تدارست الحكومة الإيرانية سبل مواجهة العقوبات الغربية المشددة، وكيفية تفادي تأثيرها، خصوصاً تدهور سعر صرف العملة وانخفاض سعر سوق الأسهم وموجة الغلاء التي تكبّل المواطن. ويطبّق الاتحاد الأوروبي غداً، حظراً علي استيراد نفط من إيران، كما بدأت الولاياتالمتحدة الخميس فرض عقوبات على المؤسسات المالية التي تتعامل مع المصرف المركزي الإيراني الذي يدير صادرات النفط الخام لبلاده. وقالت مصادر إن الفريق الاقتصادي في حكومة الرئيس محمود أحمدي نجاد عقد اجتماعاً الأربعاء الماضي، لدرس آثار الحظر، والسيناريوات المحتملة لمواجهته، ووضع كلّ الاحتمالات أمام نجاد لاتخاذ قرارات مناسبة. وأضافت أن احتمالات وتوصيات اتُخذت خلال الاجتماع، عُرضت أمام جلسة للحكومة الخميس، حيث اتخذ نجاد قرارات تتصل بسوق الأوراق المالية، لوقف تدهورها، خصوصاً أنها تُعتبر شريان النشاط الاقتصادي في إيران. ومنذ آذار (مارس) الماضي، تراجع سعر صرف الريال الإيراني 50 في المئة، في مقابل الدولار الأميركي. ويعتبر رجال أعمال أن ذلك يؤثر في شكل مباشر في كلفة الإنتاج والمواد الأولية، إذ يُضطرون الى شراء العملة الصعبة من السوق الحرة، في وقت يمتنع المصرف المركزي عن بيعهم العملة الصعبة بالسعر الرسمي. لكن وكالة «فارس» القريبة من «الحرس الثوري» قللت من أهمية الحظر الأوروبي علي النفط الإيراني، «لأن الدول الأوروبية لم تستورد سوي 18 في المئة من إجمالي إنتاج النفط الإيراني»، مضيفة أن طهران استطاعت تعويض السوق الأوروبية بأسواق أخري. لكن الوكالة أقرّت بانعكاس الآثار النفسية للحظر، علي السوق، ما أدى الى ارتفاع في الأسعار، وتدهور سعر الريال. وأشار رجل الدين كاظم صديقي إلى «تصعيد الضغوط والحظر الغربي على إيران»، وقال خلال خطبة صلاة الجمعة، إن ذلك «سيعزز وحدة الشعب الإيراني ويؤدي إلى تطوّر البلاد». وطالبت أوساط إيرانية متشددة بعرقلة السفن التي تحمل نفطاً للدول الأوروبية، في مضيق هرمز، رداً علي الحظر النفطي الأوروبي، لكن تلك الدعوة لم تلقَ آذاناً صاغية لدى الحكومة. على رغم ذلك، قد يؤشر تحذير سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني سعيد جليلي وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون، من عواقب الحظر، إلى تدابير قد تتخذها الحكومة الإيرانية خلال الأسابيع المقبلة. وكان جليلي وجّه رسالة إلى أشتون، محذراً من «تداعيات أي فعل غير قانوني أو يناقض منطق المفاوضات، وسيتحمّل (الغربيون) مسؤولية أي نتيجة تضر بالمفاوضات البناءة». أما رئيس مجلس الشوري (البرلمان) الإيراني علي لاريجاني فسخر من «تهديدات» الولاياتالمتحدة لبلاده، معتبراً أن «99 في المئة منها لا يمكن تنفيذه». إعفاءات أميركية وأفادت وكالة «رويترز» بفشل محاولات إيران للحصول على ملايين الأطنان من القمح، من خلال اتفاقات مقايضة مع الهند وباكستان، للالتفاف على العقوبات. ونقلت عن مصادر ديبلوماسية وفي صناعة النفط إن شركة بترول الإمارات الوطنية (إينوك) المملوكة لحكومة دبي قد تضطر إلى وقف استيراد المكثفات من إيران، إن لم تمنحها واشنطن إعفاء أو استثناءً موقتاً من عقوبات بدأ تطبيقها هذا الأسبوع. وكانت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أعلنت أن الولاياتالمتحدة ستعفي الصين وسنغافورة من العقوبات على المصرف المركزي الإيراني، معتبرة أن البلدين «قلصا في شكل كبير» وارداتهما من النفط الإيراني. وأعفت الولاياتالمتحدة 20 دولة من العقوبات حتى الآن، من بين 23 تستورد نفطاً إيرانياً. إلى ذلك، أعلن قائد بحرية «الحرس الثوري» الأميرال علي فدوي قرب تزويد السفن الحربية «التي تحمي أمن الخليج ومضيق هرمز»، صواريخ قصيرة المدى تتفادى الرادار. وقال: «زوّدنا سفننا صواريخ مداها 220 كيلومتراً، ونأمل بأن نزودها قريباً صواريخ يتجاوز مداها 300 كيلومتر».