ينتظر أن تبت اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية في مصر في طعون قدمها المرشحون حمدين صباحي وعبدالمنعم أبو الفتوح وعمرو موسى ومحمد سليم العوا وخالد علي للمطالبة بوقف إجراء الجولة الثانية من الانتخابات بين مرشح «الإخوان المسلمين» محمد مرسي وأحمد شفيق رئيس آخر حكومات الرئيس المخلوع حسني مبارك، بسبب انتهاكات شهدتها وعرضها المرشحون أمس. ولحق أبو الفتوح وعلي بصباحي وموسى والعوا في المطالبة بوقف العملية الانتخابية والتحقيق في مخالفات شابتها، فيما قرر رئيس محكمة استئناف القاهرة القاضي عبدالمعز إبراهيم ندب قاض للتحقيق في اتهامات ب «الفساد» التي وجهها رئيس الهيئة البرلمانية لحزب «الوسط» النائب عصام سلطان إلى شفيق. وقدمت أمس حملة أبو الفتوح طلباً للجنة الانتخابات لوقف إعلان النتيجة النهائية «بسبب حجم وانتشار المخالفات التي شابت العملية الانتخابات، ما يؤدي إلى بطلان النتيجة النهائية للانتخابات». واجتمعت اللجنة أمس مع الفريق القانوني لصباحي الذي حل ثالثاً بحسب مؤشرات شبه نهائية، للبحث في الطعون التي قدمها. وأوضح الأمين العام للجنة القاضي حاتم بجاتو أن «الطعون التي قدمها المرشحون، بعضها يرصد تجاوزات حصلت في لجان بعينها وبعضها يصيب العملية الانتخابية برمتها، من حيث وجود متوفين في كشوف الناخبين واقتراع مجندين وشرطيين». وقال ل «الحياة» إن «اللجنة ستبحث في تلك الطعون على أن تعلن موقفها خلال ساعات وقبل إعلان النتيجة النهائية» المقررة اليوم أو غداً. وكان صباحي أعلن في مؤتمر صحافي عقده مساء أول من أمس أنه سيتقدم بطعون على نتائج الانتخابات، مؤكداً أن حملته «رصدت تجاوزات وانتهاكات موثقة قام بها عدد من المنافسين لحصد أصوات بطرق غير شرعية»، موجهاً الشكر إلى من شاركوا في الانتخابات، خصوصاً من منحوه ومرشحو الثورة أصواتهم. وأضاف أن «مصر ستظل مع الثورة ومع العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية وستظل تحترم حقوق الشهداء». وأضاف وسط حشد من مؤيديه أنه تقدم بطعون للجنة العليا لانتخابات الرئاسة لوقف إعلان نتائج الانتخابات وإعادة فرز الأصوات في 5 محافظات رئيسة هي المنوفية وسوهاج والمنيا والشرقية وأسيوط، والتحفظ على كل المستندات الخاصة بالتصويت في تلك المحافظات. وقطع الطريق على دعم أحد المتنافسين، قائلاً: «لا أملك توجيه ملايين الناخبين الذين اختاروني ولن أدخل في مساومات ولا مفاوضات مع أي من الطرفين اللذين قد يخوضان جولة الإعادة... لو جاءت نتيجة الطعون بغير ما نتوقع، فيكفي أن مصر اختارت المستقبل والعدالة». وزاد التنافس الانتخابي بين مرسي وشفيق على أصوات القوى المدنية، لا سيما بعدما أبدت أحزاب انفتاحاً على الحوار مع شفيق، فيما لاقت الدعوة إلى أطلقها النائب عمرو حمزاوي إلى انسحاب مرسي من السباق الرئاسي ليدخل صباحي بدلا منه قبولاً كبيراً لدى أوساط ليبرالية ويسارية، غير أن الإسلاميين انتقدوها بعنف، قبل أن تؤكد لجنة الانتخابات عدم جواز الخطوة. وتساءل الناطق باسم حزب «النور» السلفي نادر بكار: «لماذا لم نقترح انسحاب شفيق لمصلحة صباحي مثلاً؟»