كشف وزير العدل رئيس المجلس الأعلى للقضاء الدكتور محمد العيسى، عن درس وزارته الاستعانة بنساء سعوديات في المجال القضائي، مؤكداً أن المواعيد في المحاكم ستتقلص من 6 أشهر في المدن الكبرى إلى أقل من شهرين قريباً. وقال العيسى رداً على سؤال ل«الحياة»، عن إمكان إشراك المرأة في الإسناد القضائي نظراً إلى قلة عدد القضاة: «الإسناد القضائي قيد الدرس»، لافتاً إلى وجود أقسام نسائية مستقلة عن الرجال في مرفق القضاء، يعملن على تقديم المساعدة للنساء لا سيما في الجوانب الإرشادية والاستشارية والتوجيهية المتعلقة بالعدالة. وأطلق وزير العدل مسمى محاكم «التعقيب» على المحكمة القضائية تحتكم لقرارات القضاة في فض المنازعات، لكنه لم يبين تفاصيل ما إذا كانت تلك المنشأة جديدة أم أنها «هيئة التمييز» ذاتها التي تناط بها هذه المهمة حالياً. وفي إشارة إلى مواجهة الوزير معارضة لتطبيق التقنين والتدوين في الأحكام الشرعية بالمحاكم، قال وزير العدل: «البعض يقول إن الثراء العلمي من القاضي ودراسته العلمية يحجر عليه التدوين أو التقنين، وبذلك نقضي على استطلاعه العلمي وبحثه ونجعله كالآلة يطبق مادة، وهذا عارٍ من الصحة جملة وتفصيلاً، فالتقنين طريق وبصيرة للقاضي وقدرته في تكييف الواقعة وإنزالها على هذه المادة، وهذا عمل عظيم وجهد كبير لمسنا أهميته في القضاء، والجانب الآخر أنه ليس محجوراً عليك أن تختار رأياً آخر، لكن عليك أن تضع سبباً لحكمك.. أيها القاضي الكريم اكتب ما تريد وسبّب في الأحكام فمرد حكمك إلى محكمة التعقيب». وشدد في تصريح صحافي عقب افتتاحه الورشة التأسيسية لكرسي الشيخ سعد بن عبدالله بن غنيم لدراسات تقنين وتدوين الأحكام الشرعية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أمس، على أن الدراسات المتعلقة بتدوين الأحكام القضائية لا تلزم القضاة، وأن مسألة الإلزام يشرعها ولي الأمر وفق ولاية العامة، مؤكداً أن مسألة الإلزام من ولي الأمر تتم في وضع تنظيم يأخذ بتقنيين وتدوين الأحكام القضائية، أما القضاء في أحكامه فهو ينطلق من أحكام شرعية وللقضاء كافة مبادئ الاستقلال مما يفضي في براءة ذمة القاضي بما يصدر منه. وذكر أن مذكرة تدوين الأحكام القضائية تهدف إلى الحد من اختلاف الأحكام القضائية، وأن مسألة الاختلاف في الأحكام القضائية والجدل الدائر حولها «مبالغ فيها». وتابع: «المتأمل في الأحكام القضائية يجد أن الوقائع تختلف، وأن من يعارض تلك المسألة لا يعرف تفاصيل الوقائع وليس متخصصاً من الناحية العلمية أو الممارسات الحقوقية». وأكد تلقي وزارته عدداً من الاستفسارات المتعلقة بمسألة اختلاف الأحكام القضائية، وبالاطلاع عليها تبيّن أن الوقائع تختلف اختلاف جذرياً، ولا لبس فيها. ووصف العيسى في كلمته خلال الورشة، الدراسات المقدمة في السلك القضائي والعدلي عن تدوين وتقنين الأحكام ب«الشحيحة»، وأن هناك محاور بحاجة لشمولها بالدراسة خصوصاً في القضايا المستجدة، مبيناً أن كرسي «بن غنيم لدراسات تقنين وتدوين الأحكام الشرعية» نواة علمية غير مسبوقة، تهدف الوزارة والمجلس الأعلى للقضاء من خلالها إلى ردم أي فراغ علمي في هذا السياق. ولفت إلى أن موضوع التقنين والتدوين يشهد سجالاً، إلا أن هيئة كبار العلماء حسمت النقاش فيه. وقال: «قرار هيئة كبار العلماء الأخير لا يتناقض مع القرار الأول الرافض للتقنين، كون الهيئة كانت ترى في السابق أن الوضع لا يسمح بتدوين الأحكام بينما في الوقت الراهن رأت أهمية التقنين، مما يدل على سعة أفق الهيئة وأعضائها». وأضاف أنه عندما يقال تدوين الأحكام وتقنينها ينصرف الفهم بأنها نشر الأحكام بعد أن تدون، لكن السياق الصحيح هو أنها «المدونة العلمية للأحكام الفقهية» حتى لا يكون هناك لبس وخلط بينها، موضحاً أن وزارته أصدرت أجزاءً وأسمتها «مدونة الأحكام» وستصدر أجزاءً أخرى في الفترة المقبلة، راجياً العاملين في السلك القضائي الإسهام في دعم المدونة بإعداد موادها، مشدداً على أن «التقنين» سيحمي العدالة ويقضي على اختلاف الأحكام في بعض الأحيان. وأكد أن من فوائد مشروع الملك عبدالله لتطوير مرفق القضاء اختصار طول الإجراءات، مضيفاً أن الوزارة ستقلص المواعيد في المحاكم من 6 أشهر في المدن الكبرى إلى أقل من شهرين في القريب العاجل. وأعتبر أن السعودية تعتبر من أسرع الدول في الإنجاز القضائي وهامش التأخير الذي يحدث في بعض القضايا مقبول بالنظر إلى كثير من دول العالم.