فيما تحبس الأوساط المصرية أنفاسها انتظاراً لحكم المحكمة الدستورية العليا في شأن ما يعرف ب «قانون العزل السياسي»، وبطلان الانتخابات البرلمانية، دخلت اللجنة القضائية المشرفة على الانتخابات الرئاسية في مواجهة مع جماعة «الإخوان المسلمين»، قبل يومين من انطلاق جولة الإعادة في الداخل، على خلفية رفض الأولى تسليم مرشح «الإخوان» محمد مرسي كشوفاً بقاعدة بيانات الناخبين. وتظاهر أمس لليوم الثاني على التوالي أعضاء في الإخوان المسلمين أمام مقر اللجنة الرئاسية في ضاحية مصر الجديدة (شرق القاهرة) للمطالبة بتسليم نسخة من كشوف الناخبين لمرشحهم، ما انتقده في شدة الأمين العام للجنة الرئاسية المستشار حاتم بجاتو، معتبراً أن جماعة الإخوان تسعى إلى «لي ذراع اللجنة بالتظاهر». وقال بجاتو في مؤتمر صحافي عقد أمس: «ليس من حق أي شخص الحصول على قاعدة بيانات الناخبين طبقاً للقانون.. نحن ملتزمون بتطبيق القانون وأكثر إصراراً على تطبيق القانون في المرحلة الثانية أكثر من الأولى ... اللجنة ستكون أكثر حزماً في تطبيق القانون في المرحلة الثانية». وأضاف: «حينما ظن البعض أنه يستطيع الضغط على لجنة الانتخابات الرئاسية كي يأخذوا بالقوة ولي الذراع ما ليس لهم بحق وما لم يستطيعوا أخذه عن طريق الإجراءات القضائية.. ظنوا أنهم بالتجمع حوالي اللجنة والسب والشتم والإرهاب يستطيعون أن ينالوا من إرادة اللجنة ويجبرونها على مخالفة القانون.. اللجنة لن تخالف القانون ولا نخاف أحداً ولا نخشى أحداً». وشدد على أن اللجنة لن تعمل أي شيء تحت الضغط وأن القضاة سيتركون هذه المهمة قبل أن يذعنوا للضغط، الأمر الذي رد عليه رئيس الفريق القانوني لحملة مرسي المحامي عبدالمنعم عبدالمقصود بأن إصرار اللجنة على عدم تسليم كشوف الناخبين «يثير الشكوك في نزاهة العملية الانتخابية»، موضحاً ل «الحياة» انه لا نص في القانون يحظر على المرشحين تسليم قاعدة بيانات الناخبين.. الأصل في القانون هو الإباحة وليس الحظر إلا بنص قانوني، لافتاً إلى أن المرشحين في الانتخابات البرلمانية الماضية تسلموا كشوف الناخبين فمن باب أولى أن يتسلمها مرشحو الرئاسة، مشدداً على «حق كل مرشح الحصول على قاعدة بيانات الناخبين، ولجنة الرئاسة عليها واجب طمأنة المرشح خصوصاً بعد ما أثير حول تضمين كشوف الناخبين عسكريين ومتوفين»، وقال: «صلب العملية الانتخابية أن يطمئن الناخب والمرشح لنزاهة عملية الاقتراع، لكن إصرار اللجنة على عدم تسليمنا الكشوف يثير الشكوك». وكان القاضي بجاتو نفى في شدة خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد صباح أمس ما أثير في شأن وجود تلاعب في قاعدة بيانات الناخبين، وأوضح أن قاعدة بيانات الناخبين كانت تضم قرابة 50 مليون ناخب استناداً إلى الرقم القومي وانه تم تنقيتها بمجموعة مشتركة من التنمية الإدارية والشرطة وفريق من المستشارين ورفعوا تقرير اعتمدته لجنة الانتخابات الرئاسية بتنقية الأعداد، وأشار إلى أن اللجنة في إطار عملية التنقية تم استبعاد قرابة 400 ألف من قاعدة بيانات الناخبين، ثم 115 ألف آخرين في مرحلة ثانية، مشيراً إلى انه لا يجوز لأي مرشح الحصول على نسخة من قاعدة البيانات باعتبار أنها بيانات سرية، موضحاً أن المادة 11 من الإعلان الدستوري والمادة 13 من قانون الأحوال المدنية تشيران «بوضوح وجلاء إلى أن قاعدة البيانات هي سر من أسرار الأمن القومي، والأصل أن القاعدة سرية ولا يمكن اللجنة أن تقوم بالإفصاح عن سرية الناخبين، وقانون الانتخابات البرلمانية