تحولت شهادة الطيران التي حصل عليها محمد إبراهيم رمضان الصالح، بعد 14 عاماً من الدراسة، إلى «سراب» أو في أحسن الأحوال إلى أداة من أدوات «الزينة» على جدران غرفته. ويشكو الصالح، الذي يعمل براتب شهري يبلغ نحو ألفي ريال، في مجال لا يمت إلى الطيران بصلة، من «ضياع أعوام الغربة، ومئات الآلاف من الريالات»، التي أنفقها خلال دراسته الطيران في الأردن. تخرج محمد من الثانوية العامة بعد 12 عاماً من الدراسة، فرحاً بتفوقه. وكان حلمه دراسة الطيران، إذ كان يراوده منذ الصغر، فقرر السفر إلى الأردن لدراسة الطيران هناك. والتحق بكلية الطيران الملكية الأردنية هناك. وكان السعودي الوحيد بين طلاب الكلية. وقال محمد ل«الحياة»: «تكفلي والدي وشقيقتي بجميع مصاريف دراستي في الكلية، التي بلغت 800 ألف ريال، حتى حققت حلمي في دراسة الطيران». وحاول الصالح الالتحاق بالبعثة ضمن برنامج «خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي»، إلا أن الملحقية الثقافية في السفارة السعودية أبلغته أن «دراسة الطيران غير معتمدة ضمن البعثات»، مضيفاً: «كان يدرس معي طلاب من دول مجلس التعاون الخليجي، وكانوا يدرسون على حساب دولهم، وقامت سفاراتهم بعمل حفلات تخرج لهم. كما حصلوا على وظائف فور عودتهم إلى بلدانهم». وأضاف الصالح: «كنت في كل يوم يمضي علي في الغربة، أحلم باليوم الذي أعود فيه إلى أرض الوطن. وكنت أعد الليالي والأيام حتى جاء يوم الحصاد، وتسلمت شهادتي. وكان طموحي كبيراً جداً. فكنت أنتظر مستقبلاً مزهراً بعد حصولي على الشهادة، التي قضيت للحصول عليها عامين، وحصلت على 280 ساعة طيران، على نوع PaiPer28، TB20. إلا أن محمد يقر بأن حلمه أصبح «سراباً»، لافتاً إلى أن «شهادة الطيران أصبحت تُزين حائط غرفتي فقط. وأصبحت طياراً عاطلاً، وهو شيء محزن للغاية»، فلم يجد محمد أية فرصة عمل، على رغم محاولاته الحثيثة في البحث عنها. ويعمل الصالح اليوم في شركة براتب ألفي ريال، متعاقدة مع جامعة الملك فيصل. وأضاف: «تبخرت جميع أحلامي، كما ذهبت أعوام الدراسة والغربة ومصاريفها الباهظة»، متمنياً من هيئة الطيران المدني «أن تجد لي مكاناً بين زملائي الطيارين، إذ إنني قمت بمعادلة شهادتي في جدة، وحصلت على بطاقة الطيران، التي أجددها كل ستة أشهر. ولكنني أعيش البطالة». يذكر أن مرسوماً ملكياً صدر قبل نحو تسعة أعوام تضمن نظام الطيران المدني، نص في المادة 45 ضمن بند الترخيص وهو عبارة عن «موافقة تُصدرها الهيئة لشخص طبيعي أو معنوي، لمزاولة نشاط معين يدخل في نطاق اختصاصها». فيما تنص المادة 46 للهيئة «الإجازة»، وهي عبارة عن شهادة أو رخصة تمنحها أو تعتمدها الهيئة للعاملين في قطاع الطيران المدني كأطقم الطائرات والصيانة والمراقبين الجويين وغيرهم، ممن تتطلب طبيعة عملهم حيازة شهادة أو رخصة وفقاً لمستويات مقررة دولياً.