جدّد وزراء إسرائيليون التهديد بمواصلة الحرب على قطاع غزة «بحسب ما تقتضيه الضرورة» معتبرين كل الخيارات بما فيها توسيع نطاق الحرب أو احتلال القطاع «مطروحة على الطاولة»، فيما أشار كبار المعلقين إلى أن إسرائيل تبحث عن سلّم يقودها لوقف النار خشية تكبد جنودها خسائر فادحة في الأرواح، في أعقاب مقتل 13 من لواء «جولاني» النخبوي في حي الشجاعية ما تسبب في تبدّل المزاج العام في إسرائيل مع نشر وسائل الإعلام صور الجنود القتلى، فحلّ المزاج العكر محلّ نشوة ضرب القطاع. وقال رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو في اختتام جولة له جنوب إسرائيل إن «الجيش يواصل تقدمه ميدانياً وفقاً للخطط التي وضعناها، وأنه سيستمر في ذلك حتى نحقق الهدوء لفترة طويلة». وأضاف أن «الانجازات الواضحة على الأرض والعملية التي نقوم بها لتدمير الأنفاق تفوق توقعاتنا». وذكر وزير الدفاع موشيه يعالون إن الجيش نجح في «إبطال مفعول السلاح الصاروخي» لحركة «حماس» التي توقعت أن يكون «سلاح يوم الدين» لكن خاب أملها بفضل منظومة «القبة الحديد». وأضاف أن الجيش يركز عملياته الآن في تدمير الأنفاق التفجيرية «التي باتت التهديد الجدي الأكبر». وشدد على أن الجيش مستعد لمواصلة عملياته طالما طُلب منه ذلك، وأن هناك ألوية احتياط لم تشغَّل بعد وهي جاهزة للمشاركة في العمليات، «وإذا اقتضت الضرورة سنقوم بتجنيد المزيد من جنود الاحتياط حتى نكمل المهمة ونحقق الهدوء في أنحاء إسرائيل». وأعلنت وزيرة القضاء تسيبي ليفني أن المجتمع الدولي كله، بما فيه السلطة الفلسطينية، لا يزال يدعم المبادرة المصرية لوقف النار، «لكن إذا واصلت حماس عملياتها فإننا سندرس كل الاحتمالات المطروحة أمامنا». ولا تزال الأوساط السياسية والأمنية تركّز في تصريحاتها على «خطر الأنفاق» لتبرير القصف المتواصل والاجتياح البري، وتتضارب التقارير عن عدد هذه الأنفاق، علماً بأن جميع وسائل الإعلام المحلية والأجنبية تتغذى من بيانات الجيش الإسرائيلي فقط في هذه المسألة وكل ما يتعلق بالعمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش. في هذا السياق لم يعقب الجيش على إعلان «حماس» أسر جندي إسرائيلي. واكتفت «يديعوت احرونوت» بعنوان من دون تفاصيل جاء فيه «حماس تتبجح: خطفنا جندياً. الجيش: نشكّك لكننا نفحص». من جهته نفى السفير الإسرائيلي في الأممالمتحدة رون بروسؤور الخبر. وبدا كأن الإسرائيليين لا يحسبون أن الحرب مستمرة منذ 14 يوماً مع ضحاياها من الفلسطينيين، إنما فقط منذ أربعة أيام وبدء الاجتياح البري مساء الخميس الماضي ومقتل 18 جندياً حتى أمس (بحسب اعتراف الجيش). وطغى حادث مقتل جنود من لواء «جولاني»، مصدر فخر سلاح المشاة، على عناوين الصحف وتعليقات محلليها. وكتب كبير معلقي «يديعوت أحرونوت» ناحوم برنياع أن الجنود القتلى «خلّفوا انقباضاً ثقيلاً في الصدر شطبَ خلال لحظة واحدة الانتشاء من الأيام الأولى من العملية العسكرية». وأضاف أن ما حصل في الشجاعية مماثل لما حصل في عمليات سابقة «التي تبدأ بمشاعر انتشاء ثم تتحول غمّاً». وأردف أن كل الذين طالبوا الحكومة ب «دك الفلسطينيين دكاً يدركون اليوم أن الدكّ يكلّف ثمناً». وزاد أن الوزراء يدركون بحكم تجربتهم ان «النشوة مع بدء العملية والقلق من مقتل الجنود يهيئان لغضب الغد. هذا ما في العمليات العسكرية الأخيرة ولا شيء يحصّن الجرف الصامد من مصير مماثل». وتابع أنه في نهاية الأمر تقف كل الحكومات «أمام معضلة ذلك الرجل الذي وعد بالصعود على سطح السيرك ليقفز منه، وبعد ان صعد بقي هناك، فناداه الجمهور: اقفز اقفز، فردّ عليهم: لا مكان للحديث عن القفز. السؤال هو كيف ينزلون من هنا». ورأى المعلق أن تصريح يعالون أن الجيش «سينهي تدمير الأنفاق خلال يومين أو ثلاثة» يرمز إلى نيته تحديد موعد نهائي للعملية، «وينمّ عن قول إسرائيلي صريح بأن الحكومة الإسرائيلية تخشى التورط في غزة، وهي تريد الخروج بأسرع ما يمكن. لكن في الوقت الراهن حماس هي التي تقرر متى وكيف تنتهي العملية». من جهته بدأ المعلق العسكري في صحيفة «هآرتس» عاموس هارئيل طرح أسئلة حول «عيوب تقشعر لها الأبدان في عملية الجيش»، منها استخدامه ناقلة جنود قديمة استخدمها الجيش الأميركي في الحرب في فيتنام «كانت سبباً في مقتل الجنود التي على متنها». وأضاف أن ثمة خللاً أيضاً في عدم الجهوزية للقيام بعملية برية، مشيراً إلى أن الجيش لم يشارك في عملية برية منذ سنوات طويلة، خصوصاً في قطاع غزة، «فضلاً عن التآكل في مستوى التدريبات في السنة الأخيرة». وفي الناصرة، كبرى المدن الفلسطينية في أراضي 1948، تظاهر الآلاف احتجاجاً على الحرب العدوانية وهتفوا ورفعوا شعارات تندد بسياسة الحكومة وصور أطفال غزيّين راحوا ضحية المجازر. وعمّ الإضراب البلدات العربية بقرار من «لجنة المتابعة العليا» ما أغاظ وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان الذي دعا في صفحته على «الفايسبوك» اليهود إلى مقاطعة كل المحلات العربية التي شاركت في الإضراب.