عدّل التحالف الحكومي الألماني أخيراً الشروط المتشددة التي كانت تحدد استقدام القوى العاملة المؤهلة من الخارج بعد اقتناع المسؤولين بسلبية تلك الإجراءات على الاقتصاد. وتزايدت الضغوط على الحكومة الألمانية في الفترة الأخيرة من جانب الشركات التي تعاني نقصاً كبيراً في الكفاءات التقنية والعلمية. واتفق ممثلو التحالف الحكومي أواخر آذار (مارس) الماضي على خفض الراتب السنوي الأدنى المطلوب توافره كشرط للسماح للراغبين من الكفاءات الأجنبية بالإقامة في البلد والعمل فيه من 66 ألف يورو إلى 44800 يورو. كما اتفقوا على خفض المعاش الأدنى المطلوب للمهندسين والمعلوماتيين والأطباء إلى 34200 يورو. ورأى مراقبون أن هذا الخفض جيد ويسمح بتوفير أرضية جاذبة أكثر للقوى المؤهلة الأجنبية. وحاولت الشركات الصناعية الألمانية والمؤسسات الصحية حضّ الحكومة منذ سنوات على التخفيف من شروط هجرة الكفاءات إلى البلاد، والنظر بجدّية إلى النقص الحاصل بسبب هجرة الكفاءات الألمانية إلى الخارج من جهة، وتراجع معدل الولادات من جهة أخرى. وبعد أن فتحت ألمانيا حدودها أمام اليد العاملة الأوروبية الشرقية والجنوبية ابتداء من أول أيار (مايو) 2011، تبين للمسؤولين أن الخطوة جاءت متأخرة جداً، وأن «الهجمة» على سوق العمل الألمانية التي كان يُخشى منها لم تحصل. ومع ذلك، لم تنجح الأعداد الكبيرة من العمال الآتين من هذه البلدان في سد النقص الكبير والمتزايد في القوى المؤهلة المطلوبة. وأمام هذه الوقائع قررت الحكومة فتح باب الهجرة أكثر أمام قوى عاملة من دول غير أوروبية أيضاً، بصرف النظر عن مؤهلاتها. وسيحصل هؤلاء على حق إقامة لمدة ستة أشهر في البلد لإيجاد عمل يسمح لهم بالبقاء فيها. وأشار اتحاد الشركات الألمانية المتوسطة والصغيرة في استطلاع أن نحو 33 في المئة من هذه الشركات تخطط لتشغيل عاملين إضافيين فيها، وأن 90 في المئة منها يعانون من مصاعب نقص في المؤهلات. ولتشجيع اندماج الوافدين اتفق التحالف الحكومي على دعم كل من يتحدث الألمانية من المهاجرين من خلال تسهيل حصوله على إقامة دائمة في البلاد بعد مرور سنتين على وجوده. كما تقرر تمديد إقامة الطلاب الأجانب المتخرجين إلى 18 شهراً بدلاً من 12 شهراً للبحث عن عمل لهم. وسيسمح للطلاب الأجانب بالعمل خلال فترة دراستهم لمدة أربعة أشهر في السنة بدلاً من ثلاثة.