فجرت حملة المرشح المحسوب على المجلس العسكري الحاكم في مصر الفريق أحمد شفيق مفاجأة أمس بأن أكدت في مؤتمر صحافي تقدمه في نتائج الانتخابات التي رجحت كل المؤشرات الأولية فوز مرشح «الإخوان المسلمين» محمد مرسي بها بفارق يقارب مليون صوت. وأعلنت حملة شفيق تقدمه بنسبة تتراوح بين 51 و51.5 في المئة في أعقاب توزيع حملة مرسي كتيباً تضمن صور المحاضر الرسمية لفرز الأصوات في كل اللجان العامة على مستوى الجمهورية أظهرت تقدم مرسي بنسبة 52 في المئة. لكن اللجنة المشرفة على انتخابات الرئاسة التزمت الصمت تجاه هذه الإعلانات المتضاربة، فيما بدأت في نظر الطعون التي قدمها المرشحان على نتائج الفرز تمهيداً لإعلان النتيجة النهائية رسمياً غداً. وأكدت حملة مرسي في مؤتمر صحافي أمس أن حزب «الحرية والعدالة» وجماعة «الإخوان المسلمين» لا يسعيان إلى الصدام مع أحد. وقال المنسق العام للحملة أحمد عبدالعاطي إن «الرئيس سيكون عند حسن ظن الشارع المصري، وستكون لديه صلاحيات كاملة»، في إشارة إلى رفض الإعلان الدستوري الذي قلص صلاحيات الرئيس لمصلحة المجلس العسكري. وأضاف أن «أي قرار أو أمر يخص مؤسسة الرئاسة له أن يراجعه ويضعه في النصاب الصحيح»، في إسقاط على قرار رئيس المجلس العسكري المشير حسين طنطاوي تعيين موظفين كبار في رئاسة الجمهورية. وعرض عبدالعاطي كتيباً يضم محاضر فرز اللجان العامة التي أعدها القضاة تم توزيعه على الصحافة، ويُظهر أن مرسي حصل على 13 مليوناً و12 ألفاً و405 أصوات داخل مصر، و225 ألفاً و839 صوتاً في الخارج ليكون الإجمالي 13 مليوناً و238 ألفاً و298 صوتاً، بنسبة 52 في المئة، فيما حصل شفيق على 12 مليوناً و275 ألفاً و357 صوتاً في الداخل، و75 ألفاً و827 صوتاً في الخارج بإجمالي أصوات 12 مليوناً و351 ألفاً و184 صوتاً بنسبة 48 في المئة. وأوضح أن الحملة تقدمت ب140 طعناً على هذه النتائج قبلت اللجنة العليا للانتخابات نظر مئة منها. ونفى ما نسب إلى أحد قيادات «الإخوان» بأن عدداً من أفراد الجماعة سيقومون بحماية مرسي. وقال إن «حركة الرئيس وتأمينه مهمة الدولة ومؤسساتها المعنية وليس أية جهة أخرى بما فيها جماعة الإخوان». ورغم أن الكتيب الذي وزعته حملة مرسي يحمل محاضر فرز ممهورة بتوقيعات القضاة ومختومة بخاتم اللجنة العليا للانتخابات، فضلاً عن نشر غالبية وسائل الإعلام والصحافة الرسمية والخاصة أن المؤشرات الأولية تؤكد تقدم مرسي، إلا أن حملة شفيق ذهبت إلى ما هو أبعد من التشكيك في هذه النتائج وأكدت تقدمه. وقال الناطق باسم الحملة أحمد سرحان ل «الحياة»: «لا شك لدينا في أنه سيتم إعلان الفريق شفيق رئيساً لمصر يوم الخميس». وأضاف: «تأكد بما لا يدع مجال للشك أن حملة مرسي خدعت الشعب بإعلان نتائج غير حقيقية، وتأكد في شكل قاطع أن الفريق شفيق متقدم حتى قبل الفصل في الطعون التي يتم التحقيق فيها الآن، خصوصاً التزوير الذي حدث بإضافة نحو مليون بطاقة اقتراع مسودة لمصلحة مرسي من المطابع الأميرية»، معتبراً أن «الكتيب الذي وزعوه ليس المحاضر الرسمية». وكانت حملة شفيق قالت في رسالة على صفحتها على موقع «فايسبوك»: «تأكدوا تماماً أن الفريق أحمد شفيق هو رئيس مصر بالفعل. أصواتكم هي التي ساندته وجعلته رئيس مصر بالفعل لمدة أربع سنوات، وكل النتائج الواردة من داخل اللجنة العليا للانتخابات تؤكد أن الفريق شفيق هو الرئيس». وبعد حملة مكثفة من داعمي