حين صدرت موافقة خادم الحرمين الشريفين على إنشاء الجامعة السعودية الإلكترونية بالأمر السامي الكريم رقم 37409/ب بتاريخ 10 - 9 - 1432ه، تأكدت من مدى أهمية التعليم بشكل عام، والعالي بشكل خاص، لدى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والقيادة السعودية، إذ أراد أن يكمل حلقة التعليم العالي من خلال إنشاء هذه الجامعة والاستفادة من التقنية في التعليم ومواكبة تطورات العصر ومجاراة الزمن في المناهج والوسائل. تصفحت موقع الجامعة وأطلعت على لقاء مع مدير الجامعة السعودية الإلكترونية المكلف الأستاذ الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز الموسى، الذي ذكر في هذا اللقاء قائلاً: «الجامعة الإلكترونية هي أول جامعة حكومية إلكترونية في العالم العربي، وهي في أنظمتها المطبقة مثل باقي الجامعات السعودية الأخرى، إلا أنها تختلف عنها في منهجها الأكاديمي، إذ تتيح التعليم بطريقة إلكترونية لمن يرغب في تطوير ذاته علمياً، من خلال برامج أكاديمية تعتمد على تفاعل الطالب مع المناهج التي تدرس عبر نظام آلي توفره الجامعة، مثلما تُقدمه أفضل عشر جامعات في العالم». تتكون الجامعة السعودية الإلكترونية من ثلاث كليات هي كلية العلوم الإدارية والمالية، وتتكون من أربعة أقسام، هي قسم إدارة الأعمال، وقسم المالية، وقسم المحاسبة، وقسم التجارة الإلكترونية، أما كلية الحوسبة والمعلوماتية، فتضم قسم علوم الحاسب، وقسم تقنية المعلومات، وقسم الحوسبة المعلوماتية. والكلية الثالثة هي كلية العلوم الصحية، فتضم قسم المعلوماتية الصحية، وقسم الصحة العامة، وتمنح هذه الكليات درجات البكالوريوس والماجستير والدكتوراه، إضافة إلى برامج تدريبية لاستخدام التقنية في التعليم والإدارة، علماً بأن الجامعة ستبدأ في عامها الأول في أربعة تخصصات فقط، على أن تكتمل باقي التخصصات لاحقاً. لا شك أن الكثير من الناس، وأنا واحد منهم يخلط بين الانتساب والتعليم الإلكتروني، إذ يمثل التعليم الإلكتروني أحد أنماط التعلم الحديثة التي تعتمد على استخدام التقنية في تذليل العقبات والعوائق لإيصال التعليم لطالبه، فالجامعة السعودية الإلكترونية، تتيح فرصة التعلم الممزوج «BlendedLearning»، وهو نموذج يتم فيه دمج استراتيجيات التعلم وجهاً لوجه في الدراسة التقليدية بأدوات التعلم الإلكتروني عبر «الإنترنت»، ويهدف التعلم الممزوج لتوظيف فوائد التعلم الإلكتروني والدراسة التقليدية وتلافي عيوبهما، ويُسمى التعلم الممزوج أيضاً بالتعلم المدمج أو التعلم الخليط» (موقع الجامعة)، إذ يتم عبر استخدام هذا الأسلوب الدمج بين أسلوب التعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد والتعليم المباشر. إنشاء الجامعة السعودية الإلكترونية جاء استجابة لمتطلبات التنمية وسوق العمل، ولتطوير اقتصاد المعرفة، الذي ستعتمد عليه المملكة في العقود المقبلة، ولتتيح الفرصة لعشرات الآلاف الذين لم تتح لهم فرصة التعلم في الجامعات، بسبب العمل أو السن أو غيرهما من الظروف الأخرى، كما أن مساحة المملكة الشاسعة، تتطلب مثل هذا النوع من الجامعات التي أصبحت الكثير من الدول المتقدمة جداً تتوجه لهذا النوع من أنماط التعليم. لا شك أن هذا النمط من أنماط التعليم - التعليم الالكتروني - سيكون جديداً على الطلاب في المملكة العربية السعودية، وسيواجه بالتردد والتساؤل من الكثير من المواطنين، سواء طلاب علم أو أولياء أمور، لكن لا بد أن يعلم الجميع أن أعرق الجامعات العالمية ومؤسسات التعليم العالي في العالم، بدأت بانتهاج هذا النمط، وعلة رأسها جامعة هارفارد الأميركية «Harvard University»، ومعهد ماساتشوسيتس للتقنية «MIT Institution»، إذ اتفقا على إنشاء جامعة إلكترونية، تسمى أيديكس «edX»، وهي جامعة مستقلة غير ربحية، ولتنويع أنماط التعليم العالي، والتعليم الجامعي في الولاياتالمتحدة الأميركية، وللاستفادة من التقنية في الرسالة التعليمية، لتقديم محاضرات مجانية للجميع عبر «الانترنت»، وهو ما ذكرته صحيفة «بوسطن غلوب». وتقوم الجامعتان بإجراء أبحاث على كيفية استفادة مئات الآلاف من الطلاب حول العالم من المحاضرات عبر «الانترنت» وتراقب الأداء الأكاديمي للدارسين في تلك المساقات التي تتراوح بين الرياضيات وعلوم الذرة وحتى الهندسة والإنسانيات، ما يجعل استخدام التقنية في هذه الحال أمراً ضرورياً وحيوياً ومفيداً. شرعت الجامعة ببناء شراكات مع جامعات عالمية لها خبرة طويلة في هذا المجال، من أجل الاستفادة من هذه الخبرة، فقامت بالاتفاق مع جامعة فرانكلين «Franklin University» وجامعة كلورادو «Colorado University, GlobalCampus»، وكذلك مع مؤسسة التعليم أولاً «Education First»، ما يعزز قدرة الجامعة على بدء برامجها التعليمية على أكمل وجه والاهتمام بالمحتوى الأكاديمي للمقررات. هناك تساؤلات ترد على موقع الجامعة وعلى أخبار الجامعة في الصحف حول القبول فيها واعتمادها من ديوان وزارة الخدمة المدنية ووزارة التعليم، أقول لهؤلاء: ما دامت الجامعة أنشئت بأمر سامٍ فهي جامعة حكومية ومعتمدة في وزارتي الخدمة المدنية والتعليم العالي، ولذلك السؤال المتردد حول قبول شهادتها وتصنيفها هو خارج النقاش، فعلى الراغبين في التسجيل في هذه الجامعة عدم إثارة هذا التساؤل أو النظر له لأنه خارج السياق. تجربة مدير الجامعة المكلف عبدالله بن عبدالعزيز الموسى الناجحة في وكالة الابتعاث، وتطويره لها كماً ونوعاً، وقبلها تجربته كعميد لكلية الحاسب الآلي في جامعة الإمام محمد بن سعود، ستنعكس إيجاباً على الجامعة، وتجعلنا نثق بأن تأسيس الجامعة سيكون على أسس متينة، وسيحقق طموحات القيادة في هذه الجامعة، وانخراطها كجزء مكمل ومهم وفي هذا الوقت بالذات، لمنظومة التعليم العالي. * أكاديمي سعودي. [email protected]