جميع ما كان يملكه ذهب أدراج الرياح، وعائلته تعيش على 500 ريال في الشهر، يقدمها لهم أحد أصدقائه بحسب إمكاناته. أما هو فيقبع خلف القضبان، وقلبه يعتصر «ألماً». لكن أبو عبدالله يقول: «لن اعترض على حكمة ربي، وحال خروجي سأبدأ من الصفر»، مضيفاً: «كانت أسرتي المكونة من أربعة أفراد زوجتي وثلاثة أبناء، أكبرهم يبلغ العاشرة من العمر، وأصغرهم ثلاث سنوات، يعيشون حياة رغيدة، أما الآن فأصبحوا بالكاد يستطيعون العيش». ولا تكاد صورة أسرته تفارق مخيلته وهو بعيد عنهم، خصوصاً أن زوجته مصابة ب«فقر دم حاد». ويتابع: «لا أعلم كيف يمضون يومهم؟ وهل ناموا جياعاً؟ وهل الكهرباء قُطعت عنهم؟ بعد أن تخلى عني أقرب الناس إليّ، فانهارت مشاريعي، وضاع كل ما أملك، بسبب مشروع دخلته مع شريك، تكبدنا بسببه الكثير من الخسائر، ليختار الله شريكي في حادثة مرورية، وأتحمل أنا كامل الديون، ورأيت القريبين مني يبتعدون عني، ظناً منهم أنني سأطلب منهم أموالاً، لأكمل بها سداد الدين، الذي تبقى منه 139 ألف ريال، لا أملك منها حالياً سوى 25 ألفاً فقط، وهي قيمة سيارتي الخاصة». ويتمنى أبو عبدالله أن يتحرر من سجنه ليشرع في البحث عن وظيفة مناسبة، تضمن له ولأولاده «العيش الكريم، وبدء صفحة جديدة من حياتي. وأنا أشعر بأن عمري يتلاشى وأنا خلف القضبان منذ سنة وثلاثة أشهر، وكما هو متعارف عليه أن المديونيات لا يتم إصدار أحكام في قضاياها، وإنما يتم إيقافه في السجن لمدة أربعة أشهر، فإن سدد، وإلا مُدد الإيقاف لأربعة أشهر أخرى، وهكذا». ويؤرق البحث عن وظيفة أبو عبدالله ويشغله كثيراً «مشروعي الحلم تحطم أمام عيني، ووظيفتي تم فصلي منها، بسبب دخولي السجن، وكنت سابقاً مديراً لشؤون الموظفين في إحدى الشركات في مدينة الخبر، وحصلت على هذه الوظيفة بعد إنهاء دراستي الجامعية، وحصولي على البكالوريوس في تنمية الموارد البشرية، وأكثر من 36 دورة تدريبية في مجال العمل». ولكنه تنفس الصعداء، بعد أن تذكر أن لديه أموالاً يجب عليه تحصيلها لسداد بقية المديونية، «لدي أموال أرغب في تحصيلها، إلا أنني لن أتمكن من ذلك وأنا في السجن، ولدي ما يثبت ذلك، ولأنني وحدي، لم أتمكن من الاعتماد على أحد لتحصيلها». وكان مجمل الدين المترتب عليه 364 ألف ريال، وتبقى منه 139 ألفاً. وكله أمل أن «يتدخل أهل الخير في إخراجي من سجني لأعود إلى أبنائي». إلا أنه أكد بذله محاولات عدة داخل السجن «لاستكمال السداد»، مبيناً أن هناك «صكوكاً شرعية بمبلغ 300 ألف ريال، على المدينين ردها إليّ، إلا أنني لا أستطيع المطالبة وأنا داخل السجن. وهناك مبلغ يفوق مئة ألف ريال، وطالبت به وأنا داخل السجن، وتم إصدار الحكم ضد المدين بالسداد خلال شهرين، إلا أن ذلك لم يتحقق إلى الآن. ويستمر المطلوب بالسداد في المماطلة، إلا أن خروجي يهون الكثير، مع إلزامي بالسداد، وتمكني من تحصيل أموالي». وأبان أنه «بمجرد تسلم الصك الشرعي، سأتوجه به إلى الحقوق المدنية، وأطالب بالسداد، إلا أنني أقف عاجزاً أمام كل ما مر بي، فيما أبنائي لا يغيبون عن مخيلتي، وزوجتي التي قد تناوبها آلام فقر الدم، ولا يوجد أحد بجانبها، وأمام من كنت أقف بجانبهم سابقاً، وقد تخلوا عني الآن. وهناك دين في رقبتهم لي».