غزة - أ ف ب - حضر النجم دريد لحام الى غزة في زيارة تضامنية هي الاولى من نوعها لفنانين عرب للقطاع الذي تحكم اسرائيل محاصرته، تلبية لدعوة من أسرة مسرحية «نساء غزة، صبر أيوب» لافتتاح العرض الذي يجسد معاناة المرأة الفلسطينية. وافتتحت المسرحية في «مركز رشاد الشوا الثقافي» في مدينة غزة بمشهد درامي لأم فلسطينية تبحث عن أبنائها بين أنقاض منزلها الذي دمره الطيران الاسرائيلي. ثم جاء ميلاد بطل المسرحية ايوب (الذي يجسد دوره مؤلف ومخرج العمل سعيد البيطار) على أكتاف نساء فلسطينيات يرتدين الثوب الفلسطيني ويحملنه في سلة من القش. ويخرج البطل الذي بدا متعباً من داخل السلة بمساندة النساء ودعمهن، خصوصاً ابنة عمه (رحمة) التي تشاركه البطولة. وتناول مشهد آخر معاناة الاسيرات الفلسطينيات في السجون الاسرائيلية، خصوصاً اللواتي ينجبن داخل تلك السجون من خلال شخصية مريم التي جلست تكتب لوالدتها رسالة من داخل القفص توصيها برضيعها محمود الذي وضعته في السجن. وتطرق أحد مشاهد المسرحية إلى العلاقة بين المسيحيين والمسلمين، اذ تبادر راهبة مسيحية الى مساعدة «مقاومات» لجأن الى الكنيسة من القصف الاسرائيلي، وتضحّي بروحها من أجل محاولة إنقاذ حياة مقاومة ثالثة أصيبت في سبيل القضية الفلسطينية، الأمر الذي لم تتوقعه المقاومتان من مسيحية. وتنقلت مشاهد المسرحية بين معاناة المرأة في القطاع جراء الحصار والحروب المستمرة وبطولاتهن على مر العصور، وصولاً الى المشهد الاخير في العمل الذي يعبر عن حال المواطن إثر الانقسام الداخلي بين الفلسطينيين. واختتمت المسرحية بالبطل أيوب يعود الى داخل السلة ويرفض الخروج منها لأنه يرى ان «الوطن أصبح وطنين والبلد أصبح بلدين»، في إشارة الى الانقسام بين حركتي «فتح» و «حماس». وتوجه البطل أيوب الى الفنان السوري، قائلاً: «تعال يا استاذ دريد مش عارف اخليني جوا القفة ولا اطلع براها»، فيصعد لحام الى خشبة المسرح وسط تصفيق الجمهور الحار ويقول للبطل: «إذا لم يتحدوا (الفصائل) راح ادخل انا معاك في القفة». وأثار دريد لحام حماسة الحضور بأدائه أغنية «باكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب»، وهي احدى اغاني مسرحيته الشهيرة «كاسك يا وطن». وقال لحام للحضور: «الانسان الفلسطيني الرائع ليس محاصراً في غزة والضفة فقط، ولكن في كل العالم، لكن الحصار الأقسى والأكثر وجعاً هو حصار الخلاف بين الاخوة الفلسطينيين». وتابع: «منذ وصولي الى غزة شعرت بإحساس الحرية والكرامة، وليس بأنها سجن كونها محاصرة، أتينا إليكم نستمد منكم الشموخ». ويفسر سعيد البيطار، مؤلف العمل ومخرجه، انه أراد من خلال المشهد الاخير ان يدعو الى «حدوث المصالحة بين الفصائل في شكل شعبي من خلال ان نحب بعضنا ونتحد ونفرض المصالحة على الجميع». ويضيف: «أردت ان أصل الى ان يطرح الجمهور ويصل الى ضرورة ان نرجع إلى صلب القضية الفلسطينية موحدين». ويلخص البيطار هدف المسرحية بأنها كانت «رسالة للعالم بأن «بيكفي حصار»، وأن نسلط الضوء على المرأة الفلسطينية التي تشكل عماد المجتمع، على رغم كل الصعوبات التي تعيشها». ويتابع: «أردنا ان نقول ان غزة بحاجة الى الحياة. يكفي لإسرائيل مصادرة الحياة والأمل». ويفخر البيطار بأن هذا العمل جاء «من بين الحصار وثنايا الحرب ليخرج هذا الإبداع وينقل رسالتنا الى العالم». واستغرق التحضير للمسرحية التي شاركت فيها 25 ممثلة ثلاثة شهور، وفقاً للبيطار. وكان يفترض ان يتوجه لحام، وهو سفير النيات الحسنة السابق في منظمة الأممالمتحدة للطفولة (يونيسيف)، الى غزة الخميس الماضي، لكن الإجراءات المصرية عطلت دخوله حتى أول من أمس. ومنحت السلطات المصرية النجم السوري إذناً بالعبور بعد مكوثه في مصر ثلاثة أيام، بحسب مسؤول في الشق المصري من معبر رفح الحدودي. وتفرض اسرائيل حصاراً مطبقاً على قطاع غزة منذ سيطرت عليه حركة «حماس» منتصف حزيران (يونيو) 2007.