تباينت ردود فعل المتخصصين بالسياسة النقدية في شأن قرار المصرف المركزي العراقي إغلاق كل مكاتب الصيرفة غير المرخصة منه، وحصر التحويلات الخارجية بالمصارف. وأيدّ بعض المختصين الخطوة وأكدوا أنها جاءت متأخرة وكان يتوجب تطبيقها منذ عام 2003 لوقف تهريب الأموال إلى الخارج، بينما دعا آخرون إلى فرض رقابة إلكترونية. وأشار نائب محافظ المصرف المركزي العراقي مظهر صالح في حديث إلى «الحياة»، إلى أن «الهزات العنيفة التي ضربت السوق العراقية أخيراً تعود بغالبيتها إلى أسباب خارجية أجبرتنا على إقرار آليات ستزيد سيطرتنا على السوق عبر المصارف الأهلية والحكومية وشركات ومكاتب الصيرفة» التي «خرقت القوانين وتمكنت تدريجاً من القيام بمهام المصارف المجازة التي كان يفترض أن تنفذ التحويلات الخارجية لصالح التجار والصناعيين، ولم تكتفِ بذلك بل جعلت المصارف تتقوقع على نفسها وتعود لتسيير الطلبات المحلية، ما يعني أن الوضع انقلب تماماً». وأعلن أن شركات ومكاتب الصيرفة استغلت انتشارها الواسع وكونها الأقرب إلى الزبائن والأسرع في تلبية طلباته». وقدرت التحويلات الخارجية العراقية إلى الخارج بهدف تلبية متطلبات الميزان التجاري لعام 2011 بأكثر من 52 بليون دولار، ثلثاها للقطاع الخاص. وأوضح أن المصرف المركزي رخص ل400 شركة ومكتب صيرفة في أنحاء العراق، وأوعز إلى الأجهزة الأمنية بإغلاق المكاتب غير المرخصة وإحالة أصحابها إلى الجهات القانونية المختصة. وقال: «آليات مزاد العملة طاولتها التغييرات أيضاً، بعد كثرة المشاكل في السوق من تذبذب أسعار صرف وتمويل إرهاب وغسل أموال. كما لاحظنا تزايد الطلب على الدولار، وعلى رغم مطالبتنا بفواتير، جاءتنا المصارف بفواتير وهمية». وفي شأن الآليات الجديدة قال صالح: «سنخول المصارف الحكومية والأهلية إنجاز عمليات البيع والشراء مع الزبون والتحويلات الخارجية، وسنكتفي نحن بالرقابة، حيث ستوزع على 25 مصرفاً أهلياً من أصل 49 مبالغ تصل إلى 220 مليون دولار يومياً لتبيعها». وأوضحت عضو اللجنة الاقتصادية النيابية نورة سالم البجاري أنها حذرت سابقاً من ظاهرة انفلات السيطرة على حركة الأموال من العراق إلى الخارج وبالعكس. ورأت أن المصرف المركزي تأخر في وضع ضوابط للسيطرة على عمليات تمويل الإرهاب وتبييض الأموال. وطالبت «المركزي» بزيادة رقابته على مكاتب الصيرفة التي يعتقد بعضهم أنها تقوم بالتعامل مع الزبائن المحليين وبأرقام قليلة، لكن التجربة أثبتت العكس فهي تمارس صلاحيات مصارف كبيرة وتقوم بتحويل مبالغ ضخمة جداً للخارج من دون قيد أو شرط. الخبير الاقتصادي عماد العبود رأى أن «النظام الجديد الذي وضعه المصرف المركزي لن يكون فاعلاً في الحالة العراقية... وسيبقى معتمداً على صدقية المصارف الأهلية بتزويده بتقارير يومية أو أسبوعية عن طبيعة التحويلات، وبما أن الأولى سبق أن اتهمت الثانية بأنها تجلب وثائق غير حقيقية، فستبقى تعتمد هذا الأسلوب لتحويل الأموال من دون أن يقابلها توريد سلع أو خدمات». غير أن المصرف المركزي دافع عن آلياته، وأوضح صالح أنه حدّد 25 مصرفاً ملتزماً بالقوانين من أصل 48 مصرفاً خاصاً باستثناء الحكومية التي ستكون بمنأى عن الرقابة. وأضاف: «البنك سيعطي أي مصرف ملتزم بالقوانين 1.25 مليون دولار حصة أسبوعية تشجيعية خارج الضوابط، تشجعها على التعامل بصدقية، وفي حال ثبوت العكس ستستبعد نهائياً من آلية التحويلات الخارجية وهذا رادع قوي وفعال».