اعلن الجيش التركي عن سقوط احدى مقاتلاته من طراز «اف 4» في خليج الاسكندرون بالقرب من الحدود السورية، وسط أنباء متضاربة عن ظروف الحادث وتأكيد مصادر اعلامية مقربة من دمشق أن الجيش السوري هو الذي اسقط الطائرة بعد دخولها المجال الجوي السوري. وفور اعلان النبأ عاد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إلى أنقرة لحضور اجتماع أمني طارئ دعا اليه وزراء الخارجية والداخلية والدفاع ورئيس اركان الجيش لبحث ظروف وتداعيات الحادث، وقال انه لا يستطيع تأكيد ما اذا كان سقوط الطائرة نتيجة خطأ فني او انه تم اسقاطها عمداً، قبل التأكد مما حصل، نافياً ان يكون قد تلقى اعتذاراً من السلطات السورية عقب الحادث. فيما قالت قناة «سي أن أن» التركية نقلا عن مصادر في رئاسة الوزراء أنه تم تحديد مكان سقوط الطائرة على بعد 8 أميال من الشاطيء وان الطيارين اللذين كانا على متنها في حالة سليمة، وأن فريق انقاذ انطلق من مطار أنقرة للبحث عنهما وانقاذهما. وتحدثت مصادر تركية مطلعة أن اجتماع الازمة بحث ظروف سقوط الطائرة واحتمال أن يكون الجيش السوري هو الذي أسقطها فعلا وماهية الرد الذي يجب اتخاذه، خصوصا وسط قلق تركي من عمل سوري استفزازي من أجل تحويل الانظار عن الازمة السورية الداخلية. وكانت الطائرة انطلقت صباحا من قاعدة انطاليا وسط الاناضول ولم يكشف الجيش التركي عن طبيعة مهمتها ولماذا كانت تحلق بمحاذاة الحدود السورية. لكن مصادر عسكرية تركية قالت ان الطائرة هي طائرة استطلاع. وكان سبق للجيش السوري أن أطلق النار على مواقع داخل الحدود التركية اثناء عمليات تعقبه لمن يصفهم ب»الارهابيين» والفارين من العنف في سورية اثناء رحلة لجوئهم الى تركيا. وكانت تركيا قد اعلنت اولاً انها فقدت الاتصال بالطائرة قبل ان تعلن محطة تلفزيون تركية ان الطائرة سقطت في المياه الاقليمية السورية. وذكرت المحطة ان الحكومة التركية اجرت اتصالاً بالسلطات السورية للسماح لها بالبحث عن الطيارين اللذين كانا على متن الطئرة. ثم اعلن ان القوات التركية عثرت عليهما بصحة جيدة في المياه الدولية. ويأتي هذا الحادث على الحدود السورية مع تركيا بعد يوم واحد من انشقاق طيار سوري وفراره بطائرته الحربية من طراز «ميغ 21» الى الاردن. من جهة اخرى، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بعد محادثات في سان بطرسبورغ مع نظيره السوري وليد المعلم انه طالب دمشق ببذل جهد اكبر لتطبيق خطة المبعوث الدولي كوفي انان. وكرر معارضة موسكو لتشديد الحكومات الغربية على رحيل الرئيس بشار الاسد كشرط مسبق لانهاء الازمة السورية. واضاف «ان الشعب السوري هو الوحيد الذي يمكنه ان يقرر مصير بلده بما في ذلك مصير قادته». وتابع «يمكن على الارجح ان يتعلق الامر بانتخابات، تكون حرة وعادلة، وتجري تحت اشراف اكثر صرامة لمراقبين دوليين. وانا لا ارى طريقا اخر لحل الازمة». واعلنت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) ان وجهات النظر بين المعلم ولافروف كانت «متفقة» على ضرورة دعم خطة انان و»استمرار التعاون بين الحكومة السورية وبعثة المراقبين الدوليين» وانهما «اتفقا على ضرورة تركيز الجهود لوقف العنف بكل اشكاله من اي طرف كان». وقالت ان المحادثات التي جرت في سان بطرسبورغ، في حضور المستشارة السياسية والاعلامية في رئاسة الجمهورية الدكتورة بثينة شعبان، اسفرت عن اتفاق الجانبين على ضرورة ان يتركز البحث خلال الاجتماع المقرر في جنيف «على التزام جميع الاطراف خطة انان وفي مقدمتها وقف التمويل والتسليح للمجموعات المسلحة وعدم ايوائها وذلك كمدخل لحوار وطني بقيادة سورية من اجل الخروج من الازمة الراهنة بما يصون سيادة وسلامة سورية ووحدة اراضيها». واشارت الى ان المعلم «عبر عن ارتياحه للموقف