وكان عناق حار بين الرئيس الأميركي باراك أوباما ووزيرة خارجيته سابقاً هيلاري كلينتون، في منزل صديقهما المشترك المحامي فيرنون جوردان ليل الأربعاء - الخميس. فالتودّد بينهما، ظاهرياً على الأقل، بات ضرورة سياسية بعدما طفت خلافات على السطح وأعلنت كلينتون الطلاق من السياسات الخارجية لأوباما. لكنها قالت قبل توقيعها نسخاً من كتاب مذكراتها «خيارات صعبة»: «قد توجد بيننا خلافات، مثل أي شريكين أو صديقين مثلنا». وأعربت عن «فخرها» لأنها «عملت معه ومن أجله». وفي منزل جوردان في جزيرة «مارتاز فينيارد» في ولاية ماساشوستس، حيث يقضي أوباما عطلته، التقته كلينتون وتصالحا أمام الكاميرا، بعد أسبوع تراشق فيه فريقهما اتهامات وفي أجواء أعادت الى الأذهان حملة انتخابات الرئاسة عام 2008. لكن هذه المرة كلينتون هي المرشحة المحتملة الوحيدة في انتخابات 2016، وهي لهذا الهدف تعيد ترتيب أولوياتها السياسية وتغيّر تكتيكاتها ومواقفها قبل انطلاق الانتخابات التمهيدية العام المقبل. ومن هنا يمكن فهم الانقلاب الجزئي لكلينتون على الرصيد الخارجي لأوباما في مقابلتها مع الصحافي جيفري غولدبرغ من مجلة «ذي أتلانتيك» الأحد الماضي. واعتبرت كلينتون أن سياسة أوباما «فشلت» في سورية، لامتناعه عن دعم الثوار المعتدلين منذ البداية، ما ساهم في إيجاد فراغ انتهزته تنظيمات اسلامية متطرفة. كما افترقت عن البيت الأبيض في شأن المفاوضات «النووية» مع إيران، اذ رأت وجوب أن يتضمن أي اتفاق نهائي يطوي ملفها، وقفاً كاملاً لتخصيب اليورانيوم. كما دافعت عن إسرائيل في حربها على غزة، وهاجمت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشدة، معتبرة أنه يتحمّل «مسؤولية غير مباشرة عن وقوع الطائرة» الماليزية في أوكرانيا. ويكمن العامل المشترك بين كل هذه المواقف، عدا عن اختلافها عن نهج أوباما، شعبيتها في استطلاعات الرأي. اذ فيما يشير استطلاع أعدّته صحيفة «وول ستريت جورنال» وشبكة «أن بي سي» الى تراجع شعبية الرئيس الأميركي الى 36 في المئة في شأن سياسته الخارجية، يدعم معظم الأميركيين (55 في المئة) إسرائيل في حربها على غزة، كما ثمة رغبة لدى أنصار الحزبين الديموقراطي والجمهوري في تصعيد الانتقادات لبوتين. وبتبنّيها هذه المواقف، تسعى كلينتون، اذا قررت الترشح للرئاسة، الى التموضع في الوسط وتحصين موقعها امام الجمهوريين في الانتخابات، اذ تتقدّم في استطلاعات الانتخابات التمهيدية داخل الحزب الديموقراطي بأكثر من 52 نقطة عن منافسيها المحتملين. وستواجه كلينتون في حال ترشحها، انتقادات من الجمهوريين في شأن السياسة الخارجية التي أدارتها بتفويض من أوباما، قبل أن تنقلب عليها الآن. اما البيت الأبيض الذي بدا منزعجاً من انتقادات كلينتون، وردّ عليها عبر المستشار الرئاسي ديفيد أكسلورد، مذكراً الوزيرة السابقة بتصويتها لمصلحة غزو العراق عام 2003، فليس أمامه خيارات كثيرة. فأوباما لا يمكنه التخلي عن كلينتون، طالما هي تتقدّم في استطلاعات الرأي، كما أن الوزيرة السابقة لا يمكنها التخلي عن الرئيس في شكل كامل، بسبب شعبيته بين الشباب والأقلية الافريقية الأميركية والقاعدة الليبرالية. ومن هنا يمكن توقّع مرحلة متقلبة بين معسكرَي أوباما وكلينتون تبدأ بتلاسن إعلامي وتنتهي بعناق في ماساشوستس.