يتيح فقط للمرشح الحصول على أسماء الناخبين في الدائرة الانتخابية فقط وليس في عموم مصر». وقال الأمين العام للجنة القضائية العليا المشرفة على الانتخابات الرئاسية إن اللجنة «ملتزمة تحقيق أقصى درجات النزاهة والشفافية في جولة الإعادة» المقرر إجراؤها السبت والأحد. ولفت إلى تحقيقات تجري على أعلى مستوى في شأن احتمالية تسرب نموذج لبطاقة التصويت الخاصة بالمرحلة الثانية. وأوضح أن كل بطاقات الاقتراع لا تزال في المطابع تحت الحراسة ومؤمنة بالكامل ولم يتم تسليمها بعد إلى الجهات المنوط بها توزيعها على لجان الاقتراع، وأن التحقيقات تجري على قدم وساق في شأن تسرب نموذج بطاقة التصويت، لافتاً إلى أنه ستتم ملاحقة القائم بارتكاب تلك الجريمة وتقديمه للمحاكمة الجنائية على وجه السرعة. وأكد أن اللجنة متمسكة بتعهداتها السابقة بتقديم انتخابات نزيهة، مشدداً على أن أعضاء اللجنة لا يطمعون في أي مناصب أو مزايا، وأنهم يؤدون عملهم وفقاً للقانون. وقال إنه سيتم تطبيق قاعدة الصمت الانتخابي التي تمنع ممارسة أي أعمال دعائية انتخابية اعتباراً من غد (الجمعة) «بكل حسم» وانه ستتم الاستعانة بالمحليات والشرطة والقوات المسلحة في إزالة الدعاية المخالفة في فترة الصمت الانتخابي. وأضاف انه لن يسمح بوجود أي شخص يقوم بتوجيه الناخبين في محيط 500 متر من اللجنة الانتخابية، لافتاً إلى أن من سيقوم بالدعاية ستتم إحالته إلى النيابة، مشيراً إلى وجود أكثر من 250 حالة خرق في الجولة الأولى، وانه تم بالفعل حبس 10 أشخاص احتياطياً في تلك الخروقات. وناشد بجاتو المواطنين التوجه إلى لجان الاقتراع والإدلاء بأصواتهم، معرباً عن أمله في أن تتجاوز نسبة الإقبال 70 في المئة ممن يحق لهم التصويت. في غضون ذلك أكد المرشح السابق عبد المنعم أبو الفتوح، أن «شبابنا قادرٌ على استكمال الثورة وحمايتها من فلول النظام القديم، فهذا الجيل الذي ظلمناه كان هو الجيل الأقوى»، داعياً إلى «التصويت لمصلحة مرشح الإخوان محمد مرسي». وقال: «إنّ المصلحة الوطنية تفرض أحياناً أن يختار الإنسان شيئاً غير مقتنع به لإنقاذ الوطن من ضرر أكبر، ولذلك فرأيي أن المقاطعة أو إبطال الصوت ليس جيداً أو صحيحاً، ويجب إسقاط الفلول من خلال التصويت لمحمد مرسي مع اختلافنا سياسياً معه وعدم اقتناعنا الكامل به إلاّ أنه الأقل ضرراً من شفيق». أما المرشح السابق عمرو موسى فطالب هو الآخر الشعب المصري بالتوجه إلى صناديق الاقتراع يومي السبت والأحد المقبلين للإدلاء بأصواتهم في جولة الإعادة، وقال موسى في بيان أمس: «أبعث اليوم ومصر على أعتاب مرحلة جديدة تنطلق بمشيئة الله فور الانتهاء من الانتخابات الرئاسية المقبلة برسالة أوجهها إلى أبناء وطني جميعاً رجالاً ونساء، مسلمين وأقباطاً، شباباً وشيباً... أن اذهبوا إلى صناديق الاقتراع، أدلوا بأصواتكم، شاركوا في بناء مستقبل بلادكم، ادعموا الديموقراطية، مارسوها.. فهي مكتسب أصيل من مكتسبات الثورة فلا تضيعوه». وأضاف: «أعلم أن القرار لن يكون سهلاً للملايين من المواطنين ولكني أثق أن كل مواطن سيتخذ قراره في ضوء ما يمليه عليه ضميره أياً كان الرأي الذي سيعبر عنه حتى تكون النتيجة وفقاً لإرادة مصرية جماعية». وحض موسى الشعب على الذهاب إلى صناديق الاقتراع من أجل «جمهورية ديموقراطية ودولة مدنية تقوم على احترام القانون وحقوق الإنسان وتمنع ممارسات القهر والفساد وتزوير إرادة الشعب، ومن أجل دولة تقوم على احترام مبادئ الدستور ونصوصه باعتباره المرجعية الوحيدة لمصر المستقبل».