شفيق على موقعي «فايسبوك» و «تويتر» تؤكد تقدمه، خرجت حملته بمؤتمر صحافي أكدت فيه أنه «متقدم بنسبة تتراوح ما بين 51 و 51.5 في المئة»، لكن الناطق باسم الحملة رفض إعلان أي أرقام. وقال: «نحن لسنا جهة إعلان أرقام، ولن نفتئت على حق اللجنة العليا للانتخابات في إعلان الأرقام»، مضيفاً: «مستعدون للذهاب إلى أبعد نقطة قانونية كي نؤكد حقنا ونثبت أن الفريق شفيق هو رئيس مصر المقبل بإرادة الناخبين، ونثق في ما تعلنه اللجنة العليا». وشكك في الكتيب الذي وزعته حملة مرسي. وقال: «نؤكد عدم صحة ما أدعوا أنه محاضر فرز»، مخاطباً أنصار شفيق: «لا تنخدعوا بأي دعاوى كاذبة وافرحوا ولا تحبطوا... عبروا عن مشاعركم وفرحكم، والفريق يتوقع أن يأتي هذا التعبير سلمياً». وشكك في الأرقام التي أعلنتها حملة مرسي ووسائل الإعلام الرسمية والخاصة، معتبراً أن هذه النتائج اعتمدت على ما أعلنته حملة مرسي بالأساس. وأضاف: «لدينا الأرقام الصحيحة ومتأكدون أن الرئيس المقبل هو الفريق شفيق». واكتفى بالقول: «شفيق متقدم بنحو نصف مليون صوت... الطعون ستكشف فضيحة كبرى يتم التحقيق فيها، وهي تسويد بطاقات الاقتراع لمصلحة مرسي في نحو 12 محافظة... نتائج التحقيقات قد تؤثر على مليون صوت». إلى ذلك، نفى نائب رئيس حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية ل «الإخوان»، عصام العريان ما تردد عن إجراء الحزب مشاورات مع الأحزاب السياسية وعدد من الشخصيات العامة في شأن تشكيل الحكومة. وقال في تصريح أمس إن تشكيل الحكومة المقبلة هو مسؤولية الرئيس المنتخب وليس أحداً غيره، نافياً صدور أي بيانات أو تصريحات للحزب تتعلق بالرئيس المنتخب أو القسم الدستوري الخاص به. من جهة أخرى، قال المرشح السابق للرئاسة حمدين صباحي إنه يعمل الآن على تأسيس تيار واسع منظم قد يكون حزبا «الكرامة» و «الدستور» حجري أساس فيه «ليكون منافساً حقيقياً وجاداً في الانتخابات البرلمانية المقبلة». وتوقع أن يكون الرئيس الجديد موقتاً، معللاً ذلك بأن مصيره سيصبح بيد الجمعية التأسيسية وما تقرره من نصوص في الدستور. وأكد أنه «ما لم يكن هناك نص واضح في باب الأحكام الانتقالية في الدستور الجديد يؤكد استمرار الرئيس لحين انتهاء مدته، فإن الأرجح أن يعاد انتخاب رئيس جديد بعد إقرار الدستور وإجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة». وقال خلال لقائه وفداً من «مركز كارتر» الذي راقب الانتخابات، إن «نتائج الانتخابات في جولة الإعادة تؤكد أن مصر فرض عليها خياران لا يعبران عن شخصية البلاد ولا عن ثورتها، والشعب وجد نفسه أمام اختيار إعادة إنتاج النظام السابق أو اختيار شريك في الثورة أراد الانفراد بها وحصد مكاسب السلطة منها وحده بعيداً عن باقي الشركاء». وأضاف أن «الرئيس المقبل سيكون رئيساً ضعيفاً بحكم هذا الاتجاه في الرأي العام الذي اختار أحدهما رفضاً للآخر، وبحكم نص الإعلان الدستوري المكمل الذي قلص صلاحيات الرئيس». وعبرت الجمعية الوطنية للتغيير في بيان عن ارتياحها للمؤشرات الأولية لنتائج الانتخابات، ولكنها حذرت بالقوة نفسها من استمرار سياسة الاستحواذ والهيمنة من تيار الإسلام السياسي. وقدم محام بلاغاً إلى النائب العام يطالب فيه بمنع شفيق من مغادرة البلاد، لحين انتهاء التحقيقات في البلاغات المقدمة ضده بتهم الفساد. يزيلان ملصقات انتخابية لمرسي وشفيق في أحد شوارع القاهرة أمس (رويترز)