تتجه الجمعية التأسيسية المخولة صوغ الدستور المصري الجديد إلى الإبقاء على نص المادة الثانية من دستور عام 1971 الذي علّق العمل به العام الماضي، والتي تنص على أن «مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي للتشريع»، بعدما حسم الأزهر أمس الخلافات في شأنها رافضاً محاولات السلفيين لتعديلها «درءاً للخلافات التي تفتح باب الفرقة والفتنة». وقال شيخ الأزهر أحمد الطيب في مؤتمر صحافي عقده أمس إن «موقف الأزهر النهائي والحاسم هو عدم المساس بالمادة الثانية من الدستور بصيغتها الحالية، سواء بزيادة أو بحذف». وأضاف: «هذه مسؤوليتي ومسؤولية الأزهر أمام الله وأمام الأمة». وقوبل قرار الأزهر بارتياح من غالبية القوى السياسية، وبينها جماعة «الإخوان المسلمين»، إضافة إلى الأقباط. غير أنه قوبل بالرفض من جانب التيار السلفي الذي تبنى تعديل نص المادة وحذف كلمة مبادئ لتصبح «الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي للتشريع». وهددوا بحض أنصارهم على التصويت برفض هذه المادة. واعتبر الطيب خلال مؤتمر صحافي أمس أن الجدل الحاصل في الساحة السياسية في شأن المادة الثانية «خروج على ما تم الاتفاق عليه في وثيقة الأزهر، وما سبق أن وقع عليه كل ألوان الطيف السياسي في مصر من أحزاب وتيارات وجماعات»، وحذر من أن «هذا الجدل قد يشوش فكر الأمة، ويحول دون وصولها إلى الاستقرار المنشود»، مؤكداً أنه «لا يجب المساس بالمادة الثانية في الدستور كما وردت في دستور 1971 وهي أن الإسلام دين الدولة الرسمي واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع». وأضاف أن مبادئ الشريعة «تمثل عقيدة الأمة والمصدر الأهم لهويتها ومبادئها وأصولها». ودعا «كل الأخوة الفضلاء المعنيين بهذه المادة، إلى الإبقاء عليها كما وردت في دستور 1971، وألا نسمح لأحد بأن يجر الأمة باسم خلافات لفظية إلى خلافات تبدد الطاقات وتثير المخاوف وتفتح أبواب الفرقة والفتنة التي تشغلنا عن الالتفات إلى عظائم الأمور». ورأى أن «هذه المادة بصياغتها الحالية هي عنوان توافق بين جميع القوى السياسية في مصر». لكنه شدد في الوقت نفسه على «ضرورة أن يلتزم المشرع المصري (البرلمان) خلال صياغة كل فروع القانون بأن تكون مستمدة من الشريعة بمذاهبها المعتبرة أو مستفيدة من التراث القانوني العالمي شريطة ألا يتعارض مع الشريعة، وبما يحقق مصالح الناس»، كما طالب المحكمة الدستورية العليا ب «إلغاء كل نص قانوني يخالف الشريعة الإسلامية». وتباينت ردود فعل قوى التيار الإسلامي إزاء قرار الأزهر، ففي حين أعلنت جماعة «الإخوان» الموافقة على الإبقاء على المادة الثانية من دون تعديل، جدد التيار السلفي إصراره على ضرورة حذف كلمة «مبادئ» من المادة الثانية واستبدالها ب «أحكام». وأكد عضو مجلس شورى جماعة «الإخوان» النائب جمال حشمت موافقته على بقاء المادة الثانية من الدستور بنصها. وقال: «أوافق على بقاء المادة الثانية كما هي لأن مناخ التربص والاستعداء الذي زاد الإعلام من حدته لا يسمح بتغييرها»، مضيفاً: «في ظل هذا النص أيضاً تم تقنين الشريعة». لكن عضو الهيئة العليا في حزب «النور» السلفي يونس مخيون جدد تأكيد حزبه «التمسك بتعديل المادة الثانية المتعلقة بالشريعة الإسلامية، وذلك بحذف كلمة مبادئ، من نص المادة ووضع كلمة أحكام مكانها».