استعرت حرب الأعصاب في مصر بعد إعلان اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية مساء أول من أمس إرجاء الإعلان الرسمي للنتيجة التي أظهرت مؤشراتها الأولية تقدم مرشح «الإخوان المسلمين» محمد مرسي على المرشح المحسوب على المجلس العسكري الحاكم الفريق أحمد شفيق، وسط إصرار كليهما على أنه الفائز. وزاد من ارتباك المشهد تحديد القضاء الإداري الثلثاء المقبل موعداً للنظر في دعوى قضائية تطالب بوقف إعلان نتيجة جولة الإعادة في انتخابات الرئاسة. ويفترض أن تعلن حكومة كمال الجنزوري خلال ساعات استقالتها، فيما شدد مسؤول عسكري ل «الحياة» على ضرورة «تقبل الجميع للنتائج من دون الدخول في صراعات». وأكد أن «المؤسسة العسكرية ملتزمة التعاون مع الرئيس المنتخب، أياً كان اسمه من أجل مصلحة الوطن، ونطالب الجميع بتغليب مصلحة مصر العليا والعمل على توحيد الصف بدل إثارة القلاقل في الشارع». وأشار إلى أن «كل أجهزة الدولة على يقظة تامة لتحقيق أقصى درجات الأمن والتأمين للمواطن ولكل منشآت الدولة إزاء أية تهديدات، تحسباً لردود فعل غاضبة من أي من طرفي المنافسة عقب إعلان النتائج». وقال إن «إجراءات تأمينية مشددة تقرر اتخاذها على كل المداخل والمحاور والطرق المؤدية إلى القاهرة الكبرى (القاهرة والجيزة والقليوبية) لتأمين المنشآت الحيوية بالتعاون مع وزارة الداخلية، تحسباً لأي أعمال شغب». ولوح ب «فرض حظر التجوال في حال تطلب الأمر ذلك من اجل الحفاظ على حياة المواطنين في الشارع». وكانت اللجنة المشرفة على الانتخابات عزت إرجاء إعلان النتائج إلى «الحاجة إلى مزيد من الوقت للنظر في الطعون التي تقدم بها كلا المتنافسين ووصلت إلى 440 طعناً». وقال الأمين العام للجنة القاضي حاتم بجاتو إن «اللجنة تقوم بفحص الطعون للإعلان عن النتيجة إما السبت أو الأحد المقبل»، مشيراً إلى أن «ما يتم ترديده عن فوز مرشح أو خسارة آخر غير صحيح، والأرقام التي يتم إعلانها لا يعتد بها، فاللجنة الرئاسية هي الوحيدة المنوط بها إعلان النتائج بعد الطعون». وقال عضو الأمانة العامة للجنة القاضي عمر سلامة إن «اللجنة أرسلت إلى المحاكم الابتدائية لطلب بعض أحراز جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية في عدد من المحافظات، في ضوء عملية فحص الطعون المقدمة من المرشحين، وما تضمنته من وقائع كانت محلاً للطعن»، موضحاً إن الأحراز التي أرسلت اللجنة في طلبها «تتضمن كل الأوراق الانتخابية في اللجان العامة والفرعية في كل محافظة من المحافظات التي وردت من الوقائع المتعلقة بها في صحف الطعن المقدمة من المرشحين». وأشار إلى أن «عملية فحص الطعون تجري بالتوازي مع عملية احتساب أصوات الناخبين وتجميعها وصولاً للأعداد الختامية لأصوات الناخبين التي حصل عليها كل مرشح في جولة الإعادة». وقالت اللجنة في بيان مساء أول من أمس إنها «ستستمر في النظر في طعون المرشحين واستكمال فحصها مع ما يستلزمه ذلك من الإطلاع على بعض المحاضر والكشوف المتعلقة بالعملية الانتخابية، وهو ما يتطلب مزيداً من الوقت قبل إعلان النتيجة النهائية». ولم تحدد في بيانها موعداً نهائياً لإعلان النتيجة، غير أنها ربطت بوضوح إعلان النتيجة بالانتهاء من فحص الطعون والفصل فيها. وعرضت اللجنة في بيانها الطعون التي قدمت إليها، مشيرة إلى أنها تزيد على 400 طعن، ومنها ما قدم حتى منتصف ليل الخميس. وأشارت إلى أنها «استمعت على مدى خمس ساعات لمرافعات محاميي الطرفين، وتركزت الطعون على ما أبداه المرشحان من اعتراضات على وقائع شابت العملية الانتخابية من وجهتي نظريهما، وأهمها وجود عدد ليس بالقليل من بطاقات الاقتراع في الصناديق تزيد أو تقل عن عدد الناخبين الحاضرين في اللجان بحسب الثابت بالتوقيعات على كشوف الناخبين، وما تردد عن تصويت بعض المتوفين، وتكرار التصويت من بعض الناخبين، وتوجيه بعض موظفي اللجان للناخبين لمصلحة مرشح بعينه والتأشير منهم في بطاقات الاقتراع لمرشح، وهو ما ثبت بمحاضر وبلاغات متعددة». وأضافت أن ممثل شفيق «أبدى شكوكاً كثيفة في شأن العملية الانتخابية في 14 محافظة، نظراً إلى العبث بالعديد من بطاقات الاقتراع والتأشير عليها لمصلحة المرشح المنافس، عقب طباعتها في المطابع الأميرية، وقبل الوصول إلى القضاة المشرفين على اللجان الفرعية». وقال المستشار القانوني لمرشح الإخوان المحامي عبدالمنعم عبدالمقصود: «تقدمنا أمس بطلب جديد إلى اللجنة العليا للرئاسة، لتمكيننا من الاطلاع على الطعون التي تقدم بها الفريق شفيق»، مؤكداً أن عدم تمكينهم من الاطلاع على الطعون التي تقدم بها شفيق «يخالف القانون لأن الطعن هو خصومة والخصومة مواجهة، وحتى تتحقق لابد من وجود جميع الأطراف، ومن حق الطرفين الإطلاع على طعون الآخر وإبداء الملاحظات عليها». وأمام حال الاحتقان والترقب التي يعيشها المصريون، اعتبر المعارض البارز محمد البرادعي أنه «مطلوب فوراً لجنة وساطة لإيجاد مخرج سياسي وقانوني من الأزمة». ونبه إلى أن «مصر على وشك الانفجار»، داعياً إلى جعل «مصلحة الوطن فوق المصالح الضيقة». وقطع عمال هيئة المطابع الأميرية طريق كورنيش النيل أمام مقر الهيئة في القاهرة، اعتراضاً على اتهامهم بتسويد بطاقات التصويت خلال الانتخابات الرئاسية لمصلحة مرسي، وهو الاتهام الذي تحقق فيه النيابة العامة حالياً. وطالبوا باعتذار رسمي من اللجنة العليا للانتخابات، مؤكدين أن المطابع الأميرية «كبش فداء لمطابع الجيش والداخلية التي قامت بمشاركتها في طبع بطاقات التصويت للمرة الأولى منذ عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر». وردد العمال هتافات: «لا شفيق ولا مرسي، احنا مالنا ومال الكرسي»، و «المطبعة بريئة، هي دي الحقيقة»، و «الداخلية بتسلم وتزور»، «يا بجاتو قُل لعنان التزوير من اللجان».