تشهد إسرائيل حملة شعواء ضد العمال الأفارقة الذين يتسللون عبر الحدود المصرية منذ العام 2005، وترتفع أصوات مطالبة بتهجيرهم فوراً، ومهددة بأنهم سيكونون عرضة للاعتداء الجسدي في حال لم تتحرك الشرطة لإبعادهم عن الأحياء السكنية. وتأتي هذه الحملة في وقت انتقدت منظمة «العفو» الدولية (آمنستي) في تقريرها السنوي الجديد، السياسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، خصوصاً مواصلة الاستيطان في الضفة الغربية والقدس المحتلة، واستمرار حصار غزة الذي «أدى إلى خنق الاقتصاد المحلي وأطال عمر الأزمة الإنسانية القائمة»، معتبرة أن الحصار «يشكل انتهاكاً للقانون الدولي، ونوعاً من أشكال العقاب الجماعي». وكانت تظاهرات عدة ضد العمال ألأفارقة نُظمت في تل أبيب ومدن كبرى في اليومين الأخيرين، سجلت خلالها اعتداءات جسدية دموية على عدد من العمال، في وقت رفع المتظاهرون شعارات تهاجم رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو بداعي عدم تحركه لتهجير الأفارقة، وأخرى عنصرية على خلفية عروبة الأفارقة من السودان، وثالثة تتهم العمال الأفارقة بارتكاب مخالفات جنائية، مثل الاغتصاب والسرقة. وشارك في التظاهرات نواب من اليمين المتطرف ورؤساء بلديات. غير ان هذه التظاهرات أثارت جدلاً داخل إسرائيل بين مؤيد ومعارض، فعلى المستوى الرسمي، أعلن وزير الداخلية إيلي يشاي أنه ينبغي وضع كل المهاجرين الأفارقة غير الشرعيين «وراء القضبان» و«بعدها إرسالهم الى بلادهم لأنهم يأتون لأخذ عمل الإسرائيليين»، مضيفاً: «يجب حماية الطابع اليهودي لدولة إسرائيل». وتابع أنه في حال لم تتصرف الحكومة، فإن المهاجرين غير الشرعيين «سيصبحون نصف مليون أو حتى مليون، ولن نقبل بخسارة بلدنا». ووصفت النائب المتطرفة من «ليكود» ميري ريغيف العمال السودانيين ب «السرطان في جسد إسرائيل»، كما دعا النائب «الليكودي» داني دانون الى ترحيل العمال غير الشرعيين فوراً، فيما دعا رؤساء ست بلديات كبرى في إسرائيل الحكومة إلى ترحيل المتسليين أو حبسهم «من دون الاعتذار عن هذا التعامل معهم». على خط مواز، ندد رئيس الكنيست رؤوفين ريبلين بالتصريحات العنصرية التي ترددت خلال تظاهرة تل ابيب، ودعا النواب إلى تهدئة الخواطر وليس إلى إذكاء المشاعر. اما رئيس بلدية تل أبيب رون حولداي، فأشار في حديث للإذاعة إلى أنه في حال «سمحت الحكومة للمهاجرين غير الشرعيين بالاستقرار في تل أبيب، فيجب علينا تمكينهم من العيش من خلال السماح لهم بالعمل». وقال مسؤول حركة «سلام الآن» ياريف اوبنهايمر إنه طلب من المدعي العام ملاحقة النائبين دانون وريغيف بتهم «التحريض على الكراهية العرقية». وتقدّر السلطات الإسرائيلية عدد المتسللين الأفارقة بنحو 60 ألفاً، غالبيتهم من السودان وأريتريا، ورفضت غالبية الطلبات المقدمة إليها للإعتراف بهم «لاجئين»، لكنها تفادت تهجيرهم تماشياً مع الرأي القانوني لمفوضية اللاجئين في الأممالمتحدة بأنه لا يجوز لدولة لجأ إليها متسللون ترحيلهم طالما لا يسود الهدوء بلدهم، «بل يجب منحهم حماية جماعية إنسانية موقتة». وكانت إسرائيل أقامت قبل نحو عام منشأة اعتقال خاصة للمتسللين الأفارقة وزجت داخلها نحو ألفين منهم، كما بدأت ببناء جدار على طول الحدود مع مصر لمنع تسلل الأفارقة. ويعتزم المستشار القضائي للحكومة يهودا فاينشتاين تقديم رأي قانوني لمحكمة إسرائيلية تنظر في ملف ترحيل أفارقة متسللين يفيد بأنه يجوز لإسرائيل قانونياً ترحيل نحو 700 متسلل من جنوب السودان إلى بلدهم بداعي أن الوضع في الدولة الجديدة مستقر. وكانت المحكمة أرجأت اتخاذ قرارها بترحيل هؤلاء بعد أن التمست إليها منظمات حقوقية إسرائيلية اعتبرت أن الترحيل مناف لتعليمات الأممالمتحدة، ويمس مساً خطيراً بحقوق الإنسان، مشيرة إلى أن جنوب السودان يشهد أزمة إنسانية وفقراً خطيراً، وأنه إلى الآن لم تتم تسوية الخلاف على الحدود مع السودان، ما ينذر باستئناف الحرب هناك.