وسط زخم الاقتراع في جولة الحسم في انتخابات الرئاسة المصرية التي يتنافس فيها مرشح «الإخوان المسلمين» محمد مرسي والمرشح المدعوم من الجيش الفريق أحمد شفيق، وسعي أنصار كل مرشح لإبراز مخالفات الخصم، بدا لافتاً أن تُوقِف قوات الأمن خمسة من أعضاء «حركة 6 أبريل» أمام إحدى لجان الاقتراع في القاهرة وتحيلهم على النيابة العامة، ليس بتهمة ممارسة دعاية انتخابية في فترة الصمت الانتخابي ولا توزيع رشى على الناخبين، لكن بتهمة رفع صور «شهداء الثورة». وقال الناطق باسم «6 أبريل» محمود عفيفي ل «الحياة» إن قوات الأمن اعتقلت خمسة من أعضاء الحركة كانوا يقفون أمام لجنة الجامعة العمالية في حي مدينة نصر ويرفعون صوراً للشهداء، واحتجزتهم لفترة في قسم مدينة نصر قبل أن تحيلهم على النيابة التي أشرفت على التحقيق معهم. واستنكر هذا التصرف، معتبراً أنه «دليل على انحياز الأمن ضد الثورة». اللافت أن «شهداء الثورة» كانوا الغائب الحاضر في عملية الاقتراع، خصوصاً في جولة الإعادة، فمرشح «الإخوان» الذي طرح نفسه في الجولة الأولى من الانتخابات على أنه صاحب «المشروع الإسلامي» عدل من استراتيجيته في جولة الإعادة رافعاً «مشروع الثورة» بعد أن صعد إلى المنافسة في جولة الإعادة شفيق الذي يُنظر إليه على أنه مرشح المجلس العسكري الحاكم وشبكات مصالح نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك. ولعب مرسي كثيراً على وتر «حقوق الشهداء»، خصوصاً بعد تبرئة محكمة قيادات وزارة الداخلية في قضية قتل المتظاهرين التي دين فيها الرئيس المخلوع ووزير داخليته حبيب العادلي، فضلاً عن تبرئة كل ضباط الشرطة الذين حوكموا بتهم قتل المتظاهرين. وتعهد مرسي إعادة محاكمة هؤلاء قصاصاً لدماء الشهداء. ووعد أسرهم بأنه سيكون «ولي الدم». أما شفيق فلم يجد أمام الحملة التي استهدفته على اعتبار أنه كان رئيساً للوزراء أثناء قتل أكثر من ألف من الثوار، إلا أن يحول دفة الاتهام إلى جماعة «الإخوان»، موحياً بأنها دبرت «موقعة الجمل» لامتصاص التعاطف الشعبي مع مبارك بعد خطاب عاطفي حاول فيه استرضاء الجماهير. لكن محاولات شفيق لم تنطل على أهالي الشهداء وذويهم والحركات الثورية، وهو ما بدا من واقعة توقيف شباب «6 أبريل» لرفعهم صوراً للشهداء، ربما لأن السلطات رأت في هذه الواقعة دعاية سلبية من الثوار ضد شفيق. وفور إعلان توقيف أعضاء «6 أبريل»، توجهت فرق قانونية من حملة مرسي ومن نقابة المحامين وجمعيات حقوقية للتضامن مع هؤلاء الشباب. غير أن الحشد عبر «الشهداء» أخذ منحى آخر عبر آلاف التغريدات على موقع «تويتر» والتعليقات على موقع «فايسبوك» التي ذكرت الناخبين بهم على اعتبار أن دماءهم هي التي أوصلت المصريين إلى هذا اليوم الذي يصطفون فيه في طوابير طويلة لاختيار رئيسهم بعد أن قضى النظام السابق على مدار عقود على أية فرصة لتداول السلطة. طريقة أخرى ابتكرها الشباب لاستحضار أرواح الشهداء عبر ارتداء قمصان مطبوع عليها صور الشهداء وأسماؤهم أثناء الإدلاء بأصواتهم، وهو ما فعله لاعب كرة القدم الشهير محمد أبو تريكة الذي أدلى بصوته مرتدياً قميصاً مكتوباً عليه: «يوم ما أفرط في حقك، أكون ميت أكيد»، وهو شعار رفعته رابطة مشجعي فريق النادي الأهلي «التراس» بعد «مجزرة بورسعيد» التي راح ضحيتها أكثر من 70 قتيلاً وتحاكم فيها قيادات كبيرة في الشرطة.