أعلن وزير المال الكويتي مصطفى الشمالي ليل الخميس استقالته من منصبه في نهاية جلسة ماراتونية ناقش خلالها مجلس الأمة (البرلمان) الاستجواب المقدم ضده حول ثمانية محاور تتصل بتجاوزات مالية وقانونية وإدارية. وجاء إعلان استقالة الوزير من على منصة الاستجواب بعد أن حاصره نواب المعارضة باتهامات كثيرة مثل «التغاضي والسكوت عن تجاوزات وسرقات كبيرة في المال العام» من دون اتهامه شخصياً بأي تجاوز مالي. وشهدت الجلسة التي استمرت حتى التاسعة ليلاً تقديم 10 نواب طلباً بحجب الثقة عن الشمالي لكنه استبق هذا الطلب بإعلان استقالته في الجلسة التي شهدت مساجلات ساخنة ومشادات بين نواب المعارضة من جهة وبين الوزير ونواب الأقلية المساندة للحكومة. ومن المتوقع بت استقالة الشمالي رسمياً غداً الأحد، لكن موضوع خلافته سيكون محل جدل كبير بين المعارضة المطالبة بالإصلاح وبين قوى القطاع الخاص الكويتي النافذة والتي ستضغط من اجل وزير يراعي مصالحها. وتحدث النواب المستجوبون الثلاثة، عبدالرحمن العنجري وخالد الطاحوس ومسلم البراك، خلال جلسة الخميس عما اعتبروه «تغاضي الوزير عن فساد كبير وتنفيع وتجاوزات بمئات الملايين» في عشرات الملفات، خصوصاً تلك المتعلقة باستثمارات «المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية» و «الهيئة العامة للاستثمار». وتدير هاتان الجهتان معظم ممتلكات الحكومة الكويتية في الخارج والتي تصل إلى نحو 350 مليار دولار. وكان لافتاً ما أشار إليه النائب العنجري من «مساهمة مؤسسة التأمينات في شركة كي. جي. أل. التي أفادت تقارير أميركية بأنها تورطت في رفع الحظر عن البرنامج النووي الإيراني عبر تمويل احد المشاريع في طهران». وشركة «كي. جي. أل.» كويتية يملكها تجار شيعة. وتحدث العنجري عن «تجاوزات خطيرة في مؤسسة التأمينات الاجتماعية وخسائر تكبدتها في السوق الأميركية بأكثر من مليار دولار بسبب سياساتها المتهورة وتورطها في المضاربات، بينما مؤسسة التأمينات هي أموال المتقاعدين»، معتبراً أن مدير المؤسسة فهد الرجعان «محمي من قبل أقطاب سياسيين». ثم تحدث النائب الطاحوس فركز على الإدارة العامة للجمارك واتهم الشمالي بأنه «أخل بمسؤولياته في الإدارة العامة للجمارك وساهم في دخول سلع مهربة للبلاد وارتفاع الأسعار»، وأشار إلى «دخول سفينة محملة بالخمور وإغراق البلد بالخمور». وتطرق إلى ملف «أملاك الدولة»، فقال إن السنوات الخمس التي تسلم خلالها الوزير الشمالي مسؤولية هذه الأملاك «كانت كلها تعدياً على الأملاك من قبل سراق المال العام». وأورد عدداً من الأمثلة عن بيع وتأجير عقارات كبيرة مملوكة للدولة بأسعار زهيدة، وقال «وزير المال لم ينتصر يوماً للقانون بل للمتنفذين وسلم المواطنين للبنوك ضحية». ثم تكلم النائب البراك فركز على إساءة استغلال أراضي الدولة من خلال «شركة المشروعات السياحية» وتطرق إلى عقد بين شركة «سيمنز» الألمانية ووزارة الكهرباء الكويتية، وقال إن «الشركة الألمانية اعترفت قبل فترة بالتورط في دفع رشاوى فيه»، وأن وزير المال «مسؤول عن التفريط بمبلغ 60 مليون دولار من حقوق الكويت». كذلك تناول ما اعتبره «تجاوزاً وتنفيعاً للمتنفذين» في مشروع محطة «الزور» لإنتاج الكهرباء. ورفض الوزير الشمالي اتهامات النواب ورأى أن « الاستجواب انحرف عن الغاية الأولى التي تسعى إليها كل سلطات الدولة في تصرفاتها وهي تحقيق المصلحة العامة، إلى الانتقام وتصفية الحسابات مع وزير المال وبعض معاونيه بعدما فشل مقدمو الاستجواب فشلاً ذريعاً في إثبات مزاعمهم الباطلة». وأشار الوزير إلى أن اللجنة البرلمانية المالية في المجلس السابق كانت نظرت في كثير من الملفات التي طرحها المستجوبون وقررت عدم وجود أي مخالفات فيها. ثم تكلم بعد ذلك ثلاثة نواب يؤيدون الاستجواب وثلاثة يعارضونه قبل أن يعلن الشمالي استقالته، ومع ذلك تقدم 10 نواب بطلب رسمي لحجب الثقة عن الوزير.