يميز التنوع برامج المهرجانات الفنية اللبنانية الصيفية التي يتركز نشاطها هذه السنة ما بين أواخر يونيو ونهاية يوليو، ولكن يطبعها الاقتضاب بسبب حلول شهر رمضان. وككل عام، تتنافس مهرجانات بعلبك وبيت الدين وبيبلوس، وينضم إليها مهرجانا الزوق وجونيه، لتقديم العروض الفنية المحلية والعربية والأجنبية. ويؤكد مسؤولو هذه المهرجانات أن الإقبال على شراء البطاقات طبيعي، ولم يتأثر بالأوضاع التي تشهدها المنطقة العربية، والاضطرابات الأمنية التي شهدها شمال لبنان قبل نحو شهر. وتقول مديرة مهرجانات بيت الدين هلا شاهين “انطلق بيع البطاقات في البداية بشكل قوي، وعندما بدأت أحداث طرابلس تأثرت المبيعات، لكنها سرعان ما عادت إلى التحسن الأسبوع الفائت”. وتستبعد عضو لجنة مهرجانات بعلبك الدولية، ألغا طراد، وجود مشكلة في الإقبال على عروض بعلبك هذه السنة، وتتوقع حضوراً جيداً، لاسيما من خارج لبنان، مشيرة إلى أن “كثراً حجزوا أماكنهم، وهم مسرورون جداً بحضور المهرجان، والقيام بجولات سياحية”. وتعتبر رئيسة مهرجانات بيبلوس الدولية، لطيفة اللقيس، في تصريح لوكالة فرانس برس أن هذه المهرجانات “تحرك العجلة الاقتصادية والسياحية في المنطقة التي تقام فيها”. ويتزامن عدد من مهرجانات هذه السنة مع حلول شهر رمضان في يوليو المقبل، ما حدا بإدارات هذه المهرجانات إلى اختصار برامجها. وبالفعل، تعزو شاهين الاقتضاب في برمجة مهرجان بيت الدين هذه السنة إلى أن إدارته أخذت حلول شهر رمضان في الاعتبار، مشيرة إلى أن برنامج 2012 محصور بخمسة أعمال، لكنه يبدأ بإنتاج ضخم، وهو عمل فرقة كركلا، وينتهي بإنتاج “لابوهيم” الأوبرالي الضخم. وتحرص إدارات المهرجانات على التنسيق حتى لا تتضارب أيام الافتتاح، وتقول اللقيس في هذا الصدد “نحاول قدر الإمكان أن ننسق بين إدارات المهرجانات الأخرى، كي لا نقدم عروضاً في اليوم نفسه، لكن أحياناً لا نوفق، إذ إن الفنانين يفرضون علينا يوماً محدداً”. وتضيف شاهين في هذا الصدد “هناك نوع من التنسيق كي لا تتضارب أيام الافتتاح، وكي لا يكون عندنا في الليلة نفسها اللون الفني عينه”. ومهرجان بيبلوس هو الذي يرفع الستارة عن موسم المهرجانات الفنية في 25 يونيو مع عازف الغيتار “سلاش”، الذي يعتبر رمزاً من رموز موسيقى الروك. والغيتار هو عنوان الدورة الثالثة عشر للمهرجان الذي تقام عروضه على مدرجات مرفأ المدينة الفينيقية، على أن يفتتح رسمياً بحفلة يحييها في 4 يوليو المغني الفرنسي جوليان كلير، ترافقه الأوركسترا الفيلهارمونيّة اللبنانيّة. واللافت في مهرجان بيبلوس هذه السنة الحفلة التي سيحييها في 5 يوليو “ملك البلوز” بي بي كينغ. وبحسب مدير مهرجان بيبلوس الفني ناجي باز، وافق بي بي كينغ أخيراً على المجيء إلى لبنان بعد 18 محاولة لدعوته. وستقدم الألمانية أوتيه لمبر عرضها “التانغو الأخير” في بيبلوس. وفي 17 يوليو، تطل فرقة “سنو باترول”الإيرلندية التي عرفت نجاحاً منذ العام 2003 مع أسطوانة “فاينل سترو”، على أن يختتم المهرجان بموسيقى طوارقيّة لفرقة تيناروين الإفريقية في فترة رمضان. أما مهرجانات بيت الدين في 28 يونيو فباكورتها عرض تمثيلي غنائي راقص عنوانه “كان يا ما كان” لفرقة كركلا اللبنانية يستمر على مدى ثلاث ليال، ومعه سيتحول قصر الأمير بشير الثاني الذي استغرق بناؤه 40 عاماً “إلى قصر ألف ليلة وليلة” على ما تقول هلا شاهين. ويحظى عرض فرقة كركلا الذي أخرجه