تراجعت مظاهر قطع الطرق والتردي الأمني في بيروت وخارجها أمس بعد الموقف المتشدد لرئيس الجمهورية ميشال سليمان في جلسة مجلس الوزراء أول من أمس، وقرار المجلس مجتمعاً تغطية الأجهزة الأمنية والجيش في قمع المخالفين وتسطير القضاء اللبناني استنابات قضائية لملاحقتهم، في ظل تأكيد حركة «أمل» و «حزب الله» رفع الغطاء عن المخلين بالأمن بعدما وصفهم ممثلوهما في الحكومة ب «الزعران»، واعتبر سليمان أنهم يروّعون بيروت «كالهنود الحمر». وفيما واصلت القوى الأمنية أمس تدابيرها في إطار ما سمي «الشهر الأمني»، كشفت مصادر وزارية ل «الحياة» أن جلسة مجلس الوزراء التي عُقدت ليل أول من أمس واستمرت قرابة السبع ساعات، شهدت مناقشات جعلتها من أهم الجلسات التي عقدت نظراً الى المواقف التي تخللتها والصراحة التي ظهرت خلالها، في تناول تهاون القوى السياسية المشاركة في الحكومة مع المخلين بالأمن وقصور الحكومة عن الإمساك بالوضع في البلاد وصولاً الى الاهتراء الذي يصيب الوضعين الأمني والسياسي بسبب هذا القصور. وكرر الرئيس سليمان، في تصريح أمس ما قاله خلال الجلسة، فاستغرب «أن يسترضي المسؤولون الشارع والمرتكب والذين يطلقون النار على الجيش ويتعرضون له». ودعا الى عدم مسايرة من يرتكب أو يخالف. وشهدت مدينة صيدا اعتصاماً نفذه مناصرو الشيخ أحمد الأسير عند المدخل الشمالي للمدينة، «احتجاجاً على السلاح غير الشرعي»، ونصب المعتصمون خيماً للذكور وأخرى للإناث وسط الطريق لتنفيذ الاعتصام ولم تفلح الاتصالات التي أجرتها مع الأسير فاعليات المدينة في ثنيه عن الخطوة التي قال إنها ستبقى قائمة «حتى الموت» وبطريقة سلمية. كما رفض الأسير طلب فاعليات المدينة نقل اعتصامه الى مكان آخر. وأصدر زعيم تيار «المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري بياناً اعتبر فيه أن «المطلوب رفع الغطاء الأمني والحماية المسلحة عن الجهات التي تقوم بقطع الطرق وإشعال الحرائق وإثارة الفوضى وتنظيم الاعتصامات سواء في بيروت أم في طرابلس أم في صيدا أم في أي مكان آخر... وعلى الدولة أن تحزم أمرها وتتخذ الإجراءات التي تكفل أمن العاصمة وكل المناطق». ورفض الحريري «أي تحرك، أياً كانت هويته السياسية أو الطائفية يهدف لنشر الفوضى ويعمل على كسر هيبة الدولة». وكشفت مصادر وزارية أن مجلس الوزراء كان ناقش أول من أمس عدداً من المواضيع المهمة حيث طرح بعض الوزراء وجوب اتخاذ تدابير قضائية حيال الإعلام فيما عارض وزراء وضع المسؤولية على وسائل الإعلام لأنها تقع على السياسيين أولاً. وبرزت في المناقشات مداخلة لوزير الصحة علي حسن خليل الذي وصف قاطعي الطرقات بأنهم «مجموعة سخيفة لن نسمح لها بأن تتحكم بنا. وحين ترمى في السجن لن تعود فتكرر ما تقوم به». وكرر الوزيران حسين الحاج حسن ومحمد فنيش تأكيد رفع الغطاء عن قاطعي الطرق والمخلين بالأمن. وقال الرئيس نجيب ميقاتي: «كل مرة نسمع أن لا أحد يغطي المخالفين. وسننتظر أسبوعاً لنرى». ووردت في مداخلات عدد من الوزراء ملاحظات على أداء الحكومة، فقال وزير الاقتصاد نقولا نحاس: «إذا لم يتحسن الوضع غداً فمعنى ذلك أن هذه الحكومة غير موجودة ومن الأفضل استقالتها». وقال وزير الأشغال غازي العريضي إن «ما نشتكي منه اليوم هو نتاج ما جنته أيدينا من تربية عممناها وحماية للمرتكبين، وكل مرة نجتمع ونحكي الكلام نفسه كأننا لسنا في دولة ولسنا أمام حكومة... ولولا الظروف الدولية والإقليمية ولو كانت هناك إمكانية لتشكيل حكومة أخرى لما كانت كل هذه «الشبوبيات» على الطاولة الآن». وزاد: «العملاء كرمناهم واليوم نرمي تسطير استنابات من القضاء فماذا نقول للناس؟». وقال إنه ليس متفائلاً. وكانت للرئيس سليمان مداخلات عدة في الجلسة ومما قاله: «الكل غطى (المخالفات) والكل أخطأ من قضية العملاء الى قضية شادي المولوي (الذي تسبب توقيفه في طرابلس باضطرابات) الى الشخص الذي أُفرج عنه وذهب الى زحلة (زياد الحمصي الذي كان اتهم بالعمالة لإسرائيل) ونقدم الأموال للموقوفين للإفراج عنهم (الإسلاميون الذين قيل إن ميقاتي دفع كفالات إخلاء سبيلهم) وننقل بعضهم في سياراتنا». وأضاف سليمان بنبرة عالية: «بصراحة جميعاً لم نعد نستحق الألقاب لا مناصب الفخامة ولا دولة الرئيس ولا أصحاب المعالي والسعادة. لقد تبهدلنا...». من جهة ثانية، وجهت قناة «الجديد» التي انطلقت الأحداث الأمنية في بيروت إثر محاولة حرق مبناها ليل الإثنين الماضي بسبب بثها مقابلة للشيخ الأسير تعرّض فيها للأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصرالله رسالة مفتوحة الى نصرالله، جاء فيها أن «معالجتكم لهذه المسألة جاءت على حساب كل موظف في الجديد». وجاء في الرسالة: «لماذا يفرد رجالكم حمايتهم على المعتدين؟». وأضافت: «تم تهديدنا... لكننا نؤكد أننا لسنا في موقع التفاوض على الإفراج عن الموقوف (أحد المتهمين بمحاولة إحراق المحطة وسام علاء الدين).