جددت الحكومة العراقية عزمها على مقاضاة السفير السوري المنشق نواف الفارس، بعدما اعترف بالمشاركة في تسهيل عمليات انتقال وحدات «جهادية» من بلاده إلى العراق. ودعت بغداد مواطنيها المقيمين في سورية إلى مغادرة هذا البلد، نظراً إلى تفاقم الوضع الأمني فيه، وطالبت أطراف الصراع بتجنيب العراقيين الاعتداءات، بعد وصول جثث 21 مواطناً، بينهم صحافيان، قتلوا خلال المواجهات هناك. وأكد المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء علي الموسوي في تصريح إلى «الحياة» أن «بغداد ستلاحق الفارس لاعترافه بالمشاركة في تسهيل عمليات دخول جماعات مسلحة من سورية إلى العراق». وزاد: «سنلاحق السفير المنشق بكل الوسائل الممكنة، لأن التستر على تسهيل عملية دخول الإرهابيين جريمة». وأعلن الفارس في مقابلات صحافية، أنه ساعد، عندما تولى منصب محافظ دير الزور، في إرسال «وحدات جهادية» إلى العراق لتنفيذ هجمات مسلحة، خلال السنوات التي أعقبت إطاحة نظام الرئيس الراحل صدام حسين عام 2003. وأشار الموسوي إلى أن «السفير الذي كان يمثل بلاده لدى العراق حتى وقت قريب اعترف بتسهيل مهمة دخول جماعات مسلحة، بمعنى أنه أثبت التهمة على نفسه وهذا يستدعي مقاضاته، خصوصاً أن تلك الجماعات كانت سبباً في استهداف الأبرياء من العراقيين». وقطعت العلاقات الديبلوماسية بين العراق ودمشق بعد موجة تفجيرات دامية استهدفت وزارتي الخارجية والمالية في آب (أغسطس) 2009، وتقدمت بغداد بشكوى لدى مجلس الأمن ضد دمشق لإيوائها المخططين لتلك العمليات، وسحب البلدان سفيريهما ولم تعد العلاقات إلا بعد مرور نحو عام. إلى ذلك، أكدت النائب عن «كتلة الأحرار» أسماء الموسوي في تصريح إلى «الحياة» أن «من حق الحكومة باعتبارها الممثل الشرعي للشعب العراقي أن تسعى إلى مقاضاة السفير السوري». وأضافت إن «مقاضاة الفارس أمر حتمي باعتباره أدلى باعترافات صريحة عن تورطه في شكل مباشر بالجرائم الإرهابية التي ضربت مدن العراق». وأوضحت أن «موقف الحكومة لا يعني أنها عدلت مواقفها إزاء نظام الأسد فموقفها ثابت وواضح وهو مساعدة سورية على حل مشاكلها بالطرق الديبلوماسية بعيداً عن لغة العنف والدمار، وأعتقد أن الجميع أدرك ذلك فمثل تلك المواقف لا تعني الوقوف ضد النظام السوري». وكان نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي، اتهم رئيس الوزراء نوري المالكي بالتحالف مع النظام السوري في قتل العراقيين، واصفاً الرئيس الأسد بأنه «سفاح العراق الجديد»، و «قاتل الشعب من سنة وشيعة». وقال الهاشمي في بيان إن السفير نواف الشيخ فارس أعلنها أمام الدنيا صريحة مدوية أن «نوري المالكي يعرف جيداً كم قتل بشار الأسد من أبناء الشعب العراقي وتحديداً بالمفخخات والتفجيرات والعمليات الإرهابية وهو أي الأسد لديه وثيقة عهد وشرف مع تنظيمات القاعدة لتنفيذ عمليات تستهدف العراقيين الأبرياء يومياً». إلى ذلك، قال الناطق باسم الحكومة علي الدباغ في بيان تسلمت «الحياة» نسخة منه إن «مجلس الوزراء ناقش بجلسته الاعتيادية أمس، تزايد حوادث القتل والاعتداء على العراقيين المقيمين في سورية، ودعا «أطراف النزاع إلى عدم التعرض لهم كونهم ليسوا طرفاً في النزاع الدائر حالياً هناك». وأكد أن العراقيين هم ضيوف يقيمون بصورة موقتة في سورية، «وندعوهم إلى العودة للوطن حيث سيتم تأمين كل الوسائل اللازمة لعودتهم». يذكر أن السلطات العراقية في منفذ الوليد الحدودي مع سورية تسلمت مساء أول من أمس جثث 21 عراقياً لقوا مصرعهم في هذا البلد، بينهم جثتا صحافيين قتلا في دمشق.