على رغم أن الجهد الذي بذلته وسائل الإعلام، خصوصاً التلفزيون، كان لافتاً ومبهراً قبل الانتخابات الرئاسية المصرية وخلالها، غير أن التغطية لم تخلُ من التحيز وعدم احترام فترة الصمت الانتخابي، وعدم التزام بعض الإعلاميين والصحافيين بالمهنية. وفي تقريرها، أشارت «لجنة متابعة ورصد وتقويم الدعاية الإعلامية والإعلانية بالانتخابات الرئاسية»، تحيز بعض الإعلاميين ومقدمي البرامج إلى مرشحين بعينهم، ما شكل دعاية مضادة، فضلاً عن اختراقات واضحة لفترة الصمت الانتخابي. وأوضح التقرير أن بعض الفضائيات اهتمّ بالدور الدعائي لمرشحي الرئاسة، فيما أغفل واجب توعية الناخبين. وظهر نوع من الازدواجية والتداخل في الأدوار، فبعض الإعلاميين يشارك في المجموعة التي تقوم بالتخطيط والتنفيذ للحملات الإعلامية والإعلانية لأحد المرشحين، وفي الوقت ذاته يتابع عمله الإعلامي، ما يطرح قضية التقنين الذاتي للممارسة الإعلامية. وشدد التقرير على ضرورة وضع آليات لضبط حجم الإنفاق الإعلامي والدعائي للحملات الانتخابية للأحزاب السياسية أو المرشحين السياسيين في مصر، ما يحقق العدالة والمساواة والموضوعية بين جميع المرشحين، وضرورة الالتزام بالقواعد المهنية والأخلاقية التي تحدد تقديم وإعداد المناظرات التلفزيونية، لمساعدة الناخبين على المفاضلة بينهم. وأشار التقرير إلى أهمية الالتزام بفترة الصمت الإعلامي في اليومين السابقين على الانتخابات، ما يتيح الفرصة أمام الناخب للتصويت بعيداً من تأثيرات الإعلام. وهو ما لم يلتزم به معظم القنوات الفضائية. وعن تحيز الإعلاميين، ركز التقرير على تحيز الإعلامي تامر أمين مقدم برنامج «تحيا مصر» على قناة «المحور» إلى حمدين صباحي، مؤكداً أنه الأفضل والأكثر احتراماً، ما يخرج عن إطار المهنية والحرفية الإعلامية. كما هاجم توفيق عكاشة في قناة «الفراعين» من دون مبرر المرشح عبدالمنعم أبو الفتوح ووصفه بأنه مرشح قطر وأميركا وتلقى تمويلاً من الولاياتالمتحدة، ولمّح إلى أن أموالاً كانت تصله من لجنة الإغاثة ولا تصل إلى مستحقيها، ما يندرج تحت بند التشويه والدعاية ضد المرشح. وانتقد إبراهيم عيسى عبر قناة «أون تي في» في برنامج «السادة المرشحون» اثنين من المرشحين الإسلاميين وهما محمد مرسي وعبدالمنعم أبو الفتوح، إذ غنى ساخراً منهما ووصف مشروع مرسي الاقتصادي بأنه «كلام ولا في الوهم حاجات زي اللي بتحفظها لابنك في الامتحان». في حين وصف برنامج أبو الفتوح وعمرو موسى بالأسلوب ذاته. وأبرز التقرير تضامن الإعلامي محمود سعد مع المرشح عبدالمنعم أبو الفتوح في برنامج «موعد مع الرئيس» على قناة «النهار»، إذ أكد جدارته برئاسة مصر وهو ما يعني تحيزه. وبعد انتهاء البرنامج ظهر محمود سعد في مشهد يروج فيه للمرشح حمدين صباحي في الإعلانات الخاصة له وقال إنه سينتخبه وهو ما يبرز التناقض فضلاً عن التحيز. أما الضيوف وقادة الرأي في البرامج فوجهوا دعاية مضادة وساندوا مرشحاً بعينه، إذ حاول داعية إسلامي النيل من المرشح أحمد شفيق واتهمه بالظلم والفسق وأنه لا يمكن أن ينجح في انتخابات نزيهة ويكون رئيساً لمصر. كما أشار التقرير إلى اختراق كل من خالد يوسف وبلال فضل ومحمد سلماوي كل المعايير والضوابط في الدعاية لحمدين وأبو الفتوح وعمرو موسى. وأكد التقرير عدم التزام بعض القنوات بفترة الصمت مثل قناة «سي بي سي» إذ استمر برنامج «مصر تنتخب» حتى الرابعة صباح الاثنين، فضلاً عن إعادة حلقة «صدى البلد» في فترة الصمت وعرض موجزات الصحافة والتركيز طويلاً على مرشحين محددين. وخرقت قناة «مصر 25» هذه الفترة بالدعاية لمحمد مرسي وأخرى مضادة ضد شفيق. وكان التقرير الأول للجنة أكد ضرورة صوغ تشريع ينظم ملكية القنوات الفضائية لبعض القيادات والاتجاهات الحزبية السياسية نظراً إلى نمط الملكية الخاص بالقنوات الفضائية التلفزيونية وعلاقته بقيادة الأحزاب السياسية وإدارتها. كما دعا إلى وضع آليات تنظم وتضبط حجم الإنفاق الدعائي في الانتخابات للأحزاب السياسية أو المرشحين السياسيين، ما يحقق العدالة والمساواة والموضوعية بين جميع المرشحين في الانتخابات. يذكر أن اللجنة يرأسها صفوت العالم وتضم في عضويتها الإعلامية ثناء منصور والإذاعي فهمي هويدي والإعلامي محمود سلطان وعصام النظامي والكاتبة عزة هيكل والمذيعة فاطمة فؤاد والكاتب لويس جريس.