بيروت، لندن - «الحياة»، أ ف ب - بعد جدال داخلي، وافق «المجلس الوطني السوري»، أكبر تكتلات المعارضة السورية على استقالة رئيسه برهان غليون، التي قدمها قبل أيام، طالباً منه مواصلة مهماته إلى حين اختيار رئيس جديد في اجتماع يعقد في حزيران (يونيو) المقبل، متعهداً بالحفاظ على وحدته وإنجاز مشروع لهيكلة نظامه الأساسي. وجاء قبول الاستقالة بعد تسريبات أن «المجلس الوطني» ظل منقسماً حتى الساعات الأخيرة حول قبول استقالة غليون، ففي حين رأى أعضاء داخل المجلس أنه سيكون من الصعب على أي شخصية نيل الدعم الكامل من كل أعضاء «المجلس الوطني»، شدد أعضاء داخل المجلس على أهمية «تداول» المنصب بين الأطياف المختلفة بعد تزايد خطاب «الإقصاء» و»التهميش» و»غلبة الرأي الواحد». ومع قبول استقالة غليون، سيكون التحدي أمام الرئيس الجديد تجميع كل أطياف المعارضة الداخلية والخارجية في إطار المجلس وإنهاء الخلافات الحادة داخله، حتى يتسنى له تقديم بديل معارض مقبول للمجتمع الدولي والداخل السوري. وجاء في بيان صادر عن المكتب التنفيذي ل»المجلس الوطني السوري» أن أعضاء المكتب عقدوا دورة اجتماعات جديدة في مدينة إسطنبول التركية، خلال الفترة ما بين 21 و23 أيار (مايو) الجاري، لمناقشة «الوضع الميداني في سورية وسبل دعم الكتائب الميدانية والحراك الثوري وتوفير الوسائل اللازمة لتعزيز ثورة الشعب». وناقش المكتب التنفيذي رسالة غليون التي وضع فيها استقالته ودعوته الهيئة العامة للاجتماع من أجل إنجاز مشروع الهيكلة وتعديل النظام الأساسي وإصلاح أوضاع المجلس الوطني، وقرر قبول الاستقالة والطلب منه مواصلة مهماته إلى حين انتخاب رئيس جديد في اجتماع الأمانة العامة في التاسع والعاشر من حزيران المقبل في إسطنبول. كما تقرر إنجاز مشروع التوسعة وإعادة هيكلة المجلس الوطني وتعديل النظام الداخلي ودعوة الهيئة العامة خلال شهر. وكان غليون، وهو أكاديمي بارز من مدينة حمص ويعيش حالياً في باريس، قد تقدم باستقالته من قيادة «المجلس الوطني» الأسبوع الماضي، بعد أيام على انتخابه لدورة ثالثة، ما أثار ردود فعل غاضبة في صفوف عدد من مكونات المجلس، وبخاصة تلك التي تنشط في داخل سورية. وجاءت الاستقالة تجنباً لمزيد من الانقسام، بعد انتقادات حول هيمنة جماعة الإخوان المسلمين على قرار المجلس الذي يضم غالبية المعارضين لنظام الرئيس بشار الأسد. وقال غليون في رسالة الاستقالة إن الخطوة تأتي منعاً «لأي فراغ أو خلاف، واستجابة لنداء الثورة والثوار، وتأكيداً على السعي الجاد لطي صفحة الماضي وتأهيل المجلس لمواكبة الثورة»، مشدداً «لن أقبل أن أكون بأي شكل مرشح الانقسام. وأنا لست متمسكاً بأي منصب». إلى ذلك أفاد بيان «المجلس الوطني» بأن النقاش الذي دار أول من أمس شمل أيضاً «مضاعفة عمليات الإمداد، وزيادة مخصصات الإغاثة للمناطق المنكوبة بفعل جرائم النظام، وتقديم العون لقرابة مليوني لاجئ ومهجر في سورية ودول الجوار،» مشيراً إلى اتخاذ «جملة من الإجراءات والقرارات في هذا الشأن،» دون أن يفصح عن طبيعتها. وناقش المجتمعون كذلك، وفق بيانهم، «الواقع السياسي والتحركات ذات الصلة بمبادرة الجامعة العربية والأمم المتحدة، وأكد في هذا الإطار أن رفض النظام التجاوب معها ومواصلته عمليات القصف والقتل والاغتيال يمثل محاولة مقصودة لتقويضها.» ودعا المكتب التنفيذي للمجلس الوطني المجتمع الدولي إلى «التحرك العاجل لإقرار آلية جديدة عبر مجلس الأمن الدولي ترغم النظام على وقف جرائمه،» مضيفاً أن النظام «لا يمكن أن يستجيب إلا لمنطق القوة». وكان العديد من القوى المشاركة في المعارضة السورية قد اشتكى خلال الفترة الماضية من الضعف في عمل المجلس وكثرة الانقسامات في صفوف الكتل المكونة له، إلى جانب استمرار وجود قوى معارضة خارجه، في الوقت الذي كان فيه المجتمع الدولي يدعو إلى الوحدة بين المعارضين السوريين كشرط للاعتراف بهيئاتهم التمثيلية. يشار إلى أن «المجلس الوطني السوري»، الذي أعلن تأسيسه مطلع تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، يضم المعارضة السورية في الخارج، ومن أهم مكوناته الإخوان المسلمون وإعلان دمشق للتغيير الديموقراطي، إضافة إلى مستقلين. ويمكن أن يكون انتخاب رئيس جديد للمجلس ضرورياً لكسب الاعتراف الدولي بالمجلس الوطني السوري ويهدئ مخاوف الغرب من صعود الإسلاميين كقوة رئيسية في الانتفاضة الشعبية. وفي باريس، قال الناطق باسم الخارجية الفرنسية برنارد فاليرو إن السلطات الفرنسية أخذت علماً بقبول المجلس الوطني لاستقالة غليون، موضحاً أن «أمر اختيار ممثلي المعارضة السورية التي تتولى دوراً دقيقاً في تطبيق الانتقال السياسي الذي تطمح إليه يعود إلى المعارضة نفسها». وأضاف فاليرو أن فرنسا تحث هيئات المجلس الوطني على العمل على إصلاح المجلس بهدف تعزيز شموليته وصفته التمثيلية. وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إن الوضع في سورية سيكون موضع بحث مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يزور باريس الأسبوع المقبل برفقة وزير الخارجية سيرغي لافروف. وأشار فابيوس إلى أن المحادثات مع بوتين ستتناول مهمة المبعوث الخاص للأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي أنان وإن الحوار ينبغي أن يكون مستمراً بهذا الشأن. وعن الاجتماع المرتقب لأصدقاء سورية في باريس قال «إن هذا الاجتماع سيعقد ولكن موعده لم يحدد بعد»، وإن اتصالات وثيقة تتم مع أنان حول الوضع السوري.