عبرت اولى شاحنات التموين التابعة للحلف الأطلسي (ناتو) معبر شامان الباكستاني الحدودي مع افغانستان أمس، بعدما رفعت إسلام آباد الحظر الذي تفرضه منذ سبعة شهور، رداَ على مقتل 24 جندياً باكستانياً في غارة شنتها من طريق الخطأ مروحيات اميركية تخضع لقيادة «الناتو» على مركزهم في منطقة صلالة القبلية الحدودية في تشرين الثاني (نوفمبر) 2011. ودخلت ثلاث شاحنات محملة بمياه معدنية الى جنوبافغانستان، تنفيذاً لاتفاق وقعته إسلام آباد وواشنطن الثلثاء، ويلحظ منح مساعدة اميركية قيمتها 1,1 بليون دولار للجيش الباكستاني، كانت واشنطن جمدتها العام الماضي. وقد يهدئ الاتفاق التوتر بين الدولتين، خصوصاً انه ترافق مع استجابة وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون لطلب إسلام آباد الاعتذار عن مقتل الجنود الباكستانيين في صلالة. لكن توترات عميقة لا تزال قائمة بسبب زعم الحلف الأطلسي سماح باكستان لمتشددين باستخدام اراضيها لشن هجمات داخل افغانستان، كما تعارض باكستان الغارات الأميركية على اراضيها، ولا تزال مستاءة من تنفيذ وحدة كوماندوس اميركية عملية لتصفية زعيم تنظيم «القاعدة» اسامة بن لادن في ايار (مايو) 2011. ورغم تأكيد قادة الحلف سابقاً ان غلق الطرق لم يؤثر على العمليات في افغانستان، لكنهم ابدوا ارتياحهم لإعادة فتح طرق الامدادات، خصوصاً ان قواتها تعتزم سلوك هذه الطرق للانسحاب من افغانستان بحلول نهاية 2014، ما يزيل تعقيدات الكلفة الباهظة لإنشاء جسر جوي من اجل نقل عشرات الآلاف من الآليات والجنود. اعتداءات مومباي الى ذلك، رفضت باكستان اتهامات الهند بأن «عناصر من حكومتها متورطين بتخطيط وتنسيق اعتداءات مومباي عام 2008، حين قتل 166 شخصاً». وصرح وكيل وزارة خارجية باكستان جليل عباس جيلاني في مؤتمر صحافي جمعه مع نظيره الهندي رانجان ماتاي: «أرفض بشدة أي تلميح لتورط هيئة حكومية باكستانية بأعمال ارهابية في الهند». وزاد: «اذا واصلنا تبادل الاتهامات فلن نحصل على فائدة ولن نتوصل الى نتيجة»، فيما شدد ماتاي على ان مثول المذنبين امام القضاء «سيكون افضل اجراء لإعادة الثقة». وعكس ذلك استمرار التوتر الناجم من الاتهامات الخاصة بهجمات مومباي والوضع السياسي المضطرب في باكستان، علماً ان الهند اعلنت بعد اعتقالها الشهر الماضي سيد زبيد الدين الانصاري، وهو هندي من جماعة «عسكر طيبة» الباكستانية يشتبه في انه كان وسيطاً اساسياً مع منفذي هجمات مومباي، انه اعترف بتنسيق الاعتداءات من مركز قيادة في كراتشي، «لذا من الواضح ان عناصر من الحكومة كانوا حاضرين». لكن جيلاني شدد على ان تقدم عملية السلام يجب ألا تعترضه عراقيل، علماً انه اتفق مع نظيره ماتاي على اللقاء مجدداً في اسلام اباد في موعد لم يحدده للتحضير للقاء مقرر في ايلول (سبتمبر) المقبل بين وزيري خارجية البلدين. مؤتمر افغانستان على صعيد آخر، كشفت مصادر ديبلوماسية ان الدول الداعمة لأفغانستان قد تعد خلال مؤتمر طوكيو نهاية الاسبوع بمساعدات اضافية للتنمية قيمتها 15 بليون دولار في فترة تمتد حتى عام 2015، ثم الاستمرار في دعم التنمية حتى عام 2024. ويحضر المؤتمر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ووزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، ومسؤولون آخرون كبار من 70 بلداً ومنظمة دولية. وواوضحت المصادر ان المساعدة الانمائية ستشترط تعهد افغانستان استئصال الفساد واصلاح نظامها القانوني، وتصحيح ماليتها واجراء سلسلة اصلاحات اخرى. وادرجت التعهدات المتبادلة في وثيقة بعنوان «الخطة الاطار للمسؤولية المتبادلة»، يتوقع نشرها خلال المؤتمر الى جانب «اعلان طوكيو». واعلن الرئيس الافغاني حميد كارزاي هذا الاسبوع ان بلاده تحتاج الى مساعدة دولية اجمالية قيمتها 3,9 بليون دولار سنوياً بدءاً من العام 2015، لإعادة بناء اقتصادها بعد رحيل قوات «الأطلسي».