طلب مجلس النواب الليبي (البرلمان الجديد) أمس، تدخلاً دولياً لحماية المدنيين في البلاد، في خطوة أثارت الجدل وهي الثانية من نوعها منذ تلك التي أقدم عليها المجلس الانتقالي إبان ثورة «17 فبراير» العام 2011. وفي وقت استبعدت مصادر دولية «تدخلاً في بلد منقسم بهذا الشكل»، قال رئيس بعثة الأممالمتحدة الى ليبيا طارق متري ل «الحياة» إنه «لا يمكن فرض توافق على الليبيين بالقوة». وأرفق البرلمان، الذي يعقد جلساته في طبرق (شرق)، طلبه بقرار حل كل التشكيلات المسلحة والكتائب غير النظامية وإلغاء تكليفات أمنية أسندت إليها من جانب المؤتمر الوطني (البرلمان) السابق. ولم يوضح البرلمان في القرار الذي صوت عليه 111 من أصل 124 حضروا الجلسة، إذا كان حل التشكيلات المسلحة ينسحب على الفصيل الذي يقوده اللواء المتقاعد خليفة حفتر، أو ينحصر في الفصائل المسلحة المحسوبة على الثوار الإسلاميين، فيما شكك مراقبون في قدرة البرلمان على تنفيذ قراره هذا، نظراً إلى عدم وجود قوات نظامية لفرضه. وطالب مجلس النواب في قراره الذي حمل الرقم 6، الأممالمتحدة ومجلس الأمن ب «التدخل العاجل لحماية المدنيين ومؤسسات الدولة في ليبيا». وفوض مكتب رئاسة مجلس النواب باتخاذ «كل التدابير اللازمة لتنفيذ أحكام هذا القرار»، فيما لم يصدر رد فعل على الفور من الحكومة الموقتة التي اجتمعت في البيضاء (شرق) ليل أول من امس، لبحث الوضع الأمني في البلاد. ويأتي طلب التدخل الدولي في وقت أبدت بعثة الأممالمتحدة في ليبيا «إدانتها الشديدة» لاستمرار المعارك في العاصمة طرابلس، على رغم الدعوات المتكررة إلى وقف فوري لإطلاق النار، والمناشدات بعدم اللجوء إلى القوة لحل الخلافات السياسية. كما أعرب الاتحاد الأوروبي عن قلقه من تصاعد العنف في طرابلس وبنغازي والهجمات العشوائية التي تصيب المدنيين وممتلكاتهم. وأشار الاتحاد في بيان امس، الى أن المحكمة الجنائية الدولية ستلاحق كل مرتكبي الجرائم الواقعة ضمن ولايتها القضائية في ليبيا. وحض كل الأطراف على التعاون مع بعثة الأممالمتحدة في ليبيا، لتسهيل وقف إطلاق النار. وطالب الاتحاد الأوروبي مجلس النواب الليبي بأداء مهماته بشمولية واعتدال لمصلحة البلاد. وتعرضت العاصمة الليبية لقصف هو الأعنف منذ اندلاع الصراع للسيطرة على مطارها قبل أسابيع. وطاول القصف الذي تواصل منذ ليل الثلثاء وطيلة نهار أمس، أحياء سكنية عدة، ما أسفر عن سقوط خمسة قتلى وعشرة جرحى على الأقل، وفق مصادر وزارة الصحة. وأفاد شهود بأن القصف المتبادل بين طرفي النزاع استخدمت فيه قذائف مدفعية وصواريخ سقطت في مناطق غوط الشعال والحي الإسلامي والدريبي وانجيلة، غرب طرابلس. وألحق القصف، الذي تخللته اشتباكات بأسلحة خفيفة ومتوسطة، أضراراً كبيرة في المباني والسيارات، وأثار ذعراً بين السكان، وأدى الى فرار كثيرين من مناطق التوتر، فيما طاولت موجة النزوح في المدينة نحو ثمانية آلاف عائلة. وقال رئيس بعثة الأممالمتحدة في ليبيا ل «الحياة»، إن مهمتها هناك هي «تقديم المشورة والدعم الفني وتسهيل الحوار السياسي والقيام بوساطات من أجل توافق بين الليبيين، وهي مهمة مستمرة». وأضاف: «لدينا أعضاء من البعثة يفاوضون مع مختلف الأطراف من أجل اتفاق على وقف إطلاق نار إذا نجح ندخل في حوار سياسي». وزاد: «نحن نؤمن بأن الخلافات بين الليبيين لا تحل بالقوة، ولا يمكن أن نفرض توافقاً على الليبيين بالقوة». إلى ذلك، أكدت مصادر دولية أخرى ل «الحياة»، «استحالة تدخل قوات أجنبية في بلد منقسم بهذه الطريقة». واستبعدت أن يقرر مجلس الأمن التدخل في ليبيا، وأوضحت أن «هذا خيار غير وارد لدى الولاياتالمتحدة وروسيا وأوروبا»، على رغم تصريحات أميركية يمكن أن توحي بذلك أحياناً. ورأت المصادر أن من شأن طلب البرلمان الليبي تأجيج الصراع في ليبيا.