هددت الحكومة الأفغانية أمس، برفع شكوى ضد باكستان أمام مجلس الأمن، في حال لم يتوقف الجيش الباكستاني عن قصف أراضيها على طول الحدود بين البلدين. وتوقع الناطق باسم الخارجية الأفغانية أن يبحث الرئيس حميد كارزاي هذه المشكلة مع رئيس الوزراء الباكستاني رجا برويز أشرف في لقائهما المقرر خلال الأسابيع المقبلة، وقال: «حتى إذا لم تفض محادثاتنا إلى نتيجة سنرفع هذا الملف إلى مجلس الأمن». ترافق ذلك مع إبداء شفيق الله طاهري، الناطق باسم أجهزة الاستخبارات الأفغانية، أسفه في مؤتمر صحافي «لاستمرار باكستان منذ شهرين في مهاجمة قرى أفغانية في ولايتي كونار ونورستان (شمال شرق)». وأشار إلى سقوط أربعة مدنيين قتلوا، بينهم امرأة وطفل، وجرح ستة في كونار الأسبوع الماضي، علماً أن أكثر من 500 أسرة، أي آلافاً من الأشخاص، نزحوا من الولاية التي استهدفها 850 صاروخاً على الأقل أطلقها الجيش الباكستاني. وفيما تتبادل باكستانوأفغانستان الاتهامات بعدم بذل جهود كافية لمنع المتمردين من عبور الحدود بين البلدين، وشن هجمات على أراضي البلد الآخر، دانت باكستان هجوماً شنه عشرات من عناصر حركة «طالبان» أتوا من أفغانستان على أحد مراكز التفتيش في منطقة كرّام، معلنة مقتل ستة منهم. وأشارت مصادر أمنية باكستانية إلى أن 60 جندياً أفغانياً هاجموا بلباسهم العسكري منطقة حدودية في كرّام، قبل أن تجبرهم اللجان الأهلية المحلية على التراجع، بعد معركة استمرت ساعة وأدت إلى مقتل شخصين من اللجان الأهلية. على صعيد آخر، أعلنت وزارة الدفاع البريطانية أمس، أن رجلاً ارتدى زي وحدة النخبة في الشرطة الأفغانية قتل بالرصاص ثلاثة من جنودها وجرح زميلاً لهم عند نقطة تفتيش في منطقة كامباراك بول بنهر السراج في ولاية هلمند (جنوب)، مشيرة إلى إصابة المهاجم بجروح واعتقاله. وأوضحت الوزارة أن الجنود ذهبوا إلى نقطة التفتيش للقاء مسؤولين محليين، علماً أن مقتل الجنود الثلاثة رفع إلى 422 عدد ضحايا الوحدة البريطانية في أفغانستان منذ غزو البلاد نهاية عام 2001، والتي تضم حوالى 950 عسكرياً، ينتظر أن تسحب لندن 500 منهم بحلول نهاية السنة. وعاد الهجوم الأخير لعناصر «مارقة» في أجهزة الأمن إلى 19 حزيران (يونيو)، حين قتل ثلاثة رجال ارتدوا زي الشرطة الأفغانية، جندياً من «الناتو» جنوب البلاد. وأظهرت إحصاءات تنفيذ 17 هجوماً مماثلاً هذه السنة أسفرت عن مقتل 23 جندياً أجنبياً، مقارنة ب11 هجوماً و24 قتيلاً خلال الفترة ذاتها من العام الماضي. وفيما تزيد هذه الضغوط على دول الحلف لسحب قواتها، وترفع درجة التوتر في العلاقات بين الرئيس الأفغاني حميد كارزاي والقوى الغربية الداعمة له، صرح وزير الدفاع البريطاني فيليب هاموند بأن «الحادث المأسوي الجديد لن يؤثر في مهمتنا، أو يشتت جهودنا». ويقول قادة الحلف إن «تزايد عدد حوادث إطلاق النار يواكب ارتفاع الحجم المستهدف لقوات الأمن الأفغانية وصولاً إلى 352 ألف شخص». تسميم تلميذات إلى ذلك، سُمّمت أكثر من 100 تلميذة في مدرسة بولاية جاوزان (شمال)، ما شكل حادثاً جديداً يستهدف تلميذات في مدارس، وتحمّل الحكومة الأفغانية مسؤوليته إلى حركة «طالبان» التي حظرت خلال توليها السلطة بين عامي 1996 و2001 ذهاب النساء إلى المدارس. وتتراوح أعمار الفتيات اللواتي أصبن بتسمم بين 8 سنوات و22 سنة. إلى ذلك، كشف ديبلوماسيون غربيون أن كابول ستطالب الدول التي تمنحها مساعدات خلال مؤتمر طوكيو المقرر الأسبوع المقبل، تأمين ضمانات لمواجهة الفساد في مقابل منحها مزيداً من أموال المساعدات. ويهدف اجتماع طوكيو المقرر في الثامن من تموز (يوليو) المقبل إلى تأمين تعهدات بتقديم مساعدات لأفغانستان حتى عام 2014، وإعداد مسار للمساعدات بعد هذا التاريخ، في وقت يسعى المانحون إلى منع البلاد من الانزلاق مجدداً إلى الفقر والفوضى. وبعد أكثر من عشر سنوات والمساعدات الخارجية ببلايين الدولارات، لا تزال أفغانستان إحدى أفقر عشر دول في العالم، بينما يستمر تفشي الفساد في تقويض إرادة الأطراف الخارجية لإرسال استثمارات تحتاج إليها البلاد بشدة. ويقدر البنك المركزي الأفغاني أن البلاد ستحتاج إلى 6 أو 7 بلايين دولار خلال العقد المقبل، لدعم النمو الاقتصادي في بلد يضم صناعات مزدهرة قليلة. وعلى رغم الضغوط المالية الشديدة، تتمسك الدول المانحة بمواصلة مساعدة أفغانستان لأسباب أهمها ضمان عدم عودتها إلى الأوضاع التي ساعدت في إعطاء «طالبان» موطئ قدم في التسعينات من القرن العشرين، واتخاذ حكومة الرئيس كارزاي خطوات حاسمة لمكافحة التبذير والاحتيال. وقال مسؤول في السفارة الأميركية طلب عدم نشر اسمه: «من دون شك تطرح على الطاولة دائماً مواضيع الفساد والحاجة إلى المحاسبة في إنفاق المساعدات»، مضيفاً أن «ذلك يشكل أيضاً فكر الحكومة الأفغانية في تعاملها مع المانحين الذين لديهم تعليمات صارمة».