أحتفظ بتصريح من الشهر الماضي يقول فيه سلطان فادن من مركز التنمية المستدامة في كلية الهندسة وتقنية المعلومات: «إن 41 في المئة من سكان المملكة يتمركزون في ثلاث مناطق فقط، الأمر لم يعد عادياً بالنسبة للمدن الرئيسية»، مشيراً إلى عدد من المخالفات التي تحدث نتيجة الضغط الكبير على المدن، حيث تشتهر منطقة مكةالمكرمة بالعشوائيات، وتقوم المساكن في مدينة جدة قبل توفير البنى التحتية، وهذا ما يفسر الكوارث الحاصلة في الأعوام الماضية. وفي معرض حديثه قال: «إن مبنى واحداً فقط مسجلاً كبناء أخضر في المملكة، وأن هناك توجهات عالمية للتحول إلى الحياة الخضراء»، مشيراً إلى أن الانفجارات السكانية والتجمعات الضخمة خلال المئة عام الماضية أجبرت الدول على القيام بدراسات لتسريع التحوّل، موضحاً أن المدن أصبحت لا تستطيع تحمل توفير حياة كريمة لسكانها، نظراً للهجرة الكبيرة إلى المدن، كما أن بعض الحكومات بدأت تشجع الهجرة العكسية لتخفيف الضغط على المدن الرئيسية. كلامه يعني أن نحو نصف السكان يتمركزون في ثلاث من إجمالي 13 منطقة إدارية، ولعلنا عرفنا جميعا من دون أن يصرح أنها الرياضومكةالمكرمة والمنطقة الشرقية، وهذا عبء كبير على التنمية، ثم على المجتمع، وسببه المعروف أن هذه المناطق كانت إلى وقت قريب هي التي بها فرص التعلم والعمل، ففيها تركزت معظم الجامعات، وكل الدوائر الحكومية، والشركات الكبرى المحلية والعالمية. التفتت الحكومة إلى المناطق الأقل نمواً، وجاءت التفاتتها متأخرة قليلاً، لكن بناء الجامعات فيها والمستشفيات، وتنفيذ مشاريع عملاقة مثل مشروع التعدين في الشمال، أو المدن الاقتصادية التي لا تزال في حكم المتعثرة، ستسهم في حل هذا الإشكال، لكن الحكومة ستواجه ثقافة تأصلت وانتشرت، وهي ثقافة الهجرة إلى الأكبر بحثاً عن الفرصة الأفضل. يعتقد البعض أن هناك سبباً آخر لهذا التركز، وهو أن بعض المناطق مساحتها شاسعة نسبياً، وبالتالي عندما نقول أن نصف السكان في ثلاث مناطق، فهذه المناطق إذا حيدنا مساحة الربع الخالي يمكن أن تكون نحو نصف مساحة بلادنا الغالية المأهولة بالسكان. سيكون على الحكومة إعطاء ميزات أكثر للسكن والاستثمار في المدن الصغيرة، كما يفعل صندوق التنمية الصناعية مثلاً، وينبغي على القطاع الخاص أن يقيّم الإدارات العامة للشركات المساهمة الكبرى في مقارها، فلا نجد – على سبيل المثال - شركة تمارس أعمالها ونشاطها في مدينة صغيرة، ومقر مكاتبها في الرياض أو جدة. [email protected] mohamdalyami@