على الرغم من شغف الوجه الحسن للخضرة والماء إلا أن التعاون معهما لا يتجاوز نطاق حديقة المنزل في مجتمعنا، وكذلك العكس، فعلى الرغم من عطاءات الخضرة التي لا تقف بلا حدود من بهجة وسرور وأحاسيس تدغدغ المشاعر وغيرها، إلا أنها حرمت من تعاملها مع الجنس اللطيف على مستوى المهنة. فتيات عشقن التعامل مع الخضرة بشتى أنواعها وأحببن التوغل في إبداعاتها، وكبرت أحلامهن على أن يحصلن على أعلى الشهادات في تعلم فنونها الهندسية، إلا أن «قارئة الفنجان» أخبرتهن بأن «طريقهن مسدود مسدود مسدود» في جامعاتنا وأن تخصصهن «الموعود» «يتطلب أسفاراً وحروباً» وبما أن «حب الخضرة هو المكتوب» استطاعت «نيفين العبدالله» وهي سيدة سعودية أن تتغلب على هذه الصعاب لتحصل على «المراد» لتعود بها إلى أرض «الديار» ل تكون أول سعودية تعمل بشهادة تخصصها «الهندسة الزراعية» في تنسيق الحدائق والبساتين، إلا أنها تفاجأت بأنه لا يوجد مسمى وظيفي نسائي بتخصصها في الخدمة المدنية لتبدأ رحلة البحث والتنقيب عن العمل والتي استمرت أكثر من سبع سنوات منذ تخرجها. وتقول نيفين: «لم أتمكن من الحصول على عمل في مجال تخصصي وقمت بمخاطبة شركات عدة، كما توجهت إلى الأمانة جميع الوظائف بها مخصصة للرجال فقط دون النساء، على الرغم من وجود قسم نسائي في الأمانة إلا أنه لا توجد أي مهندسة زراعية فيه مع أن الزراعة جزء مهم في أعمال هذه الجهة الحكومية، ولم أجد إلا مجالات لا ناقة لي فيها ولا جمل ولم أجد متعة العمل بها» ولكن «فرجت بعد أن ظنت ألا تفرج» فسعودة الوظائف واتساع رقعة عمل المرأة ساهما في توظيف «نيفين» لتكون أول سعودية تدخل مجال الهندسة الزراعية بمنصب «مديرة مشاريع تنسيق حدائق وبساتين الفلل والقصور» لدى القطاع الخاص، هذا إلى جانب العرض الآخر الذي قدم لها لتكون مديرة على تشجير وصيانة جنوبجدة بإحدى الشركات. وترى «نيفين» أن العمل في مجال تخصصها مع الأزهار والخضرة يضيف لها الكثير من المتعة كونها تعمل مع كائنات بطريقة العطاءات المتبادلة بين الطرفين «نعطيه الماء ..فيعطينا الحياة»، وذكرت أن طالبات المدارس يقمن بزيارة الشركة التي تعمل بها لتعليمهن بعض الشروح المبسطة عن النباتات وتقسيمها ووضعها بمكانها المخصص، مشيرة إلى وجود الكثير من الأفكار المتزاحمة في عقلها ترغب في تنتفيذها. وعن مجال عملها ذكرت نيفين أنها تعمل على تنسيق وتصميم الحدائق بالمنازل والقصور والمدارس، منوهاً على أنها طلبت تطوير البيئة التعليمية من حيث تقديم بيئة خضراء وجميلة إلا أنها لم تحصل على أي تجاوب من جانب وزارة التربية في هذا الشأن. وتمنت نيفين أن تمتلئ المخططات الحديثة بالحدائق واتساع رقعة المساحة الخضراء كونها المتنفس لساكن الحي من النواحي النفسية والصحية كافة، لافتة إلى أن ثقافة غالبية المجتمع بعيدة عن النباتات وأهمية وجودها داخل المنزل وخارجها ، خصوصاً أن غالبية «عملائها» يهتمون بالحدائق الخارجية فقط .