في برنامج «بموضوعية» الذي تبثه قناة «أم تي في» اللبنانية، وصف الوزير اللبناني السابق وئام وهاب مقال «أضعف الإيمان» عن التوطين بأنه جزء من الأطروحات الصهيونية والمشروع الأميركي لتسويغ التوطين، وحاول زجه في صراعات اللبنانيين الطائفية، على رغم انه يعرف ان السنة السياسية في لبنان لا تقل تمييزاً ضد الفلسطينيين عن بقية الطوائف اللبنانية. ولهذا سأتجاوز هذه المسألة لأنها لا تعنيني. ان الحماسة للتوطين ليست رفضاً لحق العودة، بل رفض للمعاملة غير الإنسانية للفلسطينيين في «دول المخيمات»، وأولها لبنان الذي منع الفلسطينيين من العمل في 72 مهنة، لحرمانهم من العيش الكريم، على رغم ان سجل المهن في دول المريخ لا يصل الى هذا العدد، فضلاً عن حجرهم في مخيمات لا تليق بالبشر. وطالما ان «دول المخيمات» التي، كانت ولا تزال، تسمى «دول الطوق»، أصبحت تحمي حدود إسرائيل، بالاتفاقات تارة، والكهانة السياسية تارة أخرى، فليس من العدل الاستمرار في فرض حال الحرب على الفلسطينيين والتنكيل بهم تحت ذريعة محاربة التوطين وحق العودة. لا شك في أن الذين يرفعون «شعار» حق العودة تنازلوا عن الوسائل السياسية والعسكرية لتحقيقه، وأصبح تمسكهم برفض التوطين مجرد شعار للتخلص من الوجود الفلسطيني، بصرف النظر عن النتائج المترتبة على هذا التخلص، فضلاً عن منع المواطن الفلسطيني من ممارسة حقوقه الإنسانية والاجتماعية، وكأن تشجيع الفلسطينيين على التفكير بحق العودة والتمسك به يتطلب الاستمرار في «اعتقالهم» وعزلهم في مخيمات اليأس والبؤس. التوطين الذي ننادي به هو ان يعيش الفلسطيني في «دول الحبل» الخانق للفلسطينيين، مثلما يعيش في بريطانيا وأميركا والسعودية ودول الخليج، يعمل ويطمح ويحلم، ويربي أولاده بطريقة تتيح لهم مواجهة الصراع بشروطه الجديدة. هل يعلم بعض المناضلين في لبنان والأردن وسورية، ان رئيس اكبر بنك في الكويت فلسطيني، وأن الملحق الإعلامي في سفارة الكويت في أميركا فلسطيني، وأصبح الآن رئيس الجامعة الأميركية؟ هل يعرف أن الفلسطيني في السعودية والإمارات وقطر والبحرين وعمان يقود شركات كبرى، ويعيش ضيفاً عزيزاً؟ هل أثر التعامل الأخلاقي مع هؤلاء في استمرار حيوية حق العودة في وجدانهم؟ كفوا عن الشعارات، لا تزاودوا علينا والفلسطينيين.