الروسي الذي عكسه الوزير لافروف خلال هذه المحادثات وكذلك للتصريحات التي صدرت عن الرئيس فلاديمير بوتين ولافروف بهذا الشأن، واشاد بالتعاون والتنسيق القائم بين سورية وروسيا لما فيه مصلحة الطرفين وتحقيق الامن والاستقرار في المنطقة». وفي نيويورك، قالت مصادر في مجلس الأمن إن التحضيرات الجارية لعقد اجتماع «مجموعة الاتصال» في شأن سورية تسير بالتوازي مع «تحضير الأطراف السوريين في الحكومة والمعارضة للانضمام الى المناقشات السياسية حول المرحلة الانتقالية في مرحلة لاحقة». وأكد المبعوث الدولي - العربي الى سورية كوفي أنان إنه يجري مشاورات مكثفة مع «عدد من الوزراء والمسؤولين في عواصم حول العالم حول إمكانية عقد لقاء وزاري لمناقشة أي إجراءات إضافية يمكن اتخاذها لتطبيق قرارات مجلس الأمن» في سورية. وأوضحت مصادر المجلس أن «هناك منطقاً غربياً في النظر الى تحضير العملية الانتقالية في سورية يقضي بأن يكون الأسد خارجها وهو ما ينسجم مع موقف جامعة الدول العربية، في مقابل منطق روسي شعاره أن يحدد السوريون مستقبلهم، أي أن يخوض النظام مفاوضات مع المعارضة تحت غطاء دولي». واعتبرت أن «الهدف من اجتماع مجموعة الاتصال الاتفاق على عقد مؤتمر دولي في موسكو والتأكيد على ضرورة تطبيق خطة أنان وقرارات مجلس الأمن، ومن ثم انضمام طرفي الحكومة والمعارضة في سورية الى المؤتمر وانطلاق المفاوضات بينهما». وقالت مصادر مجلس الأمن إن «زيارات كبار المسؤولين السوريين في وقت واحد الى موسكو وبينهم وزير الدفاع داود راجحة والمستشارة الإعلامية للرئيس السوري بثينة شعبان تعني أن روسيا تحضر الفريق التفاوضي السوري لخوض مفاوضات المرحلة الانتقالية وتعيين المحاور باسم النظام وربما وصلوا الى مرحلة البحث بالأسماء». ولم تستبعد المصادر أن يتم «ترفيع رتبة وزير الخارجية السوري وليد المعلم الى منصب أعلى في حال اختياره متحدثاً باسم النظام». واوضح أنان، في مؤتمر صحافي في جنيف، أن «مجموعة الاتصال ستبحث في الإجراءات التي يمكن اتخاذها لتطبيق خطة النقاط الست، ولكن الدول المشاركة يمكن أن تطرح إجراءات لا تتضمنها الخطة». وأضاف أن الموعد المقترح لعقد الاجتماع هو 30 الشهر الحالي، لكن المشاورات لا تزال جارية في شأنه «وسنعلن موعد انعقاد الاجتماع وبرنامجه كاملاً الأسبوع المقبل». وانتقد أنان «بعض الدول» التي تقوم بمبادرات «تقوض الجهود» المبذولة لحل الأزمة السورية. واكد انان ضرورة اشراك طهران في اجتماع مجموعة الاتصال حول سورية، داعيا المجتمع الدولي الى زيادة الضغط على اطراف النزاع وقال انه لم يتم الانتهاء من وضع اللمسات الاخيرة على التحضيرات لهذا الاجتماع وبالتالي ليس في استطاعته في الوقت الراهن ان يؤكد ما اعلنته فرنسا وسويسرا من ان الاجتماع سيعقد في 30 الشهر الجاري في جنيف. وطالب رئيس بعثة المراقبين الى سورية الجنرال روبرت مود في المؤتمر نفسه بتسليح المراقبين كي يستطيعوا القيام بالمهمة المطلوبة منهم بنجاح. ميدانياً، بلغت حصيلة القتلى امس ستين على الاقل وسقط العدد الاكبر في حلب وريفها حيث وقعت مواجهات واسعة بين القوات السورية ومناصريها المعروفين ب «الشبيحة» من جهة ومقاتلي «الجيش السوري الحر» والمسلحين من المعارضة من جهة اخرى. وذكرت وكالة الانباء الرسمية (سانا) ان «المجموعات الارهابية المسلحة» خطفت عددا من المواطنين وارتكبت مجزرة بحقهم في دارة عزة في ريف حلب. واكد ذلك المرصد السوري لحقوق الانسان الذي ذكر ان ما لا يقل عن 26 من «الشبيحة» تمت تصفيتهم باطلاق النار عليهم. ومن جهة اخرى اطلقت القوات النظامية النار على تظاهرة في مدينة الباب بريف حلب فقتلت عشرة اشخاص على الاقل كما قتل ثمانية عند اطلاق قوات الامن الرصاص على تظاهرة في حي صلاح الدين في مدينة حلب.