، قبل أن يجيب: «نظن أن ذلك غير ممكن واقعياً... مازلت أكرر أنه سهل علينا إن شاء الله أن نتوحد جميعاً في خندق الثورة، دعونا نجلس على مائدة واحدة يصارح كل منا صاحبه بمخاوفه، ونتغلب عليها معاً كما استطعنا أن نتغلب على نظام كامل من قبل». ودعا «الإخوان» إلى «أن يوجهوا خطابهم الآن إلى الشعب المصري بكل طوائفه لطمأنته وإزالة ما ترسب لدى بعض أفراده خلال الفترة الماضية من آثار سلبية». وكان مرسي عقد اجتماعاً أمس مع بعض القوي السياسية والشخصيات العامة لكنه لم يتمخض عنه انجاز أي توافقات، بل كان «مجرد جلسة استماع» خرج بعدها مرسي في مؤتمر صحافي ليؤكد أنه عندما اختاره المصريون في الانتخابات «اختاروا مصر الجديدة الديموقراطية معبرين عن وعي ورغبة في المضي قدماً». وقال إن «الشعب صاحب إرادة ويعي كيف أهدر نظام مبارك وعصابته مواردنا الضخمة». وأوضح أن الاجتماع «شهد تشاوراً في شأن ما يمكن التوصل إليه وآليات العمل ووسائل التعاون الحقيقي لعبور هذه المرحلة لإسقاط النظام ومرشحه والعبور بمصر وبحقوق المصريين إلى الأمام، وسندوس بالأقدام على رؤوس بقايا النظام السابق». وسعى إلى طمأنة المتخوفين من وصوله إلى الحكم، مبدياً انفتاحه على تعيين نواب أو مستشارين من مرشحي الرئاسة الذين خرجوا من السباق. وقال: «الرئاسة ليست فرداً واحداً وإنما ستكون مجلساً رئاسياً، والحكومة ستكون ائتلافية وليست لحزب واحد، والدستور سيعبر عن الشعب، وكذلك الجمعية التأسيسية ستعبر عن تيارات مختلفة، وللمرة الأولى يضع الدستور المصريون بأنفسهم بعد أن يستفتوا عليه بالموافقة أو الرفض». وأضاف: «من الممكن أن يكون هناك نائب أو أكثر وليس بالضرورة أن يكونوا من الحرية والعدالة وكذلك رئيس الحكومة». وأبدى استعداداً لإجراء تعديلات على برنامجه الرئاسي، وقال إن «مشروع النهضة هو مقترح وليس نهائياً، فهو مشروع لكل القوى الوطنية ويمكن أن نضم فيه مشاريع مرشحين آخرين وأحزاب أخرى، وسنتفق على أن يدمجوا معه في الفترة المقبلة، ومتفقون على أننا سنتحرك سوياً جميعاً للوقوف صفاً واحداً ضد من يتصور أنه يخدع الشعب المصري، مهما كانت وسائله الماكرة وخدعه السياسية... سقط معظم النظام ولكن بقي له أزلام». وأوضح أنه سيترك حزب «الحرية والعدالة» ورئاسته، مؤكداً أنه بعد فوزه «ستكون علاقتي بالإخوان كباقي علاقة المصريين بالجماعة، فالمصريون خيارهم واضح مع الثورة والحرية والديموقراطية». وقال: «كنت حريصاً على دعوة الجميع لحضور الاجتماع التوافقي للوصول إلى بر الأمان، وأن اتصل بالمرشحين وحملاتهم، لكن الوقت كان ضيقاً ولم يبدِ أحد رفضه الحضور، واليوم لقاء أولي ولكن هناك لقاء آخر، وحريص على أن أمد يدي للجميع، ولكل إخواني مرشحي الثورة، وسأسعى بكل جهد وقوة إلى مشاركة حقيقية مع هؤلاء ليس بالكلام، ولكن بالفعل». وأكد أن «القوى الوطنية ليس بينها اختلاف جوهري أو حقيقي على محتوى الدستور وحقوق المواطنين والمساواة بينهم موجودة في أبواب الدستور وسأحميها... سأكون رئيساً لكل المصريين احترم الدولة الدستورية، وسأكون بجوار كل صاحب رأي وسأكون أباً أو أخاً لكل المصريين بغض النظر عن لونهم أو عرقهم، وما أقوله في رقبتي».