نزل زعماء تحالف المعارضة السودانية إلى شارع في أم درمان ثاني أكبر مدن العاصمة الخرطوم أمس للمبادرة بأول وقفة احتجاجية ضد الأزمة الاقتصادية والحروب المشتعلة في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، واصطفوا لنحو نصف ساعة أمام مقر حزب معارض وأعلنوا تأسيس مرحلة جديدة وطرح «بديل ديموقراطي» لنظام الرئيس عمر البشير. وعقب تنظيم الوقفة الاحتجاجية أعلن رئيس هيئة «قوى الإجماع الوطني» فاروق أبو عيسى في مؤتمر صحافي أن اجتماع رؤساء الأحزاب المعارضة ناقش مرحلة ما بعد الحكومة الحالية واتفقوا على تشكيل حكومة انتقالية تستمر ثلاث سنوات وفق برنامج يستوعب كل القوى السياسية تحت مسمى «البديل الديموقراطي». ومن المرجح أن يوقّع رؤساء أحزاب التحالف المعارض على وثيقتي إعلان دستوري وبديل ديموقراطي في 26 حزيران (يونيو) الجاري، بحسب رئيس هيئة التحالف فاروق أبو عيسى. وقال الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي حسن الترابي إن تمزق الأقاليم والحرب والفاقة وكبت الحريات بلغ الذروة ما يستدعي إنهاء حكم الحزب الحاكم كي تنتقل البلاد إلى مرحلة إقامة حكم ديموقراطي راشد بالاتفاق مع القوى الحديثة والصاعدة والتقليدية وقوى الهامش. وذكر أن «الأزمة الاقتصادية تشتد وطأتها لا فرق بين الطبقات ويجب التخطيط لما وراء هذا النظام ويجب منع الفوضى لنقفز من نظام كريه إلى نظام طيب غير فاسد وأعتقد أن المستقبل ممهد لتحقيق ذلك». وكشف الترابي أن اجتماع زعماء المعارضة ناقش إعداد العدة لما بعد الإطاحة بالنظام الحاكم تفادياً للفوضى عقب التخلص من نظام البشير، مؤكداً اعتزامهم تلافي السقوط في المزالق التي وقعت فيها دول ثورات الربيع العربي أخيراً، مشيراً إلى أن الشعب السوداني أسقط «نظامين مستبدين»، في تلميح إلى نظامي الرئيسين الراحلين إبراهيم عبود في 1964 وجعفر نميري في 1985. وأعلن زعيم الحزب الشيوعي محمد مختار الخطيب الذي تولى مهماته الأسبوع الماضي خلفاً لزعيم الحزب الراحل محمد إبراهيم نقد، أن المعارضة قررت تخليص الشعب من قبضة النظام الحاكم بعدما فشل في إدارة البلاد وأوصل شعبه إلى مرحلة الإغاثة بحيث أصبح السودانيون تحت الوصاية الدولية. وزاد: «لا بديل سوى إسقاط هذا النظام وتبني خطوات عملية لتحقيق ذلك». أما رئيس حزب المؤتمر السوداني إبراهيم الشيخ فقال: «آن الأوان لتغيير هذا النظام حتى ننتشل السودانيين من الفقر والعوز إلى الرخاء والإنتاج». من جهة أخرى، قال رئيس دولة جنوب السودان سلفاكير ميارديت إن الحكومة السودانية ليست راغبة في التوصل إلى حل لقضية الحدود بين الدولتين عبر الحوار وإنها تريد أن تحتل أراضي الجنوب، داعياً إلى تحكيم دولي حول المناطق المتنازع عليها بين الدولتين. وأوضح سلفاكير مخاطباً برلمان بلاده، أول من أمس، أن حكومته طرحت اقتراحاً على الوساطة الأفريقية بين الخرطوموجوبا ومجلس الأمن بإحالة قضية الحدود والمناطق المتنازع عليها على تحكيم دولي للبت فيها. وأضاف أن بلاده ملتزمة بحدود «واضحة» مع السودان ترتكز على الحقائق التاريخية والقانونية، وشدد على أن جوبا لن تتنازل عن منطقة هجليج النفطية. وتابع: «لن نتخلى كذلك عن أحقيتنا في المناطق المتنازع عليها مع السودان». لكن مساعد الرئيس السوداني نافع علي نافع اتهم حكومة الجنوب بالعمل على إطالة أمد المفاوضات بين البلدين في إطار حربها الاقتصادية على الخرطوم، كما اتهمها بالسعي إلى عرقلة سير التفاوض وتجاوز القضايا العالقة من أجل تهديد استقرار السودان. وقال نافع إن السودان يواجه حرباً مباشرة واقتصادية لأنه يمضي قدماً في التنمية على رغم العثرات والعرقلة من بعض الجهات الدولية، مشيراً إلى أن جوبا رفعت سقف مطالبها لإفشال جولة المحادثات الأخيرة. من جهة أخرى، علّقت السلطات السودانية أمس صدور صحيفة «التيار» اليومية المستقلة إلى أجل غير مسمى، وقال رئيس تحرير الصحيفة عثمان ميرغني إن مسؤولاً في جهاز الأمن أبلغه ليل الاثنين الثلثاء تعليق صدور صحيفته حتى إشعار آخر، من دون أن يحدد أسباباً لذلك. كما قال رئيس تحرير صحيفة «الأهرام اليوم» المستقلة عبدالماجد عبدالحميد إن السلطات صادرت عدد أمس من صحيفته بعد طباعتها من دون تحديد أي سبب، لكن يعتقد أن الصحيفة خالفت أوامر من السلطات بعدم نشر أي أحاديث مع قيادات المعارضة المسلحة والمسؤولين في حكومة جنوب السودان. وكانت الصحيفة نشرت أول من أمس حواراً مع كبير مفاوضي جنوب السودان باقان أموم.