المرأة السعودية تقفز فجأة من «الباب للطاقة»، ومن البيت إلى أرض الميدان لاعبة، وتحت سمع وبصر العالم بأسره، وهي التي لم يسبق لها أن وضعت قدماً في أي مكان رياضي كمشجعة أو متابعة، وحتى الإعلاميات اللاتي دخلن في هذا المجال بقين خارج الأسوار يمارسن الكتابة والنقد من وراء حجاب وعن بعد و«يا الله السلامة». «اولمبياد لندن» تشهد ولادة أول رياضيتين سعوديتين تظهران للملأ، كيف ومتى اكتشفت موهبتهما، وأين صقلت؟ لا أحد يدري! لكن الظاهر للعيان أنهن أدخلتا عنوة خشية عصا التهديد التي لوحت بها اللجنة الأولمبية الدولية ضد كل دولة لا تكون النساء ضمن وفدها المشارك في الاولمبياد، وخصت بالتهديد كل من السعودية وقطر وبروناي، فخضع المسؤولون مرغمين وبحثوا في كل اتجاه حتى عثروا على ضالتهم وزفوا للعالم خبر مشاركة السعوديتين «وجدان علي سراج في منافسات الجودو لوزن فوق 78 كيلوغراماً»، و«سارة عطار في مسابقة ال800 متر عدواً». وقال جاك روغ رئيس اللجنة الاولمبية الدولية، مستبشراً: «هذه أنباء ايجابية للغاية، ويسعدنا الترحيب بهاتين الرياضيتين في لندن في غضون أسابيع قليلة، عملت اللجنة الاولمبية الدولية عن كثب مع اللجنة الاولمبية السعودية ويسعدني أن الحوار قد أثمر»، أي حوار هذا الذي يتم تحت التهديد بالطرد؟ لست ضد المشاركة، لكن ليس بهذه الطريق السريعة التي لا تستند على أرضية صلبة، لأننا لن نعود منها إلا بخيبة فقدان إرادتنا وخوفنا من كلمة لا في موضعها، كما أنها لن تقدم لنا حتى النحاس فما بالك بمن يمني نفسه بالذهب، وعلى رأي المثل الشعبي: «ما جابوه طوال الشوارب يجيبونه الحريم»، ولكن قد يكون أكبر مكسب نحققه هو كسر حاجز الخوف من ممارسة المرأة للرياضة الذي يشكل الحديث عنه رعباً يقض مضاجع الخصوصية السعودية. تلك «اللزمة» التي لا تغادر الألسنة عند قرن المرأة بالرياضة في أي حوار. ما استغربه في موضوع المشاركة السعودية النسائية الأولى، هو القفز على الثوابت، وتلك الخصوصية التي أزعجنا المسؤولون وهم يرددونها في كل ما يخص دخول المرأة للملاعب بكامل حشمتها، ويعلنون في كل مناسبة أن الوقت لم يحن بعد لتخصيص مدرجات للنساء ويتذرعون بدرء المفاسد على رغم أنهن في مكان مستقل عن الرجال، فقد صمتوا كثيراً وتكلم بعضهم على استحياء ومضى القرار «جودو وجري»، على رغم الجميع، والآن هل يقولون: إن دخول الملاعب أرحم من المشاركة؟ [email protected] qmonira@