أ ف ب - نوّهت الحكومة الأسبانية ب «انتصار صدقية اليورو»، بعد حصول مدريد على مساعدة من منطقة اليورو بقيمة 100 بليون يورو حداً أقصى، لإنقاذ قطاعها المصرفي. وكانت مدريد وافقت على خطة الإنقاذ بعد تردد طويل في طلب مساعدة تُخصص لمصارفها، ما يمنحها القدرة على تنفّس الصعداء، على أن يبقى اقتصادها تحت المراقبة الوثيقة. وأشاد رئيس الحكومة الإسبانية ماريانو راخوي أمس، بالإصلاحات التي نفّذتها حكومته ومكّنت من تفادي «تدخل خارجي» لإنقاذ اقتصاد البلاد، ما أدى إلى اقتصار طلب الدعم الأوروبي على قطاعها المصرفي. وقال في مؤتمر صحافي: «لو لم نفعل ما فعلناه في الشهور الخمسة الأخيرة لكان ما حصل أمس تدخلاً بالنسبة إلى إسبانيا». ونوّه ب «انتصار صدقية اليورو» في قرار وزراء مال منطقة اليورو ال17 ،الذين قرروا أول من أمس منح بلاده قرضاً يصل إلى مئة بليون يورو حداً أقصى لمساعدة مصارفها. وتهدف خطة الإنقاذ إلى تنظيف المصارف الإسبانية، التي اختنقت بسبب تعرضها لأزمة القطاع العقاري، إذ بلغ حجم قروضها التي تثير مشاكل خصوصاً تلك الهالكة، 184 بليون يورو نهاية عام 2011. وأوضح وزير المال لويس غيندوس، أن «الشروط ستفرض على المصارف لا على المجتمع الإسباني». ونجحت الحكومة في تفادي أكثر ما كانت تخشاه، وهو خطة مساعدة شاملة لاقتصادها كانت ستستدعي في المقابل خطة تقشف جديدة في وقت تتحمل فيه تضحيات كبيرة. وعنونت صحيفة الموندو (يمين وسط) «إنقاذ من دون إهانة». لكن الأمور ليست بهذه البساطة، فإذا كانت إسبانيا ضمنت دعم أوروبا وتفادت حتى الآن خطة إنقاذ أوسع، فهي باتت تحت العين الساهرة لبروكسيل ولم يعد مسموحاً لها الخطأ ولو مرة واحدة. وسيكون الأمر دقيقاً جداً في وقت تحاول مدريد التي عادت إلى الانكماش، خفض عجزها العام من 8.9 في المئة من الناتج المحلي عام 2011 إلى 5.3 في المئة، للسيطرة على الخلل في الموازنة في مناطقها ال17 ذات الحكم الذاتي، وخفض نسبة البطالة التي تطاول 24.44 في المئة من قوة العمل الفعلية. إنقاذ سطحي وتجميلي وأوضح الخبير الاقتصادي شارل ديبل، أن هذه الآلية «تمثل مفهوماً جديداً هو الإنقاذ «المخفف» من دون شروط مالية بالنسبة إلى الديون، ويقتصر فقط على المصارف التي تطلبه». وسأل: «لكن هل سيكون كافياً؟». ورأت صحيفة «الموندو»، أن «الإنقاذ سطحي وتجميلي جزئياً، حتى لو بدا الأمر نجاحاً لأنه لا يشتمل على شروط إضافية». وذكّرت بتأكيد مجموعة اليورو، «احترام أهداف مقاومة العجز والاستمرار في الإصلاحات الهيكلية، وبينها زيادة الضريبة على القيمة المضافة»، وهو أمر ترفضه مدريد وسوق العمل ومعاشات التقاعد. واعتبرت أنها «في النهاية خطوة إضافية في سياق استمرار فقدان السيادة» في وقت تعتبر إسبانيا أصلاً تحت المراقبة الوثيقة للاتحاد الأوروبي منذ سنتين. يذكر أن منطقة اليورو اعلنت مساء أول من أمس اثر اجتماع، استعدادها «للرد إيجاباً على طلب مساعدة» إسبانيا لدعم قطاعها المصرفي وإقراضها حتى مئة بليون يورو. وأشارت المجموعة في بيان، إلى أنها تبلغت ب «تقدم السلطات الإسبانية بطلب رسمي سريع جداً». وأوضحت أن «القرض سيقدم في شكل يؤمن حماية فاعلة تغطي كل حاجات إعادة رسملة المصارف»، والتي ستحددها مكاتب محاسبة خارجية وصندوق النقد الدولي. وأكد غيندوس، أن «30 في المئة من المصارف التي تعاني مشاكل أكثر من غيرها ستستفيد من هذه المساعدة». وتنتظر مدريد نتائج الدراسة التي تعدّها شركتا المحاسبة الألمانية «رولان بيرجيه» والأميركية «أوليفييه ويمان»، والتي ستسلّم في 21 من هذا الشهر. وفي المواقف من قبول إسبانيا خطة مساعدة مصارفها، أكد وزير المال الألماني فولفغانغ شيوبله، أن الاتفاق مع إسبانيا «خطوة صائبة على الطريق الصحيحة». ورحب وزير الخزانة الأميركي تيموثي غايتنر في بيان، ب «القرارات التي اتخذتها إسبانيا لإعادة رسملة نظامها المصرفي، وبالتزام شركاء إسبانيا الأوروبيين تقديم المساعدة لها». واعتبر وزير المال الفرنسي بيار موسكوفيسي، أن الاتفاق «جيد ويحمل إشارة تضامن قوية»، لافتاً إلى أنه «شدد على أن تكون شروط الاتفاق محصورة بالقطاع المصرفي ولا تتضمن سياسة تقشف». وفي موقف من تأثيرات أزمة الديون على الاقتصاد البريطاني، أعلن وزير المال البريطاني جورج اوزبورن، أن «الانتعاش الاقتصادي البريطاني تلاشى» بسبب الأزمة في منطقة اليورو. ودعا في مقال نشرته صحيفة «صنداي تلغراف»، إلى «إيجاد حل ملائم للضائقة الاقتصادية في المنطقة، بهدف تفعيل الانتعاش الاقتصادي البريطاني».