رغم أن اختيارات الناخبين في جولة الحسم في انتخابات الرئاسة المصرية كانت مدفوعة في جزء كبير منها بالرغبة في إبعاد مرشح بعينه أكثر من اقتناع بمنافسه، إلا أن النتائج الأولية التي أظهرت تقدم مرشح «الإخوان المسلمين» محمد مرسي على منافسه المحسوب على المجلس العسكري الحاكم أحمد شفيق تتضمن دلالات كثيرة. أبرز هذه الدلالات هو اكتساح مرسي في الصعيد والمحافظات الحدودية التي نالت تهميشاً كبيراً في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، لا سيما شمال سيناء، لكن المحافظات السياحية صوتت لشفيق وكذلك فعلت الدوائر ذات التجمعات القبطية الكبيرة. كما فقد مرسي معاقل أساسية لجماعته في محافظات الدلتا. وباستثناء الأقصر التي تشتهر بالسياحة، تصدر مرشح «الإخوان» نتائج السباق في محافظات الصعيد الست بني سويف والمنيا وأسيوط وسوهاج وقنا وأسوان، إضافة إلى محافظة الفيوم الأكثر فقراً ومحافظة الجيزة، بفارق كبير عن منافسه، وهو ما بدا ثأراً من أبناء الصعيد لما عانوه من تهميش وإقصاء في عهد مبارك، رغم أن كل التوقعات كانت تذهب إلى تصدر شفيق، وهو رئيس آخر حكومات الرئيس المخلوع، بحكم النفوذ القبلي والعائلي لقيادات الحزب الوطني المنحل فيها، فضلاً عن ضعف حضور «الإخوان» هناك، والأعداد الكبيرة للأقباط في بعض محافظات الجنوب. الأمر نفسه تكرر في المحافظات الحدودية، إذ تصدر مرسي في مرسى مطروح والوادي الجديد وشمال سيناء. لكن بدا جلياً أن جماعة «الإخوان» خسرت معاقلها الرئيسة في محافظات دلتا النيل مثل الدقهلية والشرقية، وهما من المعاقل الرئيسة ل «الإخوان» التي اقترعت لمصلحة شفيق في الجولتين. وحقق شفيق نتائج جيدة في محافظات أخرى في الدلتا اكتسحها التيار الإسلامي في انتخابات البرلمان، إذ تصدر النتائج في الغربية والقليوبية والمنوفية. المحافظات السياحية هي الأخرى اقترعت لمصلحة شفيق الذي تصدر في البحر الأحمر والأقصر وجنوب سيناء. لكن بدا جلياً أيضا أن احتشاد التيار السلفي خلف مرسي أسهم إلى حد كبير في تصدره النتائج، كما بدا أن قطاعات من التي صوتت لمصلحة المرشح الناصري حمدين صباحي في الجولة الأولى ذهبت إلى مرسي، خصوصاً في محافظتي الإسكندرية وكفر الشيخ اللتين تصدرهما صباحي في الجولة الأولى. أما محافظة السويس التي لعبت دوراً رئيساً في الانتفاضة الشعبية التي أطاحت مبارك، فصوتت لمرسي، فيما أظهرت محافظة المنوفية مسقط رأس مبارك وسلفه أنور السادات، تفضيلاً لاستمرار عسكري من قلب النظام السابق على رأس السلطة، فتصدر شفيق بفارق كبير عن منافسه. وكانت المنوفية سبباً رئيساً في دخول شفيق جولة الإعادة بعدما تصدرها أيضاً في الجولة الأولى.