وقف مغني الأوبرا الاسباني خوسيه كاريراس امام اكثر من ألفي شخص وسطع صوته الذهبي في ارجاء المسرح الروماني في بلدة زوق مكايل (شمال بيروت)، مستضيفاً الى جانبه السوبرانو الاميركية-البنغالية مونيكا يونس منشدَين الحب والحلم في ختام مهرجانها السنوي. ورافقت كاريراس ويونس الأوركسترا الفيلهارمونية اللبنانية بقيادة دافيد خيمينيث والتي ضمت نحو 60 عازفاً من بينهم أكثر من 40 على الآلات الوترية من كمان وفيولونسيل وكونترباص، وتوزّع 18 عازفاً على الآلات النفخية فلوت وترومبيت، مع عازفَين على الإيقاع. وقسم برنامج الحفلة الى قسمين اساسيين، ولكن نزولاً عند رغبة الجمهور وهتافاته وتصفيقه وقوفاً وتعطشه إلى سماع المزيد من كاريراس، كان فصل ثالث عكس كرم المغني الكبير الذي قدم اغنيتين منفردتين وكذلك فعلت يونس، وأغنيتين مشتركتين مع ضيفته السوبرانو، من بينهما «لا دونا اي موبيليه». كعادته، أعطى كاريراس (من مواليد 1945) اشارة البدء لقائد الاوركسترا، وبلباسه الاسود وشعره الابيض، انشد بالايطالية «اولتيما كانزونيه» و «بيتشه»، وأغنيتين بالاسبانية، خاتماً القسم الاول بأغنية «زي ايمبوسيبل دريم». وبدا، بصوته العريض والدافئ جباراً على المسرح، وكأن مرور الزمن لم يؤثر في حبال صوته ونبرته وحضوره، بل زادها خبرة وجمالاً. أما السوبرانو السمراء مونيكا يونس (33 سنة) فقدمت بالفرنسية «جو فو فيفر» للمؤلف الموسيقي الفرنسي شارل غونود و «كواندو من فو» من «لا بوهيم» لجاكومو بوتشيني. وتنقلت بسهولة وثقة وإتقان بين الاوكتافات. وفي القسم الثاني قدّم كاريراس أربع أغنيات لمؤلفين ايطاليين كبار، من بينها «باسيونيه» لنيكولا فالنتيه و«فوريا» لفوريو رندينيه التي تتطلب قوة في الصوت لتسلق الطبقات العالية. كذلك قدّم ويونس أغنية عنوانها «ديو يي جوتا» للإسباني مانويل كاباليرو. وأنشدت يونس منفردة «ايل باتشيو» للايطالي لويجي ارديتي. وبسهولة وثقة، بدت متحكمة بصوتها الذي يهبط ويحلّق متناغماً مع الموسيقى، هي التي وصفتها جريدة «نيويورك تايمز» بأنها «سوبرانو تنبض بالحياة». والمعروف عنها أنها أدت أدواراً أوبرالية عدة على اهم مسارح العالم، وتنشط إنسانياً اذ هي من مؤسسي جمعية «الغناء للأمل»، وهي إبنة البنغلادشي محمد يونس حائز جائزة نوبل للسلام. وكانت الحفلة استهلت بافتتاحية أوركسترالية عنوانها «ارليسين سويت» لجورج بيزيه، تخللها عزف لمقطوعة «كافاليريا روستيكانا» لبيترو ماسكانيي، وتلاها في القسم الثاني عزف لمقطوعة «لا بودا» لجيرونيمو خيمينيز. وسبق لمهرجانات زوق مكايل الدولية أن استضافت العام الفائت مغني الاوبرا بلاسيدو دومينغو الذي شكل وكاريراس والراحل لوتشيانو بافاروتي ثلاثياً استثنائياً. وسبق لكاريراس أن أحيا قبل سنوات امسية في مهرجانات بعلبك الدولية، وأخرى في مهرجانات بيت الدين. وبعد زوق مكايل يحط كاريراس الذي يقوم بجولة حول العالم في سالزبورغ النمسوية. وفي فترة عيد الميلاد سيحيي حفلات في صوفيا وموسكو وغيرهما من المدن، على ان يعود عام 2013 الى المسرح في عمل اوبرالي معاصر.