تساءل باحثون عن العمل من الشباب الذين زاروا معارض توطين الوظائف الذي نُظّم في جدة أخيراً، عن المقياس الحقيقي لهذه المعارض، ومدى المتابعة والجدية في التواصل مع المتقدمين إلى الشركات العارضة، ودور الجهات المعنية بالتنظيم والترخيص لهذه الشركات العارضة لتحقيق الهدف الحقيقي لها من توطين الوظائف. فيما أبدى بعض الشباب انطباعاً عنها، بأن الاستثمار التجاري للراعين والمنظمين هو الغالب على طابع هذه المعارض، على حساب أنهم تكبدوا مشقة الحضور وتقديم سيرهم الذاتية، بعد أن قرأوا الإعلان عن هذه المعارض، فيما أبدى بعض الشباب الاستغراب والدهشة من سلبية بعض المسؤولون عن المقابلات، أو طريقة استقبالهم السريعة والخاطفة التي توحي «بأداء الواجب فقط»، وأبدى الشباب امتعاضاً واضحاً من مستوى الرقابة على الشركات والمؤسسات المشاركة فيها، للتأكد من جدية عروضها المطروحة لتشغيل العاطلين، مؤكدين أن بعض هذه الجهات تشارك في المعارض بغرض الدعاية وليس الإسهام في حل مشكلة البطالة. وأوضح الشاب سعيد عبدالله أحد الزائرين للمعرض، أنه زار العديد من معارض التوظيف التي عقدت أخيراً في جدة، وتفاجأ من البون الشاسع بين أهداف هذه المعارض التي قرأ الإعلان عنها بوسائل الإعلام، وعن واقعها الذي يرى فيه عدم جديتها في التواصل بعد تقديم السيرة الذاتية، وعدم وجود الأشخاص المؤهلين لاستقبال المتقدم للوظيفة، ليكون استنتاجه الأخير عن هذا الوضع أن «الشركات تبحث عن الدعاية في المقام الأول، ورفع العتب عن دورها في تقديم الوظائف للشباب». ويوافقه الرأي محمد صالح أحد المتقدمين للحصول على وظيفة، والحاصل على شهادة في السكرتارية، دعا إلى «مراقبة العارضين بإجبارهم على تقديم إحصاءات موثقة لعدد الذين تم قبولهم، حتى تكون هذه المقابلات التوظيفية أكثر جدية، وحتى لا تفقد المعارض صدقيتها عند الشباب، ويتم العزوف عنها في وقت تسعى فيه الجهات الحكومية المعنية إلى التوظيف وإيجاد حلقات الوصل الفاعلة لاستيعاب الشباب في القطاع الخاص». واستغربت المواطنة بدور.م.ع الحاصلة على شهادة جامعية في اللغة العربية، ودبلوم في مجال الحاسب الآلي عدم حصولها على وظيفة تناسب مؤهلها، وتقول: «إن الوظائف النوعية غير متاحة، وفي غالبها تقتصر على المقربين وعلى المحسوبيات»، مؤكدة أن هناك توظيفاً، ولكن ليس التوظيف الحقيقي والفاعل، مشيرة إلى أن الفرص الحقيقية غير موجودة للكثيرين، ممن لا يجدون الدعم ربما من واسطة أو قريب نافذ في هذه الشركات. وفي إجابة لسؤال وجهته ال«الحياة»، ما ذكره الشباب عن هذه المعارض، وهل بالفعل أن الدعاية والإعلان هي الدافع والحافز لمشاركة هذه الشركات في المقام الأول، أكدت المشرفة العامة على معرض توطين الوظائف العنود أبو النجا، أن هذه المعارض توفر فرصاً حقيقية للشباب، وليست مجرد مهرجانات للدعاية من الشركات، وأن هذا المعرض يطبق مفاهيم جديدة لمعارض التوظيف لتوفير فرص حقيقية للعمل. وأشارت إلى أن الواقع يشير إلى الإقبال الكبير من الشباب، فالإحصاءات تقول إن المعرض زاره 20 ألف متقدم ومتقدمة، للحصول على فرصة عمل، وأن الشركات الجادة في التوظيف حضرت في المعرض واستقبلت الشباب، وتم فرز مؤهلاتهم واختيار العديد منهم بحسب مؤهلاتهم وتعيينهم بشكل مباشر، مشيرة إلى أن الأمر لا يقف عند التقديم للشركات فقط، إنما يتم التواصل مع الشركات وتقديم السيرة الذاتية للمتقدمين، فهناك عقد مبرم مع الشركات للتوظيف واستمرار التواصل والتنسيق والمتابعة. وأكدت أبو النجا أن الإيجابيات ظاهرة في هذه المعارض، من ربط الشباب بالشركات، ومن الإقبال المتواصل في طريقة وآلية العرض والتنسيق، والاستفادة من أي قصور في معارض سابقة. مؤكدة أن الاستمرار والتحسن هو الطريق الذي سيجعل هذه المعارض تحقق أهدافها في توظيف أبناء وبنات الوطن، بما يتناسب وتخصصاتهم وقدراتهم في وظائف حقيقية ونوعية.