لم يعد مشهد المتسولين الإيرانيين والهنود في النجف وهم يرددون عبارات الرثاء للإمام الحسين بلهجة عربية ركيكة تصحبها كلمات هندية وفارسية، غريباً على الأهالي، لكنه اصبح مثار استياء المتسولين المحليين الذين تزدحم بهم المدينتان خصوصاً في المناسبات الدينية. ذلك الاستياء تنقله المتسولة أم سعد بالقول «نحن المتسولون من أبناء البلد أصبحت أعدادنا كبيرة فجاءنا الإيرانيون يزاحموننا على رزقنا (...) السلطات تلاحقنا نحن لكن هؤلاء يتجولون ويستجدون بحريتهم ويدخلون إلى البلد ويخرجون منها بانتظام». ويستعطف المتسول الإيراني مشاعر الناس بحمله صور الأئمة الشيعة وقراءة موشحات دينية، فيما أسلوب الهندي يختلف فهو يطلب المال لكونه زائراً وأنفق أمواله ولا يوجد لديه مال للأكل والشرب. ويدخل المتسولون من إيران والهند بتأشيرة زيارة سياحية لكنهم يبقون في العراق بعد انتهاء صلاحية التأشيرة. ويتردد كلام داخل الوسط النجفي والكربلائي عن أن الإيرانيين والهنود مدعومون من رجال دين بارزين ولا تستطيع جهة أمنية أو قضائية مساءلتهم. وقال ل «الحياة» مدير مكتب استيراد العاملين منذر الاعسم «نحن نجلب العاملين من بنغلادش بعقود عمل رسمية مصدقة في وزارة الخارجية والسفارات». وأضاف «بعض الهنود والباكستانيين استغلوا تأشيرة الزيارة للعتبات المقدسة التي تستمر لشهر واحد ولم يغادر بعضهم منذ اكثر من عام على دخوله». وأكد أن «الجاليات الباكستانية والهندية والإيرانية تتلقى دعماً معنوياً ومادياً من رجال دين بارزين»، مشيراً إلى انهم تحت اعين السلطات ولم يقم احد بمساءلتهم. ويرى الفنان التشكيلي محمد لقمان أن ظاهرة انتشار المتسولين الأجانب ناهيك عن المحليين في النجف تعكس صورة سوداوية وغير حضارية. ويقول إن «العراق بشكل عام والمدن المقدسة على وجه الخصوص تشهد تضخماً في صفوف المشردين والمتسولين». وكانت أمينة سر مجلس محافظة النجف أزهار الطريحي حذرت من خطورة اتساع ظاهرة التسول في المحافظة داعية إلى سن قانون لحماية المدينة، والمتسولين، في ضوء استغلال بعض المجموعات للتسول كغطاء للاتجار بالأطفال، وبالأعضاء البشرية، ولترويج المخدرات. وقالت إن «ظاهرة التسول في المحافظة تتسع باستمرار بحيث باتت تشكل خطراً واضحاً في المحافظة»، محذرة من» خطورة استمرار الظاهرة في ضوء غياب المعالجات الجدية». يذكر أن التقاطعات الرئيسية في النجف، اضافة إلى المناطق القريبة من الأضرحة الدينية والأسواق، تشهد انتشار العشرات من المتسولين غالبيتهم من النساء والأطفال، وقد ارتفعت أصوات كثيرة تدعو لعلاج هذه الظاهرة جذرياً، في حين اعتبرها البعض مشوهة للمدينة التي تعتمد في اقتصادها ومواردها بشكل أساسي على السياحة الدينية.