اعتبر حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان أمس ما نُقل عن رئيس حكومة إقليمالجنوب الذي يتمتع بحكم ذاتي سلفاكير ميارديت في شأن دعوته الجنوبيين إلى التصويت لمصلحة استقلال الجنوب خلال الاستفتاء المقبل «نكوصاً عن اتفاق السلام»، معرباً عن قلقه أن يكون ذلك تغليباً لخيار «الانفصاليين» في «الحركة الشعبية لتحرير السودان» التي يتزعمها. وعلمت «الحياة» أن موقف سلفاكير الذي بدا مفاجئاً للحزب الحاكم، أثار قلق ديبلوماسيين عرب في الخرطوموالقاهرة التي زارها الأسبوع الماضي وتلقت منه تطمينات بالعمل من أجل بقاء السودان موحداً. وقال مسؤول رئاسي في الخرطوم ل «الحياة» إن الموقف المنسوب إلى سلفاكير ومقاطعة وزراء «الحركة الشعبية» جلسة مجلس الوزراء التي كُرّست لمناقشة الموازنة المالية الجديدة، واستمرار مقاطعة نواب «الحركة» جلسات البرلمان للأسبوع الثاني، إنما هي خطوات متلاحقة لممارسة مزيد من الضغوط على الحزب الحاكم لتقديم تنازلات في شأن قانوني الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب والأمن الوطني. ولم يستبعد أن «أصابع خارجية» تدفع البلاد إلى مزيد من التأزم والتوتر لتعطيل الانتخابات التي بدأ تسجيل الناخبين لها أمس. وقال القيادي في حزب المؤتمر الوطني محمد مندور المهدي في مؤتمر صحافي أمس إن دعوة سلفاكير الجنوبيين الى التصويت لمصلحة استقلال الجنوب خلال الاستفتاء «نكوص عن اتفاق السلام والعهد والميثاق»، ورأى أن ذلك لا يليق بنائب الرئيس، معرباً عن أمله في أن يكون «حديثاً عابراً» و «ليس تغليباً لخيار الانفصاليين في داخل (الحركة الشعبية) الذين ظلوا يسعون الى الفرقة والشتات بين طرفي السلام وأن لا يكون سلفاكير جزء من مجموعة ضغط تسعى الى فصل جنوب السودان». وفي الشأن ذاته، دعا المبعوث الرئاسي الأميركي الى السودان سكوت غرايشن الجنوبيين الى التعبير عن إرادتهم خلال الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب من دون أن يحدد أي خيار، بحسب كلمته التي وزعتها السفارة الأميركية في الخرطوم. وقال غرايشن في «يوم القديسين» في كاتدرائية جوبا عاصمة الجنوب أمس: «كما قال رئيسكم، نلحّ عليكم أن تصوتوا لتعبّروا عن إرادتكم، وتفعلوا ذلك بسلام ومن أجل السلام». وكان سلفاكير دعا، الجنوبيين الى التصويت لمصلحة استقلال الجنوب خلال الاستفتاء المقبل، معتبراً أن بقاء السودان موحداً سيجعل من الجنوبيين «مواطنين من الدرجة الثانية». وانخرط غرايشن فور وصوله الى جوبا، عاصمة الجنوب، في اجتماعات منفصلة مع رئيس حكومة الإقليم سلفاكير، ونائبه رياك مشار، وقيادات «الحركة الشعبية لتحرير السودان»، لمناقشة القضايا العالقة في تنفيذ اتفاق السلام وتسريع عملية السلام في دارفور. في غضون ذلك، بدأ أمس تسجيل الناخبين في ولايات السودان وسفاراته في الخارج استعداداً للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة العام المقبل. وقال عضو مفوضية الانتخابات مختار الأصم إن التسجيل سيستمر حتى نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري. وتوقع تسجيل نحو عشرين مليون مواطن مؤهل للإدلاء بصوته، بحسب شروط الانتخابات المقبلة التي تحدد أن يكون عمر من يحق له الاقتراع 18 سنة وما فوق. وأكد أن مراكز التسجيل بدأت عملها في كافة مناطق دارفور وجنوب السودان، وقال إن منطقة حلايب الحدودية المتنازع عليها بين السودان ومصر شهدت هي الأخرى فتح مراكز التسجيل، مشيراً إلى أن المفوضية تعمل بكل جهدها لإشراك جميع السودانيين في كافة مراحل عملية الانتخابات. وناقش الرئيس عمر البشير مع وزير الداخلية إبراهيم محمود حامد إجراءات تأمين العملية الانتخابية، وأكد البشير دعمه للانتخابات حتى يتمكن كل مواطن من ممارسة حقه الدستوري في التسجيل. وكان تحالف القوى السياسية المعارض اتهم حزب المؤتمر الوطني الحاكم بالهيمنة على عملية تسجيل الناخبين. وقال الناطق باسم التحالف فاروق أبو عيسى في مؤتمر صحافي ليل السبت إن أكثر من 60 في المئة من ضباط التسجيل ينتمون إلى حزب المؤتمر الوطني «وهو ما لا يوفر أجواء مناسبة لانتخابات حرة ونزيهة». وطالب بتمديد فترة التسجبل لشهر آخر. ويبلغ عدد سكان السودان 39 مليون نسمة بحسب آخر إحصاء سكاني. وستكون الانتخابات التشريعية والرئاسية والبلدية التي ستجرى في نيسان (أبريل) 2010 أول انتخابات تعددية منذ 1986 في السودان الذي يحكمه منذ 1989 الرئيس البشير. وستكون الانتخابات أيضاً الخامسة منذ استقلال البلاد عام 1956. وفي القاهرة (الحياة)، تلقى الرئيس المصري حسني مبارك أمس رسالة خطية من الرئيس السوداني عمر البشير تتعلق بالقضايا الثنائية وتطورات الوضع في السودان والقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. وسلّم الرسالة مستشار الرئيس السوداني الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل الذي شكك عقب المقابلة في دقة تصريحات منسوبة إلى نائب الرئيس السوداني سلفاكير في شأن تفضيل الجنوبيين خيار الانفصال عن الشمال، مشيراً إلى أن سلفاكير كان في زيارة إلى منطقة كردفان والنيل الأزرق قبل أسبوعين وأكد في تصريحاته على وحدة السودان. ودعا إسماعيل إلى الدفع في اتجاه المواقف الداعمة للوحدة، وعدم إتاحة مجال كبير للتلميحات التي لا تصب في مصلحة وحدة السودان. وقال: «إن من الضروري أن نستوثق مما ورد في تصريح سلفاكير الأخير»، مؤكداً أن مواقف الأخير تؤكد أنه مع الوحدة. وأوضح: «إن الشمال يشعر بالمرارة من استمرار العقوبات الدولية على شمال السودان واستثناء الجنوب منها».