إيفان كركلا، وصممت رقصاته شقيقته إليسار، بإقبال لافت، وتؤكد شاهين أن “65% من الأماكن بيعت إلى الآن، وهذه نسبة ممتازة، فمن المعروف أن اللبنانيين يشترون بطاقاتهم في اللحظة الأخيرة”. ولم تشأ إدارة مهرجانات بيت الدين استقدام أي فرقة، أو فنان أجنبي مكان فرقة “زي كرنبيريز” الإيرلندية التي ألغت جولتها في أستراليا وأوروبا وبيت الدين نتيجة لإرهاق مغنيتها دولوريس أوريوردان. وبحسب شاهين، سيحل مكانها عرض لجمعية “لوبام” اللبنانية التي أسسها الراحلان غسان تويني، ووليد غلمية، ومعهما النائب غسان مخيبر. وتعنى “لوبام “بتأمين آلات موسيقية لطلاب موهوبين، وتتيح لهم أن يتعلموا الموسيقى مجاناً، وتدربهم على فن الموسيقى الأوركسترالية. وتقول شاهين “سنتيح لهم في 14 يوليو فرصة أن يحيوا حفلة في بيت الدين، حيث سيقدمون أغنيات جميلة من الروك، إلى البوب، فالبلوز، إضافة إلى مجموعة من الأغنيات العربية”. ومع الغجر والموسيقى الإسبانية الرومانسية، والأصوات الدافئة، تنطلق في 29 يونيو مهرجانات بعلبك مع فرقة “شيكو والجيبسيز”، التي تضم نحو 15 فناناً بين مغنين وموسيقيين. ويختتم المهرجان عروضه الخمسة مع فرقة “مشروع ليلى” اللبنانية الشابة. وتقول ألغا طراد إن بطاقات الفنان الإيطالي زوكيرو تشهد إقبالاً لافتاً، إذ إن الجمهور سيشاهده يغني للمرة الأولى في لبنان، وكذلك الأمر بالنسبة إلى حفلة الفنان التونسي صابرالرباعي” . وسيغني زوكيرو في 5 يوليو أجمل أغنياته التي تمزج الروك بالسول والبلوز على مدرجات معبد باخوس. وفي 7 يوليو يقدم الرباعي في بعلبك أغنياته المعروفة، إضافة إلى أغنية جديدة مهداة إلى لبنان. وداخل معبد باخوس، تطل السوبرانو جيسي نورمان في 13 من الشهر عينه بعد أن وقفت سابقاً على خشبة مسرح بيت الدين. أما فرقة “زي ديزي غيلسبي أول ستار باند” للجاز، فتحيي حفلة في 17 من الشهر المقبل مع المغنية اللبنانية رندة غصوب، وسبق للفرقة أن شاركت في بعلبك في 2005. وتقول شاهين في هذا الصدد إن “المغني الفرنسي شارل أزنافور غنى قبل عامين في بيت الدين، وسيغني في مهرجان جونيه هذه السنة، وكاظم الساهر غنى العام الماضي في بيت الدين، وسيغني في بيبلوس. وأمضينا مع جيسي نورمان ليلة من العمر في بيت الدين، وستحيي ليلة في بعلبك. لا مشكلة في أن يمر الفنان الكبير أكثر من مرة في لبنان، والتحدي أن يأتوا إلى لبنان”. ومن هذا المنطلق، يستضيف مهرجان الزوق الدولي في 18 يوليو للمرة الثانية مغني الأوبرا الإسباني خوسيه كاريراس، ترافقه السوبرانو الأمريكية مونيكا يونوس، وسينشدان باقة من الأغنيات الكلاسيكية على أنغام الأوركسترا الفيلهارمونية اللبنانية. وتطل السبت 18 يوليو الفنانة البنانية كارول سماحة مقدمة جديدها والقديم. ويفتتح مهرجان الزوق في 10 يوليو بحفلة موسيقية تخيم عليها أجواء البلوز مع فرقة “زي مانيش بويز” الآتية من جنوب كاليفورنيا. ولا تجد إدارة مهرجانات بعلبك صعوبة في إقناع الفنانين الأجانب في إحياء حفلات بسبب موقع القلعة الجغرافي، لكن الصعوبة تكمن في الموازنة التي يطلبها الفنانون الكبار. وتقول طراد “يعتبر الفنانون أن مشاركتهم في بعلبك هي تتويج لمسيرتهم الفنية، وبالنسبة اليهم يشرفهم إحياء حفلة في قلعة مرموقة كقلعة بعلبك”. وتضيف “فنانون كبار يتصلون بنا ويحلمون باعتلاء خشبة بعلبك، لكننا لا نستطيع استقدامهم، بسبب أجرهم الذي يفوق ميزانيتنا”. أ ف ب | بيروت