجاه المجتمع التونسي المنقسم انقساماً حادّاً بين نزعتي المحافظة والتحديث.
فمن ناحية الشكل، حرص الحزب الإخواني على أن يعقد مؤتمره في المكان الذي كان الرئيس المخلوع يعقد فيه مؤتمرات حزبه المنحلّ «التجمع الدستوري الديموقراطي»، مع أبّهة زائدة وإجراءات أمنية مبالغ فيها ومظاهر احتفالية لا تخلو من الإسراف، تذكّر ببعض ما كان يحصل في العهد السابق، وفي ذلك إشارة واضحة للشعب التونسي وللطبقة السياسية وللأطراف الإقليمية والدولية بأنّ «النهضة» هي الحزب الحاكم الجديد، وأنّ من الوهم أن يظنّ بعضهم بأنّ نتائج انتخابات تشرين الأول (أكتوبر) الماضي كانت مجرّد كبوة انتخابية، أو أنّ حضور «النهضة» في السلطة قوس عابرة. فحزب النهضة جاء إلى السلطة ليبقى، وهو مدار العملية السياسية والمحدّد الأكبر لمجرياتها.
أما من ناحية المضمون، فقد حرص الحزب على تأكيد مبدأ التوافق داخلياً وخارجياً. إذ ساهمت في المؤتمر كلّ الشخصيات التاريخية ومنها من تخلّى عن الحزب في أيام الشدّة وهادن النظام السابق، وساهم فيه مناضلو الداخل ممن ذاقوا السجون ومناضلو الخارج ممن عاشوا في المنافي، وساهم فيه أيضاً من كان بعيداً من النضال لأسباب كثيرة، ومن لم يناضل حقيقة وإنما كان قريباً من طروحات الحزب. فأبواب الحزب شرّعت أمام الجميع ولم تستثن أحداً. وطالت أعمال المؤتمر من أجل الاستماع إلى وجهات النظر المختلفة وتعطّلت المصادقة على التقرير الأدبي الذي قدّمته الإدارة الحالية للحزب لأنّه لم يتضمن ما يكفي من التقويم النقدي للماضي في شكل يرضى عنه كلّ الأطراف، لا سيما تلك التي تضرّرت أكثر من غيرها. إذ إنّ الأكيد أنّ الدخول في المواجهة مع نظام بن علي في بداية التسعينات لئن فرضت على الحزب فإنها كانت أيضاً نتيجة بعض التقديرات والتقويمات الخاطئة من بعضهم، وقد تمكّن بعضهم آنذاك من الإفلات من الاعتقال ووقع كثيرون في الفخّ لأنهم لم يستعدّوا للمواجهة. فالصنف الثاني هو الذي رفع صوته عالياً مطالباً بالمحاسبة، وكان له بعض ذلك، ولكن من دون أن يرشح شيء عن خفايا تلك الفترة العصيبة ومسؤولية هذا الطرف أو ذاك.
أما بالنسبة إلى علاقة «النهضة» ببقية المكونات السياسية والمدنية للمجتمع فقد كانت الدعوة إلى الوفاق هي الغالبة، ولكن على أساس للوفاق قد لا يحظى برضا الجميع. فالثورة من وجهة نظر الحزب تحتاج إلى الحماية، وحزب «النهضة» يعتبر أنه المؤتمن على حمايتها، وتجربة الائتلاف التي يراها بعضهم محاصصة حزبية يصرّ الحزب على اعتبارها ائتلافاً من أجل حماية الثورة. وقد أعلن المؤتمر فتح الائتلاف أمام قوى أخرى إذا رغبت في ذلك، أو بمعنى آخر إذا قبلت بأن تدور في فلك «النهضة»، مثل الحزبين المتحالفين معها حالياً، وأن تسلّم لها بالريادة والقيادة. فلئن تمت الإشادة بالكثير من التحالفات السابقة بين حزب «النهضة» وقوى أخرى، يسارية ويمينية وإسلامية، فإنّ الخصم السياسي الرئيسي الذي يمكن أن ينافس «النهضة» منافسة انتخابية جديّة أبقي خارج دائرة الوفاق الممكن، ونقصد حزب «نداء تونس» الذي أسّسه رئيس الحكومة الانتقالية الأولى الباجي قائد السبسي. بل إنّ الأخير لم يدع إلى حضور اليوم الافتتاحي للمؤتمر، فقد وقع تصنيف حزبه بأنه من أعداء الثورة، بما في ذلك من مؤشرات غير مطمئنة الى مستقبل المنافسة الانتخابية المقبلة التي لن يعتبرها «النهضة» منافسة بين خصمين سياسيين بل بين طرف أوكل لنفسه مهمة تمثيل الثورة وطرف صنّفته «النهضة» عدوّاً لها وللثورة.
ثم إنّ الوفاق بالشكل الذي تطرحه «النهضة» يتضمن أخطاراً من نوع آخر، ويكفي أن نرى مصير السيدين المنصف المرزوقي ومصطفى بن جعفر بعد تحالفهما مع «النهضة»، فقد استفادا في شخصيهما لكنهما فقدا جزءاً كبيراً من قاعدتيهما الحزبية وأصبح ينظر إليهما على أنهما مجرّد تابعين لا حليفين.
وكان من باب المصادفة أن تزامن المؤتمر مع حادثتين للعنف السياسي، أولاهما ما عرف بحادثة «قصر العبدلية» واعتداء مجموعات متشدّدة على الفنانين بعد تكفيرهم وإهدار دمهم. ولئن أعلن المؤتمر مساندته للثقافة فإنه لم يقم بأي إجراء جدّي للتقارب مع المثقفين، بل شهد كثير من المداخلات القاعدية هجمات مسعورة ضدهم (وضدّ الإعلاميين)، فأيّ ثقافة تساندها «النهضة» إذا أصرّت على معاداة المثقفين وواصلت حكومتها الصمت على الاعتداءات المتكرّرة التي يقوم بها المتشدّدون ضدّ حرية التعبير والفكر؟ وثانيتهما حادثة اعتداء هذه المجموعات المتشدّدة ذاتها على المعارض المشهور أحمد نجيب الشابي، الحليف التاريخي للنهضة الذي اختلف معها بعد الثورة. ولئن لم تكن للنهضة مسؤولية طبعاً في هذا الأمر فإنّ المراقبين بدأوا يتساءلون بجدية هل من المصادفة أنّ اعتداءات المجموعات المتشدّدة تركز دائماً على أطراف متخاصمة مع «النهضة»؟ وهل ما يتعرّض له الشابي من مضايقات مستمرة هو نموذج لمصير كلّ حليف يسعى إلى التمرّد على الوفاق «النهضوي»؟
في المحصلة، كان مؤتمر «النهضة» حدثاً بالغ الأهمية في مسيرة الحزب، لكنه لم يفد التونسيين كثيراً في شأن نيات هذا الحزب وتوجهاته، وجاء الإعلان عن التجديد للشيخ الغنوشي في الرئاسة، بعدما أعلن مراراً عن نيته التخلي عن الرئاسة لفائدة الجيل الجديد، ليؤكّد أنّ الاختيارات الأساسية للحزب تظلّ غير محسومة ما دامت المواعيد الانتخابية مفتوحة، وأنّ الهدف الأكبر الآن هو الفوز في تلك المواعيد، وما عدا ذلك مؤجّل إلى مؤتمر سيعقد استثناء بعد سنتين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.