أكد الأمين العام للهيئة السعودية للحياة الفطرية الأمير بندر بن سعود بن محمد، أن «الهيئة» تعاني من تسيب «رجال الجوالة» في المحميات، معتبراً أن الأوان تأخر لاستحداث شرطة بيئية مع أن الضرورة ملحة في ذلك. وأضاف في حوار مع «الحياة»، أن «الهيئة» لم ترصد محاولات من جهات خارجية لتزويد طيور مهاجرة تعبر أجواء السعودية بأجهزة تجسس، لافتاً إلى أن لجاناً تابعة لوزارة الزراعة تدرس حالياً سن أنظمة للرأفة بالحيوانات، وإيجاد بروتوكول لكيفية التعامل مع الحيوانات وعدم تعذيبها. وشدد على أهمية تطبيق نظام الصيد خارج المحميات لوجود أحياء فطرية فيها، مؤكداً أن تطبيق هذا النظام متدنٍّ، ولو طبق خارج المحميات إضافة إلى نظام الاحتطاب لحدّ من شر كثير من المخالفين الذين يتمتعون بحرية خارج المحميات. وذكر أن تربية الحيوانات المفترسة في المملكة تعتبر «ظاهرة»، ولا يُوجد إحصاءات عن أعدادها الفعلية، لافتاً إلى أن سبب عدم نشاط «الهيئة» في مصادرة تلك الحيوانات هو عدم إيجاد مراكز إيواء لتلك الحيوانات، مضيفاً أن وزارة «المالية» اعتمدت هذا العام موازنة مالية لإنشاء المركز.وأكد الأمير بندر بن سعود أن نظام المناطق المحمية لا يزال على «منضدة الشورى» على أن يرفع إلى مجلس الوزراء لاحقاً. وفي ما يأتي نص الحوار: إلى أي مرحلة وصلت دراسة مشروع نظام المناطق المحمية؟ - نظام الهيئة السعودية للحياة الفطرية معروض للتحديث، وفي آخر اجتماع لمجلس إدارة الهيئة برئاسة الأمير سلطان بن عبدالعزيز منذ نحو 5 أعوام رأت «الهيئة» أن يحدّث نظام المناطق المحمية، ووافق الأمير سلطان - رحمه الله - عليها، ووضعنا التعديلات وأرسلت إلى المقام السامي، وجرى تحويلها إلى هيئة الخبراء التي درست التعديلات ووافقت عليها ورفعت إلى مجلس الوزراء، الذي بعثها إلى مجلس الشورى، وهي الآن قيد الدرس على أن ترفع إلى مجلس الوزراء لإقرار النظام، سواءً أقرت بشكل كامل أم جزئي. وأمانينا أن تقر التعديلات كافة المتمثلة في تسليح «رجال الجوالة» ورفع الحد الأقصى للغرامة المالية لكل من يخالف نظام المناطق من 10 آلاف ريال إلى 50 ألف ريال، مع الإبقاء على فترة السجن المحددة بشهر واحد، إضافة إلى مصادرة المركبة المستخدمة. في حال إقرار تسليح «رجال الجوالة»... هل هم مؤهلون وقادرون على استخدام السلاح؟ - رجال الجوالة هم أخوة لرجال الوطن في جميع القطاعات الأمنية الأخرى، وينطبق عليهم الأمر ذاته، ونحن نخضعهم لدورات تدريبية حالياً بما فيها كيفية استخدام السلاح يقوم بها مركز تدريب في حرس الحدود ووزارة الداخلية، وأعتقد بأن الغريب هو أن رجالنا ليسوا مسلحين، فكل رجال حماية الحياة الفطرية في العالم مسلحون ابتداءً من الصين وحتى أميركا مروراً بدول آسيا وأوروبا وأفريقيا. كم بلغ عدد الحيوانات المفترسة المصادرة من المربين المخالفين للأنظمة؟ - لا نملك إحصائية لعددها، ولكن هناك أوامر سامية بمنع اقتناء الحيوانات المفترسة إلا لحدائق الحيوانات ومراكز إجراء الأبحاث أو للسيرك وعروض الترفيه، وهذه كلها محكومة بالأنظمة المحلية والدولية والاتفاقات التي وقعت عليها المملكة، كون تلك الحيوانات تشكل خطراً على الناس، واقتناء تلك الحيوانات مشروط بأن تكون هناك استفادة عامة منها وفي ظروف تحكُّم قوية في معرفة كيفية التعامل معها والأقفاص التي تؤويها. هل تعتبر مسألة تربية الحيوانات المفترسة «ظاهرة»؟ - نعم، تربية الحيوانات المفترسة في المملكة تعتبر ظاهرة، ولكن لا نملك أرقاماً بأعدادها الفعلية. لماذا «الهيئة» غير نشطة في مسألة مصادرة الحيوانات المفترسة؟ - من أهم الأسباب التي جعلتنا غير نشطين في مصادرة تلك الحيوانات، هو أن «الهيئة» تطالب منذ أعوام عدة بإيجاد مركز إيواء للحيوانات المفترسة المصادَرة، لكن لم تمنح موازنة مالية لهذا الغرض إلا هذا العام، ونحن في خضم إنشاء هذا المركز، وقبل ذلك لم نكن نستطيع مصادرتها، كوننا لا نملك موقعاً لإيوائها، وما جرت مصادرته من «حرس الحدود» و«الجمارك» وضعناه في بعض مناطق الإيواء في مراكز الأبحاث، ولكن ضاقت بنا وليس لدينا الموازنة لبناء مركز إيواء أو تغذية تلك الحيوانات والاهتمام بها. وحصلنا أخيراً على موازنة من وزارة المالية، لكنها غير كافية، ولكن لا بأس بها كبداية، ونحن في خضم دراسة مركز الإيواء، وسننتهي من البناء العام المقبل، وعندها سنكون مستعدين لاستقبال الحيوانات المفترسة المصادرة وغيرها من الحيوانات المهددة بالانقراض، وفي ذلك الوقت سيكون لدينا معلومات أكثر. هل طبقتم مخالفات بحق من خالف تربية الحيوانات المفترسة؟ - في السابق طُبقت عقوبات بحق مخالفين لتربية حيوانات مفترسة وأخرى غير مفترسة مهددة بالانقراض تُمنع تربيتها بحسب «اتفاق سايتس» لمنع الاتجار بالحيوانات المهددة بالانقراض، وهناك سابقتان في مصادرات، ولكننا لم نستمر فيها، لأننا «تورطنا» لعدم وجود مكان نضعها فيه، وعندما ننتهي من البناء سننشط في هذا الجانب على نطاق أوسع. هل عروض الحيوانات في المهرجانات السياحية في المتنزهات وغيرها تعد مخالفة للأنظمة؟ - هذه نقطة مهمة، ف«الهيئة» هي المسؤولة، والدولة أوكلتنا بإعطاء الترخيص لوجود الحيوانات في تلك العروض، وهناك تعاون مع جهات حكومية عدة في هذا المجال، ونحن الآن في حال أفضل من الأعوام السابقة التي كانت تجرى فيها عروض كثيرة غير مرخصة، وخلال آخر 3 أعوام أصبح جل تلك العروض مرخصاً بسبب تقدم أصحاب تلك العروض ل«الهيئة» بطلبات تراخيص لعروضهم، وهو ما يتم بعد التأكد من تطبيقها للآليات والأنظمة المتبعة في هذا الشأن، وخلال الأعوام الخمسة المقبلة ستصبح جميع العروض مرخصة. هل آن الأوان لاستحداث ما يسمى ب«الشرطة البيئية»؟ - بل تأخر الأوان في ذلك، ف«الهيئة» تطالب باستحداث شرطة بيئية منذ 8 أعوام، وهي ضرورة ملحّة، ولو عددنا أولويات الوطن اليوم لوجدنا أن الشرطة البيئية تحتل مرتبة ضمن الضرورات الخمس، ونحن في أمسّ الحاجة إلى شرطة بيئية تطبق جميع الأنظمة التي تخص البيئة، والعالم كله يعاني من صراع بيئي، والمناطق الصحراوية هي أكثر مناطق العالم حساسية، إذ إن مواردها الطبيعية قليلة، والتأثير السلبي في بيئتنا يمكن أن يدمرها إلى الأبد، وحتى نعيد جزءاً منها ستكلفنا أموالاً طائلة وأعواماً طويلة. اليوم نحن عند مفترق طرق، وفي حاجة ماسة إلى شرطة بيئية، لتطبيق الأنظمة وتوعية المجتمع بأهمية البيئة ومواردها. هل رصدت «الهيئة» محاولات من جهات خارجية لتزويد طيور مهاجرة تعبر أجواء السعودية بأجهزة تجسس؟ - لا، لم نرصد ذلك، والحالة الوحيدة التي رصدت هي كانت لطائر «نسر» كان يحمل جهاز تتبع إسرائيلي لهجرته، ونحن نعمل في الأمر ذاته، فقبل عامين أطلقنا «حباري» تحمل أجهزة تتبع، ورصدنا أنها حطت في العراق بعض الوقت ثم هاجرت إلى كازاخستان هذا العام، وكثير من دول العالم لديها برامج تتبع الطيور، ولكن هذا ليس معناه أن من المستحيل أن تستخدم الحيوانات في عمليات تجسسية، فهناك حيوانات تستعمل في أمور عسكرية كالدلافين التي كانت تستعملها البحرية الأميركية في تتبع الغواصات وتفجيرها بوضع جهاز مفجر مزود بمغناطيس وبمجرد أن يأتي الدلفين إلى جانب الغواصة أو السفينة يلتصق بها وينفجر. وأعتقد بأن تقدم التكنولوجيا الحديثة والأقمار الاصطناعية قلل الحاجة إلى استخدام الحيوانات في العمليات التجسسية، وأعتقد بأن هذه الفكرة بعيدة عن الواقع، لكننا في الوقت ذاته لا يمكننا القول بأنه من غير المعقول استخدامها. هل لديكم نية لتغيير زي رجال الجوالة الحالي؟ - نستعمل الثوب في لبس الجوالة كونه الزي السعودي ويمثل تراثنا، ويمكن أن نغير ألوان الزي، فاليوم عرضت عليّ ألوان لبس الجوالة، فهو - بشكل عام - مقبول، ولكن هل هو ممتاز؟ أنا أقول لا، فأنا من الناس الذين يحبون النظرة المثلى للباس بشكلٍ عام. هل لديكم خطة لرفع مستوى أداء وثقافة الجوالين؟ - همي وتفكيري هو رفع مستوى أداء وثقافة الجوالين، كوني أرى بأن الأداء فيه قصور، ونحن نعاني من تسيب جوالين في المحميات وعدم انضباطهم وعدم احترام الأنظمة وهذه مشكلة كبرى تواجهني في «الهيئة». ما الإجراءات التي اتخذتموها لحل تلك المشكلة؟ - وضعنا ضوابط للتسجيل ورفعنا المستوى في الشهادات بألا يقل مؤهل المتقدم على «الهيئة» عن الشهادة الثانوية، أو أن يكون حامل مؤهل المتوسطة شرط أن تكون لديه خبرة عسكرية لا تقل عن خمسة أعوام، وكثفنا متابعتهم والدورات المخصصة لهم، ووضعنا مديرين مؤهلين وجامعيين ل3 محميات، والرابعة قريباً واثنتان أخريان بعد عامين، ومن خلال فعل هذه الأمور نكوّن مؤسسة داخل المحمية، كي تدار على مستوى عالٍ، ونحن نجتهد، ولكن كما تعلمون بناء المؤسسة يأخذ وقتاً يصل إلى جيل من الزمان حتى تؤتي أكلها. انتشرت في بعض المواقع مقاطع فيديو لتعذيب حيوانات... هل هناك نية لفرض عقوبات على معنفي الحيوانات كما هو متبع في بعض دول العالم؟ - تعذيب الحيوانات لا يجوز، وهذا الأمر نصت عليه النصوص الشرعية، فتعذيب الحيوانات انتهاك بحق القيم الإنسانية، وهناك لجان تابعة لوزارة الزراعة بحسب علمي تدرس حالياً سن أنظمة للرأفة بالحيوانات، وإيجاد بروتوكول لكيفية التعامل مع الحيوانات وعدم تعذيبها ومعاملتها معاملة حسنة كما أمرنا به الله سبحانه وتعالى.