تبدأ العاصمة الرياض في استقبال المبايعين لولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير سلمان بن عبدالعزيز اليوم (السبت) وغداً (الأحد) في قصر الحكم بعد صلاة الظهر. فيما يستقبل أمراء المناطق في مختلف أنحاء المملكة المواطنين لتلقي البيعة بالنيابة عن ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير سلمان بن عبدالعزيز، الذي وجّه بذلك في 18 حزيران (يونيو) الجاري للتيسير على المواطنين. التاريخ السعودي يتكرر هذه الأيام، خصوصاً أن «الحياة» حصلت على وثيقة حصرية لبيعة تمت قبل أكثر من 60 عاماً، حين خوّل الملك سعود بن عبدالعزيز أخاه الأمير الأمير نايف بن عبدالعزيز - أمير الرياض حينذاك - رحمهما الله، لقبول البيعة عنه وذلك عام 1373ه، بعد وفاة المؤسس الملك عبدالعزيز يرحمه الله، تخفيفاً على المواطنين ورفعاً لمشاق السفر عنهم. ووُجهت الوثيقة التي (حصلت «الحياة» عليها) من أرشيف المؤرخ راشد بن عساكر إلى قاضي الرياض سابقاً سعود بن رشود، وجاء فيها: «فإن إمام المسلمين صاحب الجلالة سعود بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل، قد استخلف أخاه سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز أمير (الرياض)، لقبول البيعة نيابة عن جلالته، وإن شاء الله سيكون سموه بمجلسه بالديرة الساعة الثالثة (بالتوقيت الزوالي) من صباح غد الأحد لقبول البيعة، بحضور صاحب الفضيلة الشيخ محمد بن إبراهيم». ورأى الباحث المختص في التاريخ راشد بن عساكر «أن نظام البيعة مستمد من التعاليم الإسلامية السابقة، منذ العهد النبوي وفي عهد الخلفاء الراشدين، ثم تأصل في عهد الخلفاء الذين كانوا من أسرة واحدة كالدولة الأموية، فيما استمر في الفترات اللاحقة عبر الدول المتعاقبة». وأكد بن عساكر أن أول بيعة في الدولة السعودية كانت بين الإمام محمد بن سعود، والإمام محمد بن عبدالوهاب عندما قدم إلى الدرعية عام 1157ه، ليبدأ بعدها بناء الدولة السعودية بكل مراحلها الثلاث، مؤكداً أن «نظام البيعة في السعودية أخذت بعداً أشمل لقيام الدول السعودية في الأساس على الكتاب والسنة، والنظام السياسي بعد ذلك قام على هذه البيعة ونظيراتها المتعاقبة التي تمت بعد ذلك، وابن غنام وابن بشر يذكران هذه البيعات المتعاقبة، ثم استمرت هذه البيعة لكل الأئمة والملوك وأولياء البيعة، وأول ذكر لبيعة ولي العهد ما ذكره ابن بشر عن مبايعة الإمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود (ولي العهد) فبايعه الخاص والعام والحضر والبادية». وأكد بن عساكر أن «العادة جرت أن يبايع ولي العهد في حكمه، وتختلف في الأطر الزمانية والمكانية، وتختلف في الكلمات، ولكن يتحد المضمون، وربما يزيد بعض المبايعين بكلمة واحدة، ولكنها كلها تدور حول السمع والطاعة والبيعة على الكتاب والسنة». ورأى بن عساكر أن «طلب ولي العهد من أمراء المناطق أخذ البيعة عنه مبعثه عدم المشقة على المواطنين، لاتساع المملكة ومساحتها الشاسعة، وقد حدث مثل ذلك كما جاء في الوثيقة المشار إليها أعلاه مع التنبيه بأنه ليس حادثاً». فيما رأى أستاذ التاريخ الحديث الدكتور عويضة الجهني، أن المبايعة هي شرعية وقبلية، وليس لها مراسم معينة، وإنما يأتي المواطنون بشكل اعتيادي من دون كلمات ثابتة، لأنه جرت العادة أن الكلمات المنمقة تكون في النظم المعقدة، ولكن في بروتكول البيعة السعودية لم يعتد المواطنون على ذلك إلا إذا وجدت حفلة خطابية يلقي فيها البعض كلماتهم». وأكد الجهني أن البيعة هي رسالة من الداخل إلى الخارج مفادها أن الأمور مستتبة وتداول الحكم سلس، «وحينما يأتي الناس يبايعون الأمير سلمان بن عبدالعزيز اليوم على ولاية العهد، فهذا يدل على أنه ليست هناك أية مشكلات في هذه الدولة، وهي إشارة إلى العالم الخارجي بأن الأمور على أحسن ما تكون». وأكد أن «البيعة هي مما امتازت به النظم المحافظة والبيعة أبرز تجلياتها، وهي أكثر ارتباطاً بالأنظمة القديمة على عكس الدول الدستورية التي ليس فيها بيعة بل فيها قَسم فقط، ولكن الدول المنتهجة للكتاب والسنة تحرص على أن تكون البيعة على الولاء للكتاب والسنة، وأن تكون فيها لفظتا القرآن والشريعة».