من الأفلام اللافتة التي عرضها مهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية القصيرة، في دورته الجديدة، ثمة فيلم وثائقي، متوسط الطول نرشحه فوراً للعرض على شاشات الفضائيات العربية، عنوانه «الشارع لنا»، وهو للمخرجة المصرية الشابة نيفين شلبي. لم يكن عرض الفيلم في الافتتاح، ولا في الاختتام، وليس في المسابقة الرسمية، أيضاً، بل في برنامج موازٍ، شاء أن يرى الثورة المصرية بعيون سينما المرأة. ربما يمكن القول إنه فيلم فريد من نوعه، اجتمعت فيه عوامل عدّة، لتجعل منه فيلماً استثنائياً بحقّ. كل ما في الفيلم يبيّن بوضوح أن التصوير يتمّ في زمن قبل الثورة تماماً، على حافتها الحادة. شرعت المخرجة بالتصوير قبل سنتين من اندلاع الثورة، وكان هدفها رصد كل أشكال الاحتجاجات والإضرابات والاعتصامات، ما جعل فيلمها سجلاً بصرياً يعرض لأبرز ملامح وأشكال الاحتقان المعتمل في أحشاء المجتمع المصري، خلال السنوات التي سبقت الثورة، لينتهي الفيلم في دقيقتيه الأخيرتين فقط معلناً قيام الثورة بناءً على كل ما سبق. ليست الثورة المصرية في الفيلم نبتاً شيطانياً، ولا منبتّة الجذور، بحسب منطوق الفيلم، وسرده البصري، وبنائه الفني. إنها تتويج لمسيرة شاقة قطعها مصريون، مضمّخة بالدم أحياناً، والقتل الغامض!.. من إضرابات عمال المحلة، إلى اعتصامات عمال قطاع البترول، وانتهاء بما تعرّض له القضاة، لا يكاد الفيلم يترك حدثاً، يشكّل مدماكاً في الطريق إلى الثورة، من دون أن يعرض له. والغريب أن المخرجة، كانت تسأل، حينها، عن الثورة، فيجيبها أحد رؤساء تحرير كبرى الصحف المصرية، بالقول: إن الغبي هو من يفكر بأن ثورة ستحصل!.. بينما يقول آخر بذكاء: إن الثورة ستقوم، ولكن عندما يتحرك الناس العاديون، الذين لا يتحدثون بالسياسة أبداً. في ثرثرة جانبية مع المخرجة، تؤكد أنها بدأت تصوير فيلمها قبل سنتين من الثورة، لأنها اعتادت بحكم مكان سكنها، في المنيل، وبشكل يومي، رؤية جلوس المعتصمين أمام أبواب مقرّات الحكومة المصرية. لقد قررت القيام بإنجاز هذا الفيلم، وشرعت بالانتقال ما بين القاهرة والاسكندرية، وعدد من المدن الصغرى، والبلدات والقرى، لرصد أشكال الاحتجاجات ضد الحكومة والفساد، والقهر والاستغلال. على الصعيد الإنتاجي، تشير المخرجة إلى أنها كانت بدأت إنتاج الفيلم بنفسها، قبل أن تدخل شركة «سبوت هوت»، وأسعد طه، شركاء بالإنتاج، لمصلحة قناة «الجزيرة الوثائقية». أن يكون فيلم «الشارع لنا»، للمخرجة نيفين شلبي، من الأفلام المميزة التي عرضها مهرجان الإسماعيلية السينمائي، كما نرى.. وأن تكون قناة «الجزيرة الوثائقية»، منتجة هذا الفيلم، شريكاً للمهرجان، على الأقل في واحدة من ندواته.. فهو مما يؤكد على الدور الذي يمكن للتلفزيون أن يلعبه في صناعة أفلام بديعة.