في وقت بدأ المصريون في الخارج أمس الاقتراع في جولة الإعادة الحاسمة في انتخابات الرئاسة بين مرشح «الإخوان المسلمين» محمد مرسي وأحمد شفيق رئيس آخر حكومات الرئيس المخلوع حسني مبارك، اتخذت المعركة الانتخابية منحى أكثر سخونة، إذ شن شفيق هجوماً عاصفاً على «الإخوان» ومرشحهم الذي سعى إلى رأب الصدع الحاصل منذ أشهر بين جماعته وقوى الثورة، فاجتمع أمس مع أسر شهداء الثورة بعد ساعات من نزوله إلى ميدان التحرير وتعهده «إعادة محاكمة رموز النظام السابق والقصاص للشهداء». وبدا أن شفيق اختار الهجوم وسيلة للدفاع عن موقفه الذي تراجع بعد صدور الحكم في قضية قتل المتظاهرين، فعقد مؤتمراً صحافياً أمس ركز في غالبيته على الهجوم على منافسه وجماعته التي اتهمها ب «التزييف والتزوير ونشر الفوضى وعدم الاستقرار في البلاد». واعتبر نفسه «ممثل الدولة المدنية والإخوان يمثلون الدولة الإخوانية الطائفية، أنا امثل التقدم إلى الأمام وهم يمثلون الرجوع إلى الخلف، أنا امثل الشفافية والنور، والإخوان يمثلون الظلام والأسرار، أنا امثل كل مصر وهم يمثلون فئة مغلقة على نفسها لا تقبل احداً من خارجه، أنا امثل المصالحة الوطنية وهم يمثلون الانتقام، أنا امثل الحوار والتسامح وهم يمثلون الإقصاء والتباعد والطائفية». وأضاف: «أنا تاريخي معلن وواضح، وتاريخ مرشحهم لا يعلمه احد، أنا امثل الاستقرار، وهم يمثلون الفوضى وتعطيل مصالح الناس، يا إخوان الناس يريدون أكل عيش، حكم مصر أكبر من مرسي و(نائب مرشد الجماعة خيرت) الشاطر والمرشد». وانتقد «عمليات الترهيب التي يقوم بها الإخوان للتأثير على قرار الناخب وجعل الانتخابات غير نزيهة». وتابع: «يقولون إنني سأعيد إنتاج النظام السابق رغم أنهم كانوا يتفقون معه تحت الترابيزة (الطاولة)... لا أحد يستطيع إعادة النظام القديم. سمعت نداء التغيير وسألبي النداء وأتعهد دولة عصرية مدنية عادلة». واتهم «الإخوان» بأنهم «هم الذين تعايشوا مع النظام السابق»، متهماً إياهم ب «الاتفاق مع النظام وهندسة صفقة ال88 مقعداً في مجلس الشعب في دورة العام 2005، وهندسوا صفقة البعد عن الدوائر التي يقودها رموز النظام مع مدير جهاز أمن الدولة المحبوس حالياً حسن عبدالرحمن في انتخابات 2010». وتعهد «ضمان حقوق الشهداء». وقال إن «الإخوان أول من تحدث عن دفع الدية للشهداء، فمحمود غزلان (الناطق باسم الجماعة) هو الذي طالب بالتنازل عن حقوقهم مقابل الدية». وأعلن أنه يقبل «الوثيقة التي أطلقتها قوى مدنية قبل أيام تحت مسمى وثيقة العهد من معان ونصوص لضمان حرية الدولة المدنية، مع احتياجي لمناقشة بعض البنود». وشدد على أنه لن يقصي أي قوى سياسية مهما اختلف معها، قائلاً: «لن يسجن أحد ولن يلاحق أي سياسي مهما كان اختلافي معه... لن يسجن صاحب رأي. مضى عهد الاعتقالات وأجهزة الأمن ستلتزم معايير القانون وحقوق الإنسان... وأنا من سيأتي بالأمن». وأعلن حزب «التجمع» أمس دعمه شفيق بشرط موافقته على وثيقة العهد، ورفض الدعوات إلى الامتناع عن التصويت «لأنها تصب في مصلحة دولة المرشد». وقال الحزب في بيان إن «قرار عدم التصويت لمرسي يأتي حفاظاً على ما تبقى من أسس الدولة المدنية في مصر وتعزيزها ضماناً لحقوق المواطنة الكاملة لكل المصريين من دون تمييز بسبب الجنس أو الدين أو الوضع الاجتماعي». وقلل من مخاوف إعادة إنتاج نظام مبارك على يد شفيق، معتبراً انه «يمكن مواجهتها والحد من تأثيرها بحركة شعبية نشطة بينما سيكون تمكين دولة المرشد ضربة تقتلع جذور الدولة المدنية وتطيح كل ممكنات إقامة دولة المواطنة والديموقراطية وتداول السلطة والعدل الاجتماعي». وكان مرسي التقى مساء أمس عائلات وذوي شهداء الثورة لمناقشة متطلباتهم وتصوراتهم لكيفية القصاص لذويهم، غداة مؤتمر صحافي تعهد فيه «استمرار الثورة»، داعياً إلى «نزول ميدان التحرير كضرورة حتمية حتى تستكمل الثورة كل أهدافها». ووعد بمحاكمة «من أجرم في حقِّ الوطن وقتل شباب مصر الشرفاء بأدلة اتهام جديدة، وتشكيل فريق تحقيق من النيابة وجهات جمع الأدلة الجنائية التابعة للسلطة التنفيذية على أعلى مستوى فور فوزي لجمع الأدلة من كل الجهات التي تُدين المجرمين بقتل الثوار». وتوجه مرسي إلى ميدان التحرير حيث جال مرفوعاً على أعناق أنصاره حاملاً علم مصر وسط هتافات: «قوة عزيمة إيمان، الثورة لسه في الميدان»، و«ثوار أحرار، هانكمل المشوار»، و«يا نجيب حقهم، يا نموت زيهم»، قبل أن ينسحب من الميدان. في غضون ذلك، بدأ المصريون في الخارج صباح أمس الإدلاء بأصواتهم في جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية المقررة في مصر يومي 16 و17 الشهر الجاري. ومن المقرر أن تستمر عملية الاقتراع في الخارج حتى السبت المقبل لتجرى بعدها عمليات فرز الأصوات في حضور ممثلي المرشحين وعدد من أعضاء الجالية وممثلي منظمات المجتمع المدني ممن حصلوا على تصاريح لمتابعة الانتخابات. كانت المرحلة الأولى من الانتخابات أسفرت عن جولة إعادة بين مرسي بعد حصوله على 24.3 في المئة وشفيق بعد حصوله على 23.3 في المئة. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية عمرو رشدي إن وزارته «دفعت بتعزيزات إضافية من الأعضاء إلى سفارات وقنصليات مصر في الخارج التي شهدت كثافة تصويتية عالية في المرحلة الأولى من الانتخابات، إذ تم إرسال نحو 40 عضواً إلى الرياض و 15 عضواً إلى جدة، كما أرسلت الوزارة 50 عضواً إلى الكويت و10 أعضاء إلى مسقط ومثلهم إلى الدوحة بينما أرسلت 20 عضواً إضافيا إلى الإمارات بهدف التيسير على المواطنين وضمان سرعة إنهاء إجراءات التصويت والفرز وإعلان النتيجة».