ترمي زيارة مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو المفاجئة طهران، التي تهدف- وفق مسؤوليها- إلي زيادة مستوي التعاون بين الجانبين عشيةَ اجتماع بغداد، إلى إثبات الأوهام التي وقعت فيها الوكالة، فقد أصرّ أعضاء وفدها خلال اجتماعهم بالوفد الايراني يومي 14 و15 أيار (مايو) الجاري، علي السماح لفرق التفتيش التابعة للوكالة بتفقد المواقع العسكرية الإيرانية، لكن طلبهم جوبه بطلب مقابل من طهران بتقديم الوثائق التي تستند إليها الوكالة في الطعن بسلمية البرنامج الإيراني. فالمواقع العسكرية تعتبر من أسرار البلد، ويتعارض تفتيشها مع النظام الداخلي للوكالة. ولا يسع إيران البتة الاستخفاف بأهمية ما أوردته صحيفة «در شبيغل» الألمانية، من أن مساعد مدير الوكالة السابق أولي هايونن، كان يعمل لمصلحة الاستخبارات الأميركية. واتفق الجانبان في فيينا علي استمرار المحادثات التي كان من المقرر ان تعقد في 21 الجاري، وتمّ الإجماع علي تقديم الوثائق التي تستند اليها الوكالة في المزاعم المتداوَلة ليدرسها الجانب الإيراني ويُبدي الرأيَ فيها ويقوِّم بالتالي إمكان تفقد المواقع العسكرية. وأعلن مندوبو الوكالة أنهم لن يقدِّموا كل الوثائق، وسيكتفون بتقديم بعضها، وبالسماح بإلقاء نظرة على وثائق أخرى من دون تصويرها أو الاحتفاظ بنسخ منها، كما أن بعضاً آخر منها (الوثائق) لن يُعرض على الجانب الإيراني. وألغى أمانو الاجتماع المقبل، وقرر زيارة ايران في موعد اجتماع فيينا. خطوة أمانو هذه مؤشر الي نوايا غير سليمة لإثبات المزاعم الغربية بأن إيران لا تتعاون، ولمنح الجانب الغربي ذريعة للضغط عليها. وجليٌّ أن الوكالة الدولية، التي تسيطر على مقاليدها الولاياتالمتحدة، لا تملك الى اليوم وثيقة تدل علي انحراف البرنامج الإيراني (عن الأهداف المدنية)، وأن إلغاء اجتماع فيينا يرمي إلي إنقاذ الوكالة من الحرج والسعي الى زيادة أوراق الجانب الغربي التفاوضية في اجتماع بغداد. وأضافت الوكالة الدولية إلى اتهاماتها مزاعم الاستخبارات الأميركية والتي استندت الي معلومات مستقاة من جهاز كمبيوتر لأحد الفنيين الإيرانيين مسروق. ووفق المعلومات هذه، تُجري ايران انشطة نووية في احد المواقع العسكرية، وهو الذي تصرّ الوكالة علي تفقده، من غير ان تميط اللثام عن تفاصيل المعلومات التي تملكها ما يتناقض مع قوانين الوكالة ومواثيقها. وطرح الفريق الإيراني المفاوض عدداً من الأسئلة القانونية أمام الوكالة الدولية، أهمها: هل هي مستعدة للاعتذار من الشعب الإيراني اذا ثبت زيف هذه الوثائق؟ وهل هي مستعدة للتعويض عن المعاناة التي تتحملها إيران نتيجة تداول مثل هذه الادعاءات؟ وهل ستعترف بالخطأ الذي وقعت فيه اذا ثبُت زيف الوثائق المقدمة؟ وجاءت أجوبة فريق الوكالة علي هذه الأسئلة بالنفي، وهو الدليل البيِّن على ان الوكالة وفرق التفتيش التابعة لها لا تستند إلي أسس قانونية وفنية في تعاملها مع إيران، بل علي أسس سياسية. صور الغرفة الحديد التي تريد الوكالة معرفة طبيعة استخدامها، التقطتها الاقمار الاصطناعية، وما سُرِّب منها هو بمثابة صور مرسومة ببرامج كمبيوتر، من دون الاستناد إلى أي معلومات فنية أو قانونية. ويبدو أن السيد أمانو أراد من إلغاء اجتماع فيينا والتوجه الي طهران إعطاء ذريعة جديدة الى الدول الغربية. والخطوة هذه تمنحنا الحق في تحذيره من اللعب في ملعب اللوبي الصهيوني (ايباك)، وحري به ألاّ يخدم في اجتماع بغداد مصالح الصهاينة التي تخالف مصالح الشعبين الأميركي والأوروبي. * رئيس تحرير الصحيفة، عن «كيهان» الإيرانية، 20/5/2012، إعداد محمد صالح صدقيان