عندما فرضت إسرائيل الحصار على قطاع غزة للمرة الأولى عام 1991، أي في السنة الخامسة من الانتفاضة الأولى، ومنعت بموجبه عشرات آلاف العمال «الغزيين» من العمل لدى مشغلين اسرائيليين، لم يكن أحد يتوقع أن يشتد أكثر ويستمر سنوات طويلة. ودأبت اسرائيل على تشديد الحصار أكثر فأكثر على مليون ونصف المليون فلسطيني، الى أن تفاقمت الأوضاع الانسانية والمعيشية، لدرجة ارتفعت معها معدلات البطالة والفقر الى نحو 70 في المئة. لكنها شرعت في تخفيفه بعد ردود الفعل التركية والدولية على مجزرة سفينة كسر الحصار التركية «مرمرة» التي قتل خلالها 10 أتراك. ومع ذلك، ظلت اسرائيل تحظر استيراد أصناف كثيرة من المواد الخام والمنتجات والسلع، فيما بقي التصدير ممنوعاً قطعياً، باستثناء القليل منه. واليوم بعد مرور خمس سنوات على تشديد الحصار وإحكامه، لا تزال الأوضاع في القطاع مأسوية، وترفض اسرائيل رفعه تماماً والسماح لسكانه بحرية الحركة، على رغم ارتفاع الأصوات الدولية المنادية برفعه. ومن بين الأصوات التي تعتبر الحصار «عقاباً جماعياً» مخالفاً للقانون الدولي، «الشبكة الأوروبية-المتوسطية لحقوق الإنسان»، التي قالت في بيان أمس إن «التدابير المتخذه لتخفيف الإغلاق (الحصار) أخفقت في معالجة القضية الجذرية التي تمس حقوق الإنسان والأزمة الإنسانية عموماً في القطاع، ألا وهي الإغلاق بحد ذاته والاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية على نطاق أوسع». وشددت على أن رفع الإغلاق الكامل «يظل أمراً حتمياً وملحاً، قانونياً واقتصادياً وسياسياً، لمن يسعون إلى إيجاد حل دائم شامل للصراع الفلسطيني-الاسرائيلي». ودعت الشبكة الى «إطلاق مبادرة ديبلوماسية متشعبة جديدة من أجل رفع الإغلاق في شكل كامل وفوري وغير مشروط، بما في ذلك السماح بحركة تنقل الناس، وبما يشمل التنقل بين غزه والضفة الغربية، والسماح بالصادرات من غزة، بما في ذلك إلى الضفة، والسماح بدخول مواد البناء والمواد الخام، بما في ذلك المواد التي يحتاجها القطاع الخاص، وتوسيع عمليات المعابر، ورفع القيود المفروضة على واردات الوقود، وضمان إمكان الوصول للأراضي الزراعية ومصائد الأسماك في غزه وحماية المدنيين في تلك المناطق». وحضت إسرائيل على «تسليم تصاريح خروج للمرضى الذين هم بحاجة لتلقي العلاج خارج غزه فوراً». وقالت إن «مدة انقطاع الكهرباء في غزة تصل إلى 12 ساعة يومياً، ما يعطل تقديم الخدمات الأساسية ويعوق الحياة اليومية». وأضافت أن «عدد الصيادين في غزة انخفض من 10 آلاف صياد عام 2000 إلى 3100 صياد حالياً، كما تراجعت إنتاجية الصيد إلى 437 طناً عام 2011 مقارنة مع 1.817 طناً عام 2006». ويعتبر 90 في المئة من صيادي غزة فقراء، اذ يتراوح دخلهم الشهري بين 100 إلى 190 دولاراً، ويرزح البقية تحت خط الفقر، ويصل دخلهم الشهري الى أقل من 10 دولارات. وأوضحت أن «35 في المئة من أراضي غزة الزراعية، و85 في المئة من مياه الصيد لا يمكن الوصول إليها كلياً أو جزئياً، بسبب المنطقة العازلة التي فرضتها إسرائيل». وأشارت الى «تضرر قطاع الرعاية الصحية، فوفقاً لتقارير وردت من منظمة الصحة العالمية، قامت وزارة الصحة الفلسطينية عام 2010 بإحالة ما يربو على 12 ألف مريض من غزة لتلقي علاج متخصص في الضفة، بما في ذلك القدسالشرقية، وفي مصر وإسرائيل والأردن». وقالت إن «31 في المئة من السكان من دون عمل، و75 في المئة يعتمدون على المساعدات، وفقط ثماني شاحنات محملة بالبضائع تغادر غزة أسبوعياً، مقارنة ب 240 شاحنة قبل الحصار».