مع عودة رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي من باريس، منهياً زيارته الرسمية الأولى فرنسا، يبلغ التأزم في مجلس الوزراء ذروته بسبب إصرار ميقاتي ورئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان على توقيع وزير العمل شربل نحاس مرسوم النقل الذي من دونه تبقى جلسات المجلس معلقة. وعاد أمس الهدوء إلى منطقتي باب التبانة وجبل محسن في طرابلس في شمال لبنان فيما استكملت وحدات من الجيش اللبناني انتشارها في المناطق المتداخلة بينهما، بدءاً من شارع سورية، لمنع تجدد الاشتباكات التي أوقعت ثلاثة قتلى وأكثر من عشرين جريحاً بينهم 7 من الجيش اللبناني. وتوقعت مصادر وزارية أن تدفع عودة ميقاتي إلى بيروت في اتجاه البحث عن مخرج لإعادة الحيوية المفقودة إلى مجلس الوزراء. وقالت ل «الحياة» ان «لا بوادر حتى الساعة تلوح في الأفق لتهيئة الأجواء أمام عودة الحكومة إلى الاجتماع، إلا إذا بادر رئيس المجلس النيابي نبيه بري الى تشغيل محركاته بحثاً عن حل للمأزق الحكومي رغم أنه انكفأ عن التحرك في الأسابيع الماضية التي أعقبت دخول مجلس الوزراء في إجازة قسرية بسبب إصرار نحاس المدعوم من زعيم تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون على موقفه الرافض توقيع مرسوم بدل النقل». ولفتت المصادر إلى أنه لم يَعُد في مقدور مجلس الوزراء الانعقاد إلا في حال التوصل إلى قواعد جديدة تعتبر بمثابة الناظم الذي يشكل صمام أمان لعدم تكرار الاختلاف داخل الحكومة. وسألت في الوقت نفسه عن موقف «حزب الله» في ضوء ما أعلنه أخيراً أمينه العام السيد حسن نصرالله من أن الحكومة باقية، وقالت «أين يصرف موقفه في تذليل العقبات التي ما زالت قائمة؟ وهل يمكنه التخلي عن حليفه عون الذي أوصد الأبواب في وجه البحث عن مخارج؟ وكيف سيوفق بين دعمه له وإصراره على تفعيل عمل الحكومة؟ هذا إذا لم تشكل نتائج المحادثات التي أجراها ميقاتي في باريس قلقاً لدى بعض شركائه في الحكومة من شأنه أن يضيف بنداً على جدول أعمال الاختلاف»! أما على صعيد الوضع في طرابلس فقد استعادت عاصمة الشمال حياتها الطبيعية واستكمل الجيش اللبناني انتشاره المتوازن داخل أحياء باب التبانة وجبل محسن وفي المناطق المتداخلة بينهما وسط تأييد نواب طرابلس وفاعلياتها الذين أكدوا رفع الغطاء السياسي عن المخلّين بالأمن، اضافة الى تأييد «الحزب العربي الديموقراطي» بقيادة أمينه العام رفعت عيد، المسيطر في بعل محسن. وكان لمفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار رأس أمس اجتماعاً موسعاً لعلماء الشمال جددوا في نهايته وجوب بسط سلطة الدولة على كامل التراب الوطني وحماية المواطنين من عدوان السلاح عليهم. وفي هذا السياق أكد رئيس كتلة «المستقبل» فؤاد السنيورة رفض أي عمل يؤدي الى احداث شغب أو فتنة داخلية بين اللبنانيين من أي مصدر كان. وقال ان من يتهمون «المستقبل» بالتسلح «يريدون ان يبرروا تسلحهم وحملهم السلاح ونحن مع عودة الدولة لكي تتسلم الأمن وأن يكون السلاح حصرياً